عزيزي.. منذ مدة طويلة وأنا أريد أن أكتب لك بعد زمالة عمر طويل.. ولكني آثرت في سني هذه أن أقفل فمي وقلمي وأذني.. وأحياناً عيني أيضاً.. ولكن .. ولكن. ولكن ما يحدث الآن في البلد دفعني لأن أقول لك كلمتين!! خوفاً علي ابنائي وأحفادي وأحفاد أحفادي.. فنحن الذين خرجنا في مظاهرات خلف مصطفي موسي زعيم طلبة الوفد ورئيس حزب الغد.. وهتفنا بسقوط الملك وسقوط معاهدة صدقي - بيفن - وفتحوا علينا كوبري عباس وسقط منا من سقط في قاع النيل.. وعندما وصلنا قصر العيني التي كانت كلية الطب "انتقمنا لزملائنا وألقي أحدنا قنبلة يدوية من فوق القصر فوق اللواء سليم زكي حكمدار القاهرة - وكان امبراطور القاهرة - فتمزق تمزيقاً.. ياه.. الأيام جريت بسرعة.. من يصدق أن هذا حدث منذ 63 عاماً. مازال "كولسترول القومية" يجري في دمي ودمك.. لذلك رأيت من خلال عمودك الذي اقرأه "دائماً ان أقول باختصار للخروج مما نحن فيه الآن.. أننا كلنا نعرف النوايا الحسنة التي وراء القرارات الأخيرة.. نوايا حسنة في رأس الرجل الكبير.. ولكنه لا يجد من حوله من يرشده إلي اقصر طريق ليحقق هذه النوايا. ولأننا المخضرمون في القانون "دفعة مايو 1950" نقول له ان دستور 1954 الذي وضعه أساتذتنا الدكاترة الكبار العظام عبدالرزاق السنهوري وسيد صبري "أستاذ الدستوري" وسليمان حافظ "القانون العام" هو خير دستور تم وضعه ولكنه لم ير النور لأن مجلس قيادة الثورة كان لا يريد من يقيد حريته في أن يفعل ما يشاء فتم تمزيق المسودة واختفي هذا الدستور تماماً.. وان كان يقال ان جريدة الأهرام نشرته بالكامل في حينه ونصح زميلنا الدكتور أحمد كمال أبوالمجد بمراجعة اعداد الأهرام القديمة خصوصاً وجود "الميكرو فيلم".. ولكن أحداً لم يستجب!! المهم أننا إذا اردنا دستوراً في أقصر وقت كما يريد الرئيس.. فإنني أنصح بشطب قرار حصانة اللجنة التأسيسية.. وإذا ما تم حلها.. بل حتي دون حكم محكمة بذلك.. من حق الرئيس صاحب النوايا الحسنة ان يشكل لجنة أخري مكونة من عشرة فقهاء دستور اراد الله عز وجل ان يمد في عمرهم معنا لكي يضعوا دستوراً ستتحدث عن الأجيال القادمة.. دستوراً لن يختلف عليه إلا أصحاب النوايا السيئة والأغراض الخبيثة.. عندنا زملاؤك وزملائي من تلامذة الأساتذة العظام.. عندنا أحمد كمال أبوالمجد "أول الدفعة" ويحيي الجمل وفي الدفعات التي وراءنا عندنا إبراهيم درويش الذي وضع دستور تركيا التي تمر بنفس ظروفنا ونور فرحات وطارق البشري.. وغيرهم. لقد كانت دفعتنا غنية جداً بجهابذة القانون.. كان معنا المرحومون عاطف صدقي واشهر المحامين: عبدالرءوف علي وعلي منصور اللذان فصلهما عبدالناصر خلال "مذبحة القضاة" عام 1961 ففتح الله عليهما مادياً ومعنوياً وشهرة.. وهو ما يتعرض له بعض رجال القضاء الآن. المهم.. لو شكلنا لجنة من عشرة فقهاء من زملائنا.. انتظر منهم خير دستور خلال أسبوع أو أسبوعين فقط.. بعد تنقية المسودة الحالية التي بها نصوص اتحدي لو كانت في أي دستور في العالم.. تصوروا نصوصا عن الرياضة والطفل والفتاة وغير ذلك!! *** هذا ملخص فاكس عزيز علي قلبي جداً.. فهو من صديق عمر طويل يريد ان يظل في الظل!! شكراً له