إذا كان الحوار الذي دار بين الوفد الصحفي المرافق لبعثة الغرفة الأمريكية إلي واشنطن. وبين المسئولين في الخارجية الأمريكية هو أهم وأخطر الحوارات التي أجريناها طوال الزيارة. فإن لقاءنا بالمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي وممثل المجموعة العربية في الصندوق الدكتور عبدالشكور شعلان. هو الأكثر حيوية وجدلاً علي الإطلاق. لم تعجبه استفساراتنا. ولم تقنعنا إجاباته. وانفعل الرجل. وكاد يترك الحوار ويغادرنا. لأننا لم نصدق ما قاله حول معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في مصر خلال الفترة القادمة. والتي قدرها بأنها قد تتراوح بين 6 و7% خلال سنتين!! وكان مصراً علي أن الاقتصاد المصري بخير وأن الحكومة تؤدي أداء جيدا رغم العقبات والتحديات التي تواجهها. وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان. وكان اعتراضنا.. أن ديون مصر الداخلية والخارجية تتراكم. وانها تعدت الحدود الآمنة وبلغت تريليوناً و400 مليار جنيه وسيتحمل تبعاتها الأجيال القادمة. وأن الدولة التي تبني اقتصادها علي المساعدات والقروض هي دولة هشة. من السهل أن تهتز قواعدها من أول عاصفة أو هبة ريح. سألناه كيف تصف وانت الرجل الخبير بالاقتصاد أداء الحكومة بأنه جيد. في ظل ارتفاع معدلات البطالة إلي 13% والتضخم إلي 9% وعجز الموازنة إلي 202 مليار جنيه. وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتناقص الاحتياطي من النقد الأجنبي وانخفاض الجنيه أمام الدولار. و.. و.. و...؟ هنا انفعل الرجل وقال إن الحكومة لديها برنامج جيد للإصلاح الاقتصادي. وأن تطبيقه كفيل بأن يصلح كل المؤشرات التي تحدثتم عنها. قلنا إن تكلفة الإصلاح باهظة وسيتحملها الغلابة. لأنها تعني إعادة هيكلة الدعم وزيادة الضرائب. وأن برنامج الإصلاح أشبه بالعملية الجراحية. تحتاج جراحاً ماهراً يحسن الإمساك بالمشرط ليشق جسد الاقتصاد المريض. ويخفف عن الغلابة الذين سيصرخون من ألم الجُرح. وكل الدلائل تشير إلي أن الحكومة الحالية لا تفهم في الاقتصاد ولا في الطب ولا في غيره. وأما عن برنامج الإصلاح فإن الذي وضعه هم وزراء سابقون مشهود لهم بالكفاءة والخبرة الاقتصادية علي رأسهم الدكتور كمال الجنزوري والدكتور سمير رضوان والعظيمة فايزة أبو النجا وممتاز السعيد والدكتور فاروق العقدة ولم يتبق منهم إلا الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط الحالي وقد حددوا في وقتها فترات متباعدة لتطبيق البرنامج دون التأثير علي محدودي الدخل. لكن للأسف وكالعادة رفض الإخوان الذين كانوا أغلبية في مجلس الشعب المنحل. فكرة القرض. ثم عادوا وتلهفوا عليه ووضعوا الاقتصاد في هذا الموقف الحرج. ولأن الفترات التي تعقب إجراء العمليات الجراحية هي الأخطر في حياة المريض. فإن المواجهة المرتقبة بين الحكومة والمواطنين عند تنفيذ البرنامج. ورفع الدعم عن البنزين والسولار. وتطبيق التعديلات الضريبية في أول يوليو. ستكون هي الأخطر أمام الحكومة الحالية. فإما أن تصمد ويصبر الشعب علي الجوع. وإما لا قدر الله يحدث ما لا تحمد عقباه ويتلوث الجرح ويموت المريض.. اللهم إنا نسألك الشفاء. وللحديث بقية.