سلوك التظاهر والاعتصام والاحتجاج يعد من الانجازات الحقيقية والفعلية لثورة الخامس والعشرين من يناير حيث اتاحت للمواطن العادي البسيط فرصة كبيرة للتعبير عن مطالبه وآرائه بعد أن ظل الشعب المصري عقودا طويلة محروما من ممارسة هذا الحق وكانت تحاصر أي مظاهرة بقوات الأمن المركزي وأمن الدولة المنحل. ولكن ما نود أن نشير إليه أن مستقبل المظاهرات والاعتصامات يحمل تخوفات كثيرة منها أن يصبح هذا السلوك ظاهرة متاصلة ومستمرة في الشارع المصري علي نحو قد يعطل ويعرقل مسيرة التحول الديمقراطي التي تشهدها مصر بعد مرحلة ما بعد الثورة وهو ما قد يؤثر بالسلب في هيبة الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وهيئاتها المختلفة.. الأمر المؤسف والمحزن معا أن المظاهرات تتسم بالطابع الفئوي والانقسام بين ثنائية التأييد والرفض وازدياد الحدة والعنف وأعمال الشغب والصدامات مع الأجهزة الأمنية وقطع الطرق ووسائل المواصلات. تجدر الإشارة إلي أن الاصل في المظاهرات أن تكون سلمية ولا يتصور معها الاطاحة بالنظام والحاكم والمضحك أن بعض المتظاهرين كان يهتف في إحدي المظاهرات يسقط الرئيس القادم!! ومن أجل تنظيم الحق في التجمع والتظاهر السلمي بالبلاد نري أنه ينبغي أن يقوم النظام السياسي الحالي باتخاذ خطوات جادة وفعالة بتنظيم حق التظاهر وفق المعايير الدستورية والدولية وكذلك العمل علي تنقيح البيئة التشريعية المصرية بما يتفق مع الدستور المصري الجديد والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان كما يتعين عدم معاقبة المتظاهرين بسبب استخدامهم لحقهم الدستوري في التعبير عن الرأي من خلال التظاهر السلمي والمسيرات السلمية للمطالبة بالحقوق العامة التي أجازها الدستور وفقا لضوابط القانون الذي يحمي مصالح المجتمع ويحدد ضوابط التعامل مع المتظاهرين بالقانون في حال ما اتسم التظاهر بعدم السلمية ومخالفة حدود استعمال حق التظاهر واللجوء إلي العبث والشغب والتخريب في الممتلكات العامة والخاصة وإلحاق الأذي والضرر بالاشخاص وثبتت الاتهامات بالدليل. كما يتعين ضرورة إصدار وزارة الداخلية تعليمات واضحة ومشددة لقوات الأمن التي تتعامل مع المظاهرات بعدم استخدام القوة في فض المظاهرات والالتزام بمبادئ الأممالمتحدة بشأن استخدام القوة والاسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بانفاذ القانون وتمنع منعا باتا استخدام الاسلحة النارية والخرطوش.. وتبقي في ذمتي كلمة للمتظاهرين إن الثورة المستمرة يجب أن تتحول الي تنمية اقتصادية مستمرة لأن من الاهداف الاساسية للثورة هو حصول المواطن علي حقوقه العادلة بشرط أن تكون كافية للحياة الكريمة.