الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أصبح وشيكا.. والبعثة التي زارت القاهرة لمدة 10 أيام ستغادر غدا لوضع اللمسات النهائية علي الاتفاق.. وهو ما يعني ان برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه سيدخل حيز التنفيذ فورا.. وعلينا أن نتوقع إجراءات وقرارات اقتصادية هامة ومصيرية خلال الفترة القادمة.و القرارات المتوقعة قد تكون أيضا قاسية وموجعة لبعض الطبقات خاصة الطبقات غير القادرة التي قد تتأثر في البداية بإعادة تعديل هيكل الدعم. لكن هذه القرارات في النهاية قد تكون ضرورية للإصلاح وانقاذ الاقتصاد الوطني والخروج به من أزمته.و مطلوب من الحكومة لو أرادت أن تنجح في تنفيذ هذا البرنامج أن تعلن صراحة عن تفاصيل الاتفاق والبرنامج الذي سيتم تنفيذه والإجراءات المقرر اتخاذها وأن تجري حوارا جادا مع القوي الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني حتي تتمكن هذه المؤسسات من مساندة الحكومة في تنفيذه والمشاركة في وضع الاقتراحات التي تسمح بتنفيذ الاجراءات المتوقعة بأقل خسائر ممكنة وأن توضح الموقف من هذا البرنامج في حالة رحيلها بعد وضع الدستور وإجراء انتخابات مجلس الشعب القادمة. أخطر ما في الإجراءات المتوقعة هي المتعلقة بالدعم الذي يبتلع 27% من ايرادات الموازنة العامة في الوقت الذي لا يصل لمستحقيه ويذهب منه 40 مليار جنيه للسماسرة والوسطاء ومن المنتظر أن تشمل عملية ترشيد الدعم إعادة النظر في أسعار البنزين والبوتاجاز والسولار ووضع آلية جديدة للتعامل مع دعم رغيف الخبز. بالإضافة إلي الاجراءات الضريبية التي وافق عليها مجلس الوزراء منذ أيام.. وعلي الحكومة أن تتعامل مع هذا الملف باحترافية وأن تتحسس موقعها حتي لا يتضرر الملايين من المستفيدين بهذا الدعم وان توافر البدائل التي تخفف المعاناة عنهم خلال المرحلة الأولي من تنفيذ البرنامج. الاقتصاد المصري يعاني من فوضي رهيبة في هيكل الأجور ومن بطالة وبيروقراطية تعقد اجراءات الاستثمار وغياب العدالة الاجتماعية عند توزيع الدخل القومي ومعدلات النمو.. وهي أمور تجبر الحكومة علي النظر للجوانب الاجتماعية عند تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي. برنامج الاتفاق مع الصندوق ليس كله شراً وخبراء صندوق النقد والبنك الدوليين لا يفهمون في السياسة ولا يعترفون بالجوانب الاجتماعية ولا يعرفون إلا لغة الأرقام وهم مثل الجراحين يستخدمون المشرط ويسيلون الدماء لشفاء المريض وقد يضحون أحيانا بالجنين لتعيش الأم وتتعافي فهم يضعون برامج الاصلاح الاقتصادي ولا ينظرون لأي اعتبارات اجتماعية ولذلك فإنهم دائما عرضة للهجوم والرفض والاتهام بأنهم ضد الفقراء ولكن تبقي الحكومة التي تملك الأدوات اللازمة لتنفيذ هذه البرامج. فإما أن تنجح في تنفيذها بأقل الآلام والخسائر أو تفشل وتكون العواقب كارثية.