القرآن الكريم كلام الله تعالي. ومن يقرأه كان في حكم من يكلمه الله تعالي. ومن يدرك ذلك تحلي بأجمل الصفات من الطهارة والخشوع وستر العورة واستقبال القبلة إلا أن التحلي بهذه الآداب قد يكون عائقاً دون مواظبة المسلم أو المسلمة مع القرآن الكريم في حصة يومية. لذلك كان من هذه الآداب الواجب ومنها المستحب حتي لا يتأخر أو يتعذر أحد عن قراءة القرآن التي هي فرض علي كل مسلم ومسلمة» لعموم النصوص الآمرة بذلك ومنها قوله تعالي: "إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلوا القرآن فمن اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين" "النمل: 91.92". وقال تعالي: "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فألئك هم الخاسرون" "البقرة: 121". وقال تعالي: "فاقرءوا ما تيسر من القرآن" "المزمل: 20". يستحب لمن يتابع القراءة ألا يتعجل ختم المصحف قبل ثلاثة أيام حتي يفقه ما يقرأ. فقد أخرج ابن حبان والترمذي وصححه. عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث". تصح قراءة القرآن غيبا كما تصح ان تكون من المصحف ولكل أجره الذي يناسبه. فقد أخرج ابن حبان والترمذي وصححه عن عائشة ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة. والذي يقرأه وهو يشتد عليه - وفي رواية وهو شاق عليه - له أجران". إذا كانت القراءة للقرآن الكريم غيباً فيجب ان يكون القاريء علي غير حال الجنابة. كما يجب ان تكون القارئة علي غير حال الحيض أو النفاس أو الجنابة عند عامة الفقهاء في المذاهب الأربعة وغيرهم» لما أخرجه أحمد بسند ضعيف من حديث علي بن أبي طالب ان النبي - صلي الله عليه وسلم - كان لا يحجزه شيء عن قراءة القرآن إلا الجنابة. وما أخرجه الترمذي بسند ضعيف عن عبدالله بن عمر ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن". وأجاز المالكية في المشهور عندهم للمرأة الحائض ان تقرأ القرآن الكريم من محفوظاتها حتي لا يتفلت منها. وذهب بعض السلف منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وابن المنذر إلي أنه يجوز للجنب قراءة كل القرآن وهو علي حاله» لعموم الأمر بتلاوته مع ضعف أدلة المانعين للجنب منه. أما إذا كانت قراءة القرآن من المصحف فيجب ان يكون القاريء أو القارئة متوضئاً عند جمهور الفقهاء في المذاهب الأربعة» لعموم قوله تعالي: "لا يمسه إلا المطهرون" "الواقعة: 79". وما أخرجه مالك والحاكم وصححه من حديث عمرو بن حزم أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "لا يمس القرآن إلا طاهر". وذهب ابن حزم الظاهري إلي جواز قراءة القرآن من المصحف علي غير وضوء علي اساس ان قوله تعالي: " لا يمسه إلا المطهرون" "الواقعة: 79" جاء في شأن اللوح المحفوظ. أو أن المراد من الآية الطهارة من الجنابة. لا بأس من قراءة القرآن الكريم حال الاضطجاع في حكم الأصل ما لم يكن استخفافاً» لأن الصلاة تصح كذلك فقد أخرج البخاري عن عمران بن حصين وكان مبسوراً قال: سألت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعداً فقال: "إن صلي قائماً فهو أفضل. ومن صلي قاعداً فله نصف أجر القائم ومن صلي نائماً فله نصف أجر القاعد". وقال تعالي: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلي جنوبهم" "آل عمران: 191".