لا يستطيع أي مصري أن يقف متفرجاً أمام المشهد السياسي الحالي الذي تمر به مصرنا الغالية. فحالة الاستقطاب والانقسام تضع المصريين وبلدهم علي شفا جرف هار. نوشك أن نقع فيه جميعاً إذا لم يبادر كل فرد منا إلي تحمل مسئولياته. وقراءة المشهد بوعي وموضوعية بعيداً عن الهوي والمصالح الشخصية والفئوية والتخلي عن الإعجاب بالرأي. وأنه وحده علي صواب وأن الآخرين مخطئون أو مذنبون أو خائنون أو حتي خارجون عن الملة. شاهدنا وللمرة الأولي تبادل الاتهامات علي الملأ بين مؤسسات سيادية كبري مما يضر بمصلحة مصر وأمنها القومي. قد يبررها البعض بالحرية اللامسئولة ناجمة عن "فوران القدر" بعد سنين طويلة من الكبت والقهر والظلم والاستبداد. ولكني أراها مظهراً لانفلات مجتمعي طال الجميع واختلط فيه "الحابل بالنابل" ولم يعد لأحد حد يقف عنده. شاهدت والألم يعتصرني رجالاً. تحتم عليهم مواقعهم أن يتحلوا بالحكمة والتعقل. وهم يتفوهون عبر الفضائيات بألفاظ نابية لا تتوافق مع الفطرة الإنسانية السوية. وتتناقض مع القيم والأخلاق والفضيلة. ويعاقب عليها القانون. نشاهد ونقرأ ونسمع علي مدار الساعة "وصلات من الردح" والشتائم يشارك فيها للأسف قيادات حزبية وسياسية ونقابية ودينية. ويؤججها إعلاميون ومن يسمون بقادة الرأي والفكر. والمتابع للسجالات والنقاشات علي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تصدمه لغة الحوار القذرة المليئة بالألفاظ القبيحة وتبادل السباب واللعنات. ورغم الضبابية الشديدة للمشهد إلا أن مصر "الولادة" لا تخلو من العقول الرشيدة الذين لا تحركهم دوافع حزبية أو فصائلية. ويضعون مصلحة مصر العليا فوق كل اعتبار. وأثق أنهم قادرون بفضل الله علي لو إطفاء نار الفتنة والخروج من الأزمة. وقد تم طرح عدة مبادرات لحل الأزمة الراهنة المتعلقة بالإعلان الدستوري. ولكني أرشح المبادرة التي طرحها المصريون في أمريكا لأن لغتها تصالحية راقية فقد بدأت صياغتها بالتأكيد علي "أن للرئيس مهابته واحترامه. فعلينا أن نعينه ونساعده ونعمل معه. حيث إنه قد أعلن أن هذه القرارات مؤقتة وترتبط بالانتهاء من عمل الجمعية التأسيسية للدستور. فليكن ذلك. ولكن كيف هذا في ضوء الانسحابات المتتالية من هذه الجمعية التأسيسية للدستور وأخذ ما أتمته المسودة. وتقديمه للرئيس فوراً وبهذا تحل الجمعية التأسيسية للدستور. وثانيها أن يأخذ الرئيس مسودة الدستور من الجمعية التأسيسية ويشكل لجنة لاستكمال الدستور ويحدد عددها. وتضم في عضويتها ممثلي التيارات. ولا تقتصر عليهم فتضم ممثلاً عن كل حزب سياسي. رموز القوي السياسية كالمرشحين السابقين للرئاسة. ونخبة من أساتذة القانون. ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس محكمة النقض. ووزير العدل والنائب العام وخبراء آخرين.. ثم يكلف الرئيس هذه اللجنة بإكمال الدستور الدائم في موعد لا يزيد علي 90 يوماً ويكون حصاد هذا العمل هو مسودة الدستور الدائم. بعدها تؤخذ مسودة الدستور وتعرض علي مجلس الشوري للبحث والتمحيص. وهذا بدوره يحيلها إلي لجنة متخصصة للصياغة النهائية. ثم تعرض هذه المسودة للشعب للاستفتاء. وتختتم المبادرة بأن الحل المقترح سيأخذ وقتاً لأن دستور بلد كبير مثل مصر. يجب ألا نبخل عليه بالوقت. ولكي لا يحكم الرئيس ودون سلطة تشريعية تقترح أن يتبني الرئيس دستور 1971 قبل تحريفه وإعلانه كدستور مؤقت لمصر. وبناء عليه نبدأ فوراً انتخاب مجلس الشعب الجديد. ولا مانع أن يقوم أهل الرشد الذين يجب عليهم التحرك لحل الأزمة وفي مقدمتهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. بدمج هذه المبادرة مع مبادرة لصديقي المفكر السياسي الدكتور سيف الدين عبدالفتاح.. المهم التحرك العاجل لإطفاء النار وإنقاذ مصر والمصريين.