مشاهد الثورة الرائعة منقوشة بدقة متناهية في الأذهان.. وتكاتف كل شرائح الشعب وطوائفه بروح الحب والتعاون والالتفاف حول هدف واحد هو الوطن. فكانت مثالا للوطنية. وقدمت نماذج مشرقة غذتها روح الشباب المثقف الواعي المدرك لمصلحة وطنه.. فلم يخرب ولم يدمر.. كانت ثورتهم سلمية.. أبهرت العالم كله ووقفوا امامها يرفعون القبة احتراما وإجلالا.. فسطرت بحروف من نور في سجلات التاريخ وسرعان ما تغيرت المشاهد إلي مناظر درامية مأساوية بعد أن حققت الثورة هدفها المنشود وانصرف كل إلي أهدافه الشخصية يغلب عليها.. الدموية.. قتلي.. جرحي.. عاهات مستديمة لخيرتة الشباب الذين قدموا أرواحهم ودماءهم الزكية فداء للحرية ومستقبل مشرق لشباب الغد وأجيال قادمة.. واحتل مكان الثوار البلطجية المسيسون والمحتالون والنصابون ونشروا الرعب بين الناس وامتلأت الشوارع بالفوضي. واعتصامات.. احتجاجات.. سرقة نهب.. تشكيك.. ترويع.. اتهامات.. خداع.. نفاق.. مداهنة مطالب فئوية تحكمها أهواء ونزوات لمصلحة أفراد وليس من أجل الوطن.. وخلق فوضي عارمة تهز أرجاء المحروسة وشائعات تضخمها الفضائيات فشعر الناس أنهم في كابوس فظيع ومتاهة ليس لها بداية ولا نهاية.. ولم يقف الأمر عند ذلك شباب يخرب المنشآت ويحرقها باسم الثورة ويوقف حركة المواصلات ويتراقصون علي أنغام الموسيقي.. وانقسمنا علي أنفسنا إلي طوائف وعشائر ودججنا روح الفتنة وأصبحنا لعبة في يد الشيطان تحكمنا غرائز ونزوات.. وقتلت الوطنية في بلد الوطنية.. وباتت الثورة في طي النسيان.. ولم يبق منها إلا اسمها ورسمها.. أتساءل هل من الوطنية ترويع الناس؟؟ وانتشار البلطجة والنهب والسرقة وتخريب المنشآت الحيوية تحت مسمي الوطنية! أي وطنية هذه التي يتشدقون بها ليل نهار؟؟ وما فعله سائقو السكك الحديدية من شل حركة القطارات ليس من الإنسانية في شيء فقد تسببوا في خسائر فادحة للمسافرين لقضاء مصالحهم وتعطيلها والسائقون الذين قاموا بالاستمرار في عملهم هؤلاء يحبون وطنهم ولهم كل الشكر والتقدير والاحترام.