أثار حكم الجنايات الأخير بإلغاء قرار النائب العام بالتحفظ علي أموال 23 من الشخصيات ورجال الأعمال بينهم جمال وعلاء نجلا الرئيس المخلوع حسني مبارك لتلاعبهم بالبورصة المصرية وتحقيق أرباح خيالية بطريقة غير مشروعة الكثير من التساؤلات حول التضارب بين بعض قرارات النائب العام وأحكام الجنايات من ناحية وما يؤدي إليه من تداعيات سلبية علي حالة الاقتصاد بعد الثورة من ناحية أخري. خبراء الاقتصاد ورجال المال والأعمال طالبوا بالشفافية وحظر النشر في مثل هذه القضايا حتي لا يكون لها تأثير سلبي علي الاقتصاد القومي وهروب مزيد من المستثمرين ورجال الأعمال من مصر. أكد أصحاب المال والأعمال أن القرارات التي صدرت مؤخرا بشأن رجال الأعمال أصحاب المشروعات الاستثمارية ليست في مصلحة مناخ الاستثمار حيث جاءت بشكل فجائي عشوائي أربك المؤسسات الاستثمارية وخلق نوعا من الإحباط داخل مجتمع الأعمال. أكد المهندس صفوان ثابت - عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات - ضرورة عدم التسرع في إصدار القرارات القضائية علي المستثمرين دون دراسة متأنية حتي لا تتسبب في الإضرار بمناخ الاستثمار في مصر وإحداث نوع من البلبلة والقلق. وقال إن الظروف التي تمر بها مصر حاليا تحتاج إلي مراعاة البعد الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وتحفيز الصناع حتي لا يكون هناك تخوفات وتراجع في التوسعات الاستثمارية في المستقبل. وطالب بضرورة التنسيق والتشاور المستمر مع منظمات الأعمال باعتبارها حلقة الوصل والتي تستطيع تقديم المقترحات والحلول. قال الدكتور شريف الجبلي - رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات: إن القرارات القضائية ضد رجال الصناعة والمستثمرين بصورة مفاجئة دون الدراسة الدقيقة ستؤدي إلي القلق والتوتر وعدم الاستقرار في مناخ الاستثمار. وقال إن مصر تواجه تحولا ديمقراطيا بعد ثورة 25 يناير العظيمة وتحتاج تضافر الجهود دون أي آثار سلبية نتيجة لصدور بعض القرارات والأحكام القضائية. قال المحاسب محمد المرشدي - رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات: إن مناخ الاستثمار في مصر يحتاج إلي التحفيز والتشجيع المستمر حتي تدور عجلة الإنتاج بكامل طاقتها. قال الدكتور حمدي حرب - رئيس غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات - إن القرارات القضائية التي صدرت مؤخرا ضد عدد من المستثمرين ثم تم إلغاؤها من جانب المحكمة أصاب مناخ الاستثمار في مقتل. وطالب بضرورة أن يكون لغة حوار مع منظمات الأعمال في أي قرارات سيتم إصدارها للتشاور حولها إلي جانب ضرورة أن تكون هناك لجان فنية اقتصادية مؤهلة في مكتب النائب العام لبحث ودراسة كافة الآثار والنتائج التي سوف تترتب علي صدور أي قرارات. محمد حلمي - رئيس مجلس أمناء مدينة العاشر من رمضان - يقول: إن عودة الثقة بين الدولة والقطاع الخاص أمر ضروري وفي غاية الأهمية مؤكدا أن المصالحة تنقذ أشياء كثيرة في ظل الأزمة الراهنة. الدكتور محرم هلال - رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان - يقول: إن تحسين العلاقة بين أصحاب الأعمال والحكومة ضرورة ملحة في هذه الآونة حتي يمكن عبور الأزمة الاقتصادية الطاحنة موضحا أن علاج الثغرات القانونية ضرورة شرط ألا تكون علي حساب المؤسسات الاستثمارية. قال هلال إن المصالحة ضرورة لجميع فئات المجتمع حتي ننهض بالاقتصاد القومي لنعود مرة أخري لمعدل نمو يفوق ال 7%. المهندس محمد فرج عامر - رئيس جمعية مستثمري برج العرب - يقول: إن مساندة القطاع الخاص في هذه المرحلة مهمة جدا مؤكدا أن عودة الثقة للاستثمار في مصر لا تعود إلا من خلال أصحاب الأعمال المصريين. قال إن الحفاظ علي رءوس الأموال المحلية مهمة صعبة وتحد كبير في ظل هروب رءوس الأموال الأجنبية وارتباك الأسواق المحلية حيث يعاني المستثمر مشاكل كثيرة بسبب الانفلات الأمني والاعتصامات والمطالب الفئوية. قال عامر إن المساندة مطلوبة بشكل كبير لرجال الأعمال خاصة في ظل الكم الكبير من الحوافز والمزايا التي تقدمها الدول المجاورة لجذب رءوس الأموال الموجودة بمصر سواء المحلية أو الأجنبية والمصالحة الشاملة بين جميع العاملين داخل هذا القطاع قبل فوات الأوان هروب رءوس أموال جديدة. من جانبهم أكد خبراء الاقتصاد أن إصدار الأحكام علي بعض المستثمرين ورجال الأعمال سيكون له تأثير سلبي علي مناخ الاستثمار الذي لايزال في مرحلة الاحتضار بسبب الأحداث السياسية والاضطرابات الأمنية التي تشهدها البلاد. يقول الدكتور حامد مرسي - أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس: إن الأحكام الخاصة بالمستثمرين بالبورصة سيكون لها تأثير سلبي بلا شك علي مناخ الاستثمار خاصة أن البلاد لاتزال في مرحلة عدم الاستقرار. أوضح أنه بالرغم من تأثير هذه الأحكام إلا أنه سيكون محدود خاصة وأنها تتعلق بالأنشطة الخاصة بالبورصة والتي لا تتمتع بالشفافية الكاملة في إتاحة المعلومات لكافة المستثمرين لافتا إلي أن البورصات في العالم يوجد بها تلاعب لصالح المستثمرين الكبار علي حساب الصغار. قال مرسي إنه يخشي التأثير السلبي لمثل هذه الأحكام علي مناخ الاستثمار خاصة أن ما تبقي من رجال الأعمال سيقوم بشد الرحال للخارج خاصة وأنه عامل رئيسي علي طريق عودة تنشيط الاقتصاد مرة أخري لافتا إلي ضرورة تبني حملة قومية بتشجيع الاستثمار المحلي وأنه ليس له علاقة حقيقية بما يحدث بالبورصة. الدكتور صلاح الجندي - أستاذ الاقتصاد جامعة المنصورة - يري ضرورة سرعة البت في الأحكام القضائية التي تتعلق بالمستثمرين ورجال الأعمال سواء بالإدانة أو البراءة لأن المماطلة في مثل هذه الأمور سيكون له تأثير غاية في السوء علي مناخ الاستثمار. فيما أكد رجال القضاء أن قرارات التحفظ علي أموال أي متهم تحكمها قواعد واعتبارات قانونية ولا علاقة لها بالسياسة أو الاقتصاد. قالوا إن تضارب بعض القرارات بين النائب العام ومحكمة الجنايات في هذا الخصوص يخضع لتقدير كل جهة وليس له علاقة بالصواب أو الخطأ. قال المستشار حسن حسانين - رئيس محكمة جنايات القاهرة: إنه لا شأن لقرارات التحفظ بالنواحي الاقتصادية ولا تضع المحكمة هذا في اعتبارها وأن قانون الإجراءات الجنائية وضع قواعد عامة في هذا الصدد تتلخص في مدي الخطورة التي يمثلها المتهم علي المال العام. قال إن قرارات التحفظ علي أموال المتهمين تصدر عادة من النائب العام بعد إجراء التحقيق ولكن ما حدث لبعض القرارات الأخيرة أنه تم اتخاذها في ضوء التحريات فقط وهذا ما دعا المحكمة إلي رفضها لأن هذا الإجراء وإن كان احترازيا إلا أنه لا يتم إلا بعد التحقيق. أكد أن القانون أعطي للمحكمة سلطة تقديرية لتأييد قرار النائب العام أو إلغائه بناء علي الاطلاع علي ظاهر الأوراق دون الخوض في تفاصيل القضية. المستشار محمد ناجي شحاتة - رئيس محكمة جنايات الجيزة - قال: إن القضاء يتعامل مع جميع المتهمين كأرقام دون اعتبار لاسم المتهم أو صفته أو مكانته أو مدي تأثيره علي السياسة أو الاقتصاد. أضاف أن الفارق بين ما يحدث الآن وما كان يحدث قبل الثورة 25 يناير أن ما يتم تقديمه للمحاكم من قرارات تحفظ ولا تنال حقها في التحقيق لذلك تجد المحكمة نفسها أمام قرار صدر متسرعا دون إعطاء مهلة كافية للقطع بوجود شبهة قوية تجاه المتهم تبرر وضع أمواله تحت التحفظ فتقضي برفضه. قال المستشار شحاتة إن المادة "208" من قانون الإجراءات الجنائية وما تلاها تعطي للمحكمة الحق في اتخاذ قرار من ثلاثة إما تأييد قرار النائب العام أو تعديله أو رفضه فإذا ما رأت المحكمة عدم وجود الشبهات التي رجحتها النيابة والتي تباشر عملها تحت رقابة القضاء فلا تجد المحكمة غير إلغاء قرار التحفظ لأنه يعتبر حينئذ عدوانا علي المتهم بحرمانه من حرية التصرف في أمواله. المستشار رفعت السيد - رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادي قضاة أسيوط السابق - ذكر أن القصد من قرار النائب العام بالتحفظ علي أموال أي متهم هو تمكين النيابة العامة من الحصول علي حق الدولة في الغرامات التي يمكن أن تقضي بها المحكمة في حالة الإدانة.. وفي حالة ثبوتها فإن القضاء يمكن أن يحكم بغرامة تصل إلي ضعف المبالغ المالية موضوع الجريمة والتي تم الاستيلاء عليها وأن تكون هناك خشية من تهريب المال الخاص بالمتهم ولا تتمكن الدولة من الحصول علي حقها. أكد أن لكل قضية ظروفها وملابساتها والقانون لا يحمي الفساد والمستثمر الشريف لا يخشي القضاء وليس من مسئوليتنا أن نضفي حماية علي الفاسدين خوفا من هروب الاستثمار.