إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    تخفيض 25% من مقابل التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري.. تفاصيل    الأرصاد تحذر من أطول موجة حارة تضرب البلاد.. تبدأ من اليوم    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس 16-5-2024 بالمصنعية    «حقوق الزقازيق» تعقد محاكمة صورية لقضايا القتل ( صور )    طلاب الإعدادية بشمال سيناء يؤدون امتحاني الجبر والكمبيوتر اليوم    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    مقبرة قرعونية السبب في لعنة الفندق والقصر.. أحداث الحلقة 8 من «البيت بيتي»    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 16 مايو    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    أجمل 5 هدايا في أعياد ميلاد الأطفال    فصائل عراقية تعلن استهداف مصفى حيفا النفطي بالمسيرات    استقرار أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أمريكا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    4 شهداء جراء استهداف الاحتلال منزلًا لعائلة "الحلقاوي" وسط رفح الفلسطينية    رئيس تتارستان: 20 مليون مسلم داخل روسيا ولدينا خبرات فى تشييد الطائرات والسفن    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    فوائد تعلم القراءة السريعة    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 16 مايو 2024    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    كامل الوزير يعلن موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لذ الخطاب .. وما طاب !!
نشر في الجمهورية يوم 02 - 12 - 2012

* تعالوا يا أصدقائي الأعزاء: خميس السروجي. وأحمد عبدالفتاح أحمد من الجيزة. والسعيد الأديب من المحلة الكبري. والمهندس إسماعيل العوضي وكريم الشافعي وسعد نبيه صابر من دمياط. وحمادة بدران أبودوح من الأقصر. وعاطف النكلاوي ومحمد جودت بعيص من قبائل أولاد علي البحيرة. وأشرف الحسانين مدرس اللغة الإنجليزية نبروه دقهلية. وأحمد إمام المقيم بالدوحة قطر.. تعالوا إلي كلمة سواء علي الأقل بيننا نحن فقط.. تعالوا نتفق علي حقائق مُرَّة لا سبيل لإنكارها أو الجدال حولها.. هي أولاً: أن المؤمن قد يكون سارقاً.. والمؤمن قد يكون زانياً.. لكن لا يكون المؤمن كذاباً أبداً.. والمصريون بكل أطيافهم كذابون.. الحكام والمحكومون في كل وقت وحين كذابون.. والناس كذابان.. كذاب في الحديث. وكذاب بصدق الكذب.. والقرآن الكريم ذم الكذاب وذم من يصدقه.. فالذين كذبوا علي الله وجوههم يوم القيامة مسودة.. وقال الله تعالي: "سماعون للكذب أكالون للسُحت".. فسماع الكذب أو الاستماع له كذب أيضاً.. ولا فوز ولا نجومية ولا شهرة ولو علو كعب في مصر إلا للكذابين.. وقد شاع عندنا الفجور لأننا كذابون.. فالكذب يهدي إلي الفجور. والفجور يهدي إلي النار.. إسلامية كاذبة.. ليبرالية كاذبة.. علمانية كاذبة.. ثورة كاذبة. وثوار كاذبون.. نحن واهمون ونظن وظننا كله إثم أننا فاهمون.. هذا بلد مريض بداء الكذب "وداء الكلب" أيضاً.. وعندما يتشابه خطاب كل الحكام منذ فرعون إلي يوم القيامة رغم تناقضات كل هؤلاء الحكام ورغم أن كلاً منهم جاء علي جثة الآخر. فاعلموا أنه خطاب كذاب.. وأن العيب في السماعين للكذب.. الهاتفين له بالروح بالدم. حيث لا روح ولا دم.. فنحن نقدم لحكامنا ما ليس عندنا.. نقدم لهم الروح والدم.. أي أننا أيضاً كذابون.. تعالوا نتفق ولو قليلاً علي أن مشكلتنا مع السماعين للكذب أضعاف ما هي مع الكذابين أنفسهم.. لسنا ثواراً ولا أحراراً "ولا حنكمل المشوار". لأن المشوار لم يبدأ ولن يبدأ ما دمنا سماعين للكذب.
منذ فرعون إلي يوم القيامة لم يتغير خطاب حكام مصر.. وإذا كان الخطاب الكاذب ثابتاً منذ آلاف السنين.. فليست هناك ثورة ولا يفرحون.. بل هناك وَهْم كبير وهُم يحزنون.. كل الحكام منذ فرعون يرون أن معارضيهم شرذمة قليلون.. قلة مندسة.. فلول.. بلطجية.. فاسدون.. مخربون.. مأجورون "قبيضة".. كل الحكام من فرعون إلي ما شاء الله يقول الواحد منهم: ما أريكم إلا ما أري. وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.. الرأي للجميع والقرار لي.. شكراً للذين قالوا نعم.. وشكراً للذين قالوا لا.. لن أسمح.. سأضرب بيد من حديد.. "خليهم يتسلوا".. القافلة تسير والكلاب تنبح.. حق التعبير والتظاهر مكفول ولكن لن أسمح بضرب الاستقرار والسياحة.. "الناس عايزة تاكل مش عايزة فلسفة".. المسلمون والمسيحيون نسيج واحد..
عندي جائزة قيمة وهي عمري كله وما بقي منه. لمن يدلني علي خطاب مختلف لحاكم مصري منذ فرعون إلي ما شاء الله.. علي مر التاريخ يقسم الحاكم أهل هذا البلد إلي وطنيين وخونة.. إلي ثورة وثورة مضادة.. إلي تقدميين ورجعيين.. إلي ثوار وفلول.. إلي مؤمنين وكفرة.. إلي شعب وأعداء الشعب.. إلي قاعدة عريضة واعية ووطنية.. وقلة مندسة مأجورة.. والتقسيم ليس ثابتاً. فخونة الحاكم السابق هم وطنيو الحاكم الذي يليه.. وفلول حاكم عند حاكم ثوار.. وثوار حاكم عند حاكم فلول "وحاوريني يا طيطة".. المصريون عبر تاريخهم يلعبون الكراسي الموسيقية.. الحاكم يعزف ونحن ندور حول الكراسي ونجلس.. ومع كل حاكم نتبادل الكراسي علي عزف هذا الحاكم.. حاكم يعدنا برخاء الدنيا إذا نحن أيدناه وأطعناه. وحاكم "مغسل وضامن جنة". يعدنا بالجنة والفردوس الأعلي منها إذا نحن أيدناه وبايعناه.. والحاكمان كذابان.. ونحن سماعون للكذب أكالون "للأونطة".. "ولا طلنا دنيا ولا حصلنا آخرة"..
تعالوا نتفق علي ما قلنا من قبل.. وهو أن أزمتنا وكارثتنا ومشكلتنا مع "العربية الخربانة مش مع السواق". وأن كل سائق يأتي ويتربع علي عجلة القيادة "يخرب فيها حتة" ويتهم السائق الذي قبله ونحن سماعون للكذب أكالون للأونطة.. وكل سائق يكرر نفس الخطاب "دي عربية عظيمة وعريقة ومتينة من سبعتلاف سنة".. لا يوجد مثلها في العالم.. لكن السائق الذي كان من قبلي أفسدها وأنهكها.. وسرق أجزاء منها.. جربوني أنا.. اصبروا علي قليلاً وسأعيدها سيرتها الأولي.. وتمر الأيام ونحن سماعون للكذب.. أكالون للأوطنة.. ولا نريد أن نعترف بأن السيارة انتهت تماماً ولم تعد ذات قيمة.. لا نريد أن نعترف بأن المريض مات وأن الأطباء الذين يتعاقبون عليه نصابون وكذابون ونحن سماعون للكذب.. أكالون للأونطة.
تعالوا نتفق علي أن حزب الأغلبية في مصر هو حزب "مالناش دعوة".. حزب الأغلبية في مصر هو حزب الناس الذين قيل لهم: هل أنتم مجتمعون؟!.. لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين.. "احنا مع الغالب".. موسي أو السحرة.. بلدنا لمن غلب.. شعبنا لمن ركب ودلدل رجليه. ومن نزل أو سقط تدوسه النعال.. بل تدوسه الأقدام لأننا حفاة.. لذلك يجب أن نتفق علي أن إجماعنا واجتماعنا علي باطل وأن الأغلبية غبية. وأن الكثرة غُثاء سيل ولا قيمة لها.. ولا تخيف ظالماً ولا تردع جباراً.. ولا تدل علي أن من تؤيده عادل وديمقراطي وعلي حق.. هذا الجراد المنتشر لا فرق عنده بين الإعلان الدستوري والإعلان عن مسحوق للغسيل.. لا فرق عنده بين طابور التصويت في الاستفتاء أو الانتخاب. وطابور الفراخ في الجمعية!!.. فأمام لجان الاستفتاء كما أمام الجمعية. دلالات وسماسرة وموزعو صكوك غفران. وتذاكر مجانية درجة أولي في الجنة أو في النار.. هذا الجراد المنتشر لا يعرف الفرق بين الدستور و"الكستور".. وبين القانون والكانون.. وبين الهلال والجمل.. وبين الجردل والكنكة. وبين السلم والثعبان!!
* * * *
* تعالوا نتفق مع الزعيم الراحل سعد زغلول علي أنه "مافيش فايدة".. فاليأس إحدي الراحتين.. تعالوا نتفق علي أن الحشد ليس شيئاً عسيراً. إذا كان المحشودون قطيعاً من الغنم.. فالغنم لا تملك إلا نعم للراعي. وليست لديها شروط في الراعي.. تعالوا نتفق علي أن عظمتك في مصر يجب أن تقاس بقلة مؤيديك لا بكثرتهم.. فأنت علي حق إذا كان في صفك نفر قليل. وأنت علي باطل إذا كان في ميدانك مليونية.. أقسم بالله أن الكثرة مع الباطل. والقلة مع الحق.. فأكثر الناس لا يعقلون. وأكثرهم لا يفقهون. وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون.. ولو أطعت أكثر الناس لأضلوك.. ولو غرتك كثرة مؤيديك فأنت مخدوع.. "طُظْ" في المليونيات. فإنها لا تغني ولا تعني إلا الباطل.. وإذا حشدت الملايين في ميدانك فاعلم أنهم ليسوا محبيك.. بل أكثرهم كارهون لخصمك.. إنها ملايين الكراهية لا ملايين الحب.. ملايين المناكفة والمعاندة. لا ملايين المبادئ والقيم.. في مصر يحتشد الناس علي الكراهية ولا يحتشدون علي الحب.. يجتمعون علي الكذب ولا يجتمعون علي الصدق.. يتعاونون علي الإثم والعدوان. لا علي البر والتقوي.
تعالوا نتفق علي أن العقل المصري تفكيكي لا تركيبي.. عقل جزئي لا كلي.. يدرك الجزئيات ولا يدرك الكليات.. الناس في مصر يتجادلون ويتقاتلون حول مكان مسمار في الآلة ولا يدركون أن الآلة كلها "بايظة".. المصريون يتصارعون حول كلمة ولا يدركون الجملة كلها.. العقل المصري عقل تابع وليس مستقلاً.. تابع للقطيع لذلك يحب المصريون الزحام لأنه يعفيهم من التفكير وإعادة النظر والتأمل "معاهم معاهم. عليهم عليهم".. تعالوا نتفق علي أن العقل المصري ببغائي يردد بلا فهم "أبوك السقامات" لمجرد الهتاف في الميدان هكذا.. تعالوا نتفق علي أن عقل المصري في بطنه وفرجه.. وأن المليونيات تحولت عند الملايين إلي هواية وفسحة وفرجة وسبوبة ولقمة عيش.. العقل المصري يعزل أي ظاهرة عن سياقها. لذلك تكون مقدماته خاطئة ونتائجه عبيطة. وجداله عقيم.. ويبدو أن الله غاضب علينا وعلامة غضبه أنه أعطانا كثرة الجدل وقلة العمل.. كثرة الاعتصامات البطنية والفرجية وانعدام الاعتصام بحبل الله.
المصري ليست لديه القدرة العقلية علي مد خطوط الظواهر والأحداث علي استقامتها لتلتقي أو تتقاطع في نقطة واحدة. وبذلك يمكن إحداث العلاقة بين الأجزاء للوصول إلي إدراك الكل.. ليس بمقدور المصري ذي العقل الجزئي والتفكيكي أن يدرك العلاقة القوية بين التهدئة في غزة وما حدث ويحدث في سيناء والإعلان الدستوري وقرض صندوق النقد الدولي.. ولعبة إ ضاءة الأنوار الباهرة في "حتة".. وإطفائها تماماً وإظلام "حتة أخري".. هذه السياسة حدثت في كل العهود. لكن العقل المصري التفكيكي الجزئي لا يدرك الكليات ولا يمكنه الربط بين الأحداث.. العقل المصري التفكيكي يتعامل مع الأمور بالقطعة "وبالحتة".. يغرق في جزئيات وسفاسف فتضيع منه الكليات.. إنها سياسة قديمة متجددة.. إلهاء الناس بفرقعة هنا.. ودربكة هناك.. وإعلان دستوري.. وأنفلونزا الطيور والخنازير "علشان نعمل الخبطة الكبيرة" والناس غافلون.. واستغفال الناس في مصر لا يتطلب جهداً ولا تخطيطاً ولا مؤامرة.. الناس جاهزون تماماً للاستغفال.. ومهيأون للضحك عليهم وخداعهم.. لأنهم سماعون للكذب أكالون للأونطة.
الناس في مصر لا يدركون التغير الجذري في السياسة الأمريكية الإسرائيلية تجاه المنطقة العربية وتجاه مصر بالذات.. فقد فشلت سياسة المواجهة وحلت محلها سياسة الاحتواء.. كانت اللافتة القديمة لأمريكا هي الحرب علي الإرهاب. وتحت هذا العنوان يتم التعامل مع الأنظمة لتنفيذ الأجندة الأمريكية الإسرائيلية.. وقد لقيت هذه السياسة مقاومة شعبية عنيفة ووسعت رقعة الكراهية للولايات المتحدة.. ورأت واشنطن تغيير اللافتة لتصبح تنفيذ الأجندة الأمريكية الإسرائيلية تحت راية إسلامية وهكذا يتحقق كل ما تريده واشنطن باسم الله وبلا مقاومة لأنه يتم بأيدي أهل الله "بتوع ربنا".. سواء علموا بذلك أو جهلوه.. فهم يريدون السلطة وإطلاق أيديهم في شعوبهم.. ويبقي "الريموت كونترول" في يد أمريكا لتقليب القنوات كما تشاء.. علي طريقة أنت تلعب وأنا أكسب.. إعطاء الإسلام السياسي مساحة للحركة داخل أرضه تحت الإشراف والرعاية الأمريكيين.. يعني أنت تتمكن من السلطة. وأنا أتمكن منك أنت.. وبذلك تبدو حُر الحركة داخل عباءتي!!
* * * *
* وهناك فكرة أو قناعة لدي الإسلام السياسي تصب في المصلحة الأمريكية الإسرائيلية.. وهي خفوت أو اختفاء فكرة الوطن في أدبيات الإسلام السياسي.. فالأرض كلها أرض الله.. والمسلمون فيها سواء.. والمسلم الذي يدخل أرضاً غير وطنه لا يُعد غازياً ولا محتلاً.. بل هذا حقه في أي بقعة من دولة الخلافة أو الأمة الإسلامية.. بل من حقه أن يحكم بلداً غير بلده. لأن المسلم ليس أجنبياً في أي أرض إسلامية.. وأمريكا عانت كثيراً من فكرة الوطن والوطنية.. وكانت هذه الفكرة حجر عثرة أمام تنفيذ مخططاتها في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الكبير.. وسقوط الوطنية يساعد أمريكا وإسرائيل كثيراً في التخلص مثلاً من مشكلة غزة.. بل ومشكلة فلسطين كلها.. فلم يعد هناك محل من الإعراب لكلمات وجمل مثل: أرضنا الغالية.. وأرضنا الحبيبة. ولن نفرط في ذرة رمل واحدة من أرضنا.. ولن نسمح لكائن مَن كان بانتهاك سيادتنا.. وفكرة الاستشهاد في سبيل الأرض والوطن لم تعد مطروحة.. لأن الاستشهاد لا يكون إلا في سبيل الله.. وسقوط فكرة الوطن يعني انعدام أي قدسية لحدود. لأن الحدود من صنع الأعداء. ومن صنع البشر. والأصل ألا تكون هناك حدود في أرض الله.
هذه أمور يصعب علي العقل المصري التفكيكي الجزئي إدراكها وفهمها.. فالعقل المصري يرفع دائماً شعار "احييني النهارده وموتني بكرة".. المصري لا يعطي صوته لمرشح يريد أن يعلمه الصيد ولكنه يعطي صوته لمرشح يعطيه سمكة.. وحبذا لو كانت مقلية أو مشوية.. المصري يعطي صوته بكيلو سكر أو زيت أو أنبوبة بوتاجاز.. ولا يعطي صوته لمن يعلمه كيف يزرع القصب لإنتاج السكر.. والفائز بثقة المصريين ليس ذلك الذي يخاطب عقولهم وضمائرهم.. ولكن الفائز هو الذي يسيطر علي بطونهم وجيوبهم.. ويلبي حاجاتهم العاجلة.. لذلك سيبقي الوطن في خطر داهم. لأنه غائب عن إدراك وعقول أبنائه.. سيبقي الوطن علي مرمي حجر من كارثة التقسيم والتفكيك لأن أبناءه مفككون ومنقسمون.. والتناقضات التي بينهم أضعاف أضعاف التناقضات بينهم وبين أعداء الوطن.. لقد استطاع حكامنا في أكثر من عهد التوصل إلي تهدئة بين إسرائيل والفلسطينيين لكنهم فشلوا في التوصل إلي تهدئة ومصالحة بين المصريين.. بل إن حكامنا يجعلون رزقهم أنهم يوسعون الشرخ بين أبناء الوطن.. حكامنا في كل العهود أسُود علينا. ونعامات أمام أعداء الوطن.. حكامنا في كل العهود يسلمون الوطن تسليم مفتاح. أو تسليم أهالي لأعداء هذا الوطن.. ولكن لكل طريقته في التسليم والتشطيب.. كل هذا والشعب ذو العقل "الترللي الفسافيسي" غارق في مليونياته الكاذبة وهتافاته الببغائية وخلافاته حول "البيضة ولا الفرخة".. والدستور أولاً أم الانتخابات أولاً.. والإعلان الدستوري والإعلان الترويجي.. الشعب ذو العقل التفكيكي الجزئي لا يدرك ما يحاك له ولوطنه.. لأن فكرة الوطن سقطت تماماً من أدبيات المصريين لصالح فكرة الأمة وفكرة أرض الله.. المصريون في غيبوبة ووهم كبير سموه الثورة.. بينما الخطاب الثابت منذ فرعون إلي ما شاء الله يؤكد أن مصر لم تعرف الثورة طوال تاريخها.. الخطاب الكاذب لا يتغير لأننا عبر الأجيال سماعون للكذب. أكالون للأونطة.. "واللي نبات فيه نصبح فيه".. نستمع منذ آلاف السنين لنفس الخطاب.. وما لذَّ عيشنا وما طاب.. وما رجع الكذاب وما تاب!!!
نظرة
*الشيطان هو أقدر الكائنات والمخلوقات علي الحشد وتنظيم البليونيات لا المليونيات.. لا أحد ينافسه في ذلك.. وحزب الشيطان هو الأكثر أموالاً وأولاداً
وأكثر نفيراً وأعز نفراً.. الشيطان الآن يعظ. ويدعو ويقول: إني جار لكم.. ويدلنا كذباً علي شجرة الخلد ومُلك لا يبلي.. الشيطان كيده ضعيف. لكن عقولنا وقلوبنا أضعف.. الشيطان يقود حزب الأغلبية والكثرة في العالم كله.. يوحي إلينا زخرف القول زوراً.. يزين لنا سوء عملنا. فنراه حسناً.. يعدنا ويمنينا وما يعدنا الشيطان إلا غروراً.. هناك تحالف بين النفس والهوي والشيطان.. فخ لا ينجو منه أحد إلا من رحم ربي. وقليل ما هم.. لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد.. لا يغرنك المنافقون ولا تعجك أجسامهم.. ولا تعجبك كثرتهم فإنها لا تغني عنهم من الله شيئاً.. الشيطان هو قائد غثاء السيل.. الشيطان يهدي أتباعه إلي الباطل الذي يرتدي ثوب الحق.. الشيطان في كل الأركان.. حتي الحيطان فيها شيطان!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.