الالتفاف علي الحق الواضح جريمة يتحمل صاحبها كل ما ورد حول غمط الحق وكتمان الشهادة وظلم الناس. وتضليلهم.. وغيرها من الآثام التي تترتب علي تغييب العدالة مع النفس ومع الناس. أما الأشد جرماً في خطيئة الالتفاف علي الحق فهو الادعاء علي الآخرين ما ليس فيهم في عملية الالتفاف علي الحق. فما بالنا إذا كان الادعاء يتعلق بسيد الخلق أجمعين. الذي قال وقوله الحق: "مَن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار". وكأني برسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" يري ما سيكون. ويعلم أن كثيرين سيفعلون بأسباب شتي وغريبة. فأراد أن يحجز الناس عن جهنم بهذا التحذير الذي قد يرُد بعضاً ممن في قلوبهم خشية عما ارتكبوا. الأعجب أن تأخذ أحد الحاسبين أنفسهم علي الدعوة الإسلامية العزة بالإثم. وبدلاً من أن يعلم أنه أجرم. وخرج علي سُنَّة رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" وآداب الدعوة الإسلامية. يلجأ للتلفيق علي اللَّه ورسوله "صلي اللَّه عليه وسلم". ويقوم بالخلط العجيب بين أحكام اللَّه وما ينقله رسول اللَّه عن اللَّه. وبين السب وغيره. وهو أمر مفزع ومقلق. يصيب مَن في قلبه وجل وتعظيم للَّه والرسول بالغثيان. والتزاماً بمبدأ "ما بال أقوام" الذي علمنا إياه رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" فلن نذكر اسم مَن فعل هذا الاجتراء علي اللَّه ورسوله. وهو اجتراء أتصور أنه لن يمر حتي يذهب أحد الغيورين علي اللَّه وعلي رسوله إلي المحكمة ببلاغ ضد مقترف في الجريمة. لقد قال صاحب التلفيق: إن اللَّه ورسوله كانوا يسبون المخالفين لهم". وأول الجرائم أنه ساوي بين اللَّه ورسوله. والناس. ووصف الكافرين أو العاصين والآثمين بأنهم مخالفين لهم. وكأن الأمر يتعلق بقضية رأي. وكأنه لا يعلم أن اللَّه حين يقول: "غُلَّت أيديهم". يعلن حكماً لصاحب الكبرياء والعزة. فهو حكم وليس سباً. وكأنه لا يعلم أن رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" عندما كان يقول: "لعن اللَّه كذا وكذا" في أحاديثه التي وردت. إنما ينقل حكماً للَّه وليس سباً. وشتان بين الحكم الذي يحتاج ممن وقع عليه أن يتوب ويجدد إيمانه. أو يدخل في الإيمان. وبين السب الذي يقع بين متعاركين. وكأنه لا يعلم أن الخالق الرازق المحيي المميت لا يحتاج إلي أن يسب خلقه. فهو خالقهم والقادر عليهم. وكأنه لا يعلم أن صاحب العزة أمرنا ألا نسب الذين يدعون من دون الله حتي لا يسبوا اللَّه عدواً بغير علم. فكيف يأمرنا ألا نسبهم. ثم يسبهم وكيف يأمرنا ألا نسب ثم يدعي مَن أراد أن يخرج بنفسه ويبرر لنفسه ويبرر أمام الناس جريمته حتي لو لفَّق وافتري علي اللَّه ورسوله؟!!.. أنه سبه هو سبحانه ورسوله "صلي اللَّه عليه وآله وسلم". إنني أدعو مَن وقع في هذه الجريمة والإثم في حق اللَّه ورسوله "صلي اللَّه عليه وسلم" أن يعود إلي رشده. ويستغفر ربه ويعلن خطأه وتوبته حتي لا يتحمل وزر التجرؤ علي الذات الإلهية ورسوله. ويتحمل وزر من يقع في تصديقه. إن رسولنا الكريم "صلي اللَّه عليه وسلم" وصفه رب العزة قائلاً: "وإنك لعلي خلق عظيم".. ووصف نفسه قائلاً: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".. وقد ترك لنا التاريخ شخصيات جاهلية علي خلق عال منهم الأحنف بن قيس. الذي لم يسب أحداً. في الجاهلية حتي أسلم. ولم يرد إساءة بإساءة.. فما بالنا إذا كان رسول اللَّه أو مَن أدبه ربه. إنني كنت أتوقع دائماً كذباً وتلفيقاً علي رسول اللَّه. ولكن ليس إلي هذا الحد الذي ينجي الإنسان فيه نفسه علي حساب رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم".