اختلط الحابل بالنابل. لم نعد قادرين علي التفريق بين الثوار والمتظاهرين والمحتجين والبلطجية. مع ان الفروق بينهم شاسعة لكن التداخل يجعل الأمر "خلطبيطة". لا نعرف كيف نفرق بين الألتراس وبين الذين أحرقوا نادي الشرطة بالجزيرة واتحاد الكرة. المشهد يدمي القلوب. فلا يمكن أن يكون هناك واحد لم يتأثر به. وهو يري الجدران والأثاث والمحتويات تحترق وألسنة اللهب تخرج من النوافذ. تلتهم كل شيء ولا تبقي ولا تذر. عادت من جديد أعمال الحرق والتخريب ولم تسلم بعض المحال والسيارات وسط العاصمة من محاولات السطو والسرقة جهارا نهارا. وهذا كله قد يكون طبيعيا في ظل اجواء الفوضي والانفلات التي مازالت مستمرة منذ يوم جمعة الغضب. من المؤكد أن الأيدي التي تمتد لتحرق أي شيء في الوطن مهما كان. لا تستحق إلا القطع. ولولا أنه لا يحرق بالنار إلا رب النار لطالبت بحرقهم في ميدان عام. ومن المستحيل ان يكون من يخرب في مصر مصريا لا بالانتماء ولا بشهادة الميلاد. فهذه الممتلكات سواء كانت خاصة أو عامة كلها ملك للشعب. ويجب ان تكون محمية ومصانة بالقانون والعرف والعدل والتقاليد. بالطبع ولدت هذه الأحداث الأخيرة من رحم الأحكام في قضية مجزرة بورسعيد. الالتراس يتبرأون منها. والمعارضة تدينها. ولم يبق إلا الطرف الثالث أو القلة المندسة أو اللهو الخفي. عادوا ليظهروا من جديد ليعيثوا في الأرض فسادا يحرقون ويخربون ونحن لا نعرفهم كما حدث في الكثير من الوقائع خلال العامين الماضيين ولم يتم حتي الآن الإعلان عن مرتكبيها ومازلنا ننتظر. مناخ الفوضي نفسه هو الذي جعل كل من هب ودب ومن يفهم ومن لا يفهم بفتون ويعلقون علي الأحكام القضائية. ولو كان الأمر طبيعيا ما قامت الدنيا ولم تقعد قبل احالة واحد وعشرين متهما في قضية بورسعيد الي المفتي ثم النطق بالحكم. الذي لم يرض هؤلاء ولا هؤلاء. مع ان العدالة معصوبة العينين ولا تري إلا الحق والوزن بالقسطاس المستقيم ومن قبله الكتابات التي مازالت موجودة علي كل الجدران تهدد وتتوعد. وهذا كله مرفوض لأننا يجب ان نمتثل جميعا للقانون ونحترم أحكامه حتي لا تستمر الفوضي ونعيش طبقا لقانون الغاب. الذي يكون فيه البقاء للأقوي. ليس من المقبول ان نستمر في فوضي يوم جمعة الغضب وما حدث فيها من سلب ونهب وسرقات وتعديات. يوم غاب فيه الأمن والأمان والقانون لا يمكن ان يظل البعض مصرا علي استمرار هذه الأوضاع التي شاع فيها الرعب والخوف. وكانت الكلمة للبلطجية وارباب السوابق.. لن نسمح لأي قلة ان تقودنا الي تلك الأجواء. وهم يلبسون الحق بالباطل ويتذرعون بأي أسباب مهما كانت. بالطبع هناك من يستغلون الأحداث ويدخلونها من باب التظاهر والاحتجاج. ومن باب المعارضة. يشوهون الصورة كلها. وهؤلاء لابد من التبرؤ منهم وإظهار ألاعيبهم.