تراوحت رؤي أساتذة القانون ورجال القضاء بين سحب الإعلان الدستوري.. وإلغاء تحصين قرارات الرئيس وإعادة تشكيل التأسيسية وإقالة الوزارة.. يقول المستشار محمد عزمي البكري - رئيس محكمة الاستئناف: تضمن الإعلان الدستوري نصوصاً تحصن الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية في الطعن وبانقضاء الدعاوي المرفوعة حاليا أمام المحاكم.. كما تحظر الحكم بحل الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري وهذه النصوص تخالف تماما ما جاء بالإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس من العام الماضي فقد نصت المادة 21 منه علي أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي ويحظر النص في القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.. والإعلان الدستوري السابق قد أقره الشعب في الاستفتاء الذي أجري عليه أي أن هذا الدستور قد حاز القبول الشعبي وبالتالي يكون السيد رئيس الجمهورية بالإعلان الدستوري الأخير قد عطل إرادة الشعب وما ارتضاه بموافقته علي الإعلان الدستوري الأول. ويضيف المستشار البكري كما أن إعادة المحاكمات التي نص عليها الإعلان الدستوري يتجافي تماما مع ما هو معمول به في القانون المصري بل في شتي قوانين العالم وفي المعاهدات الدولية من أنه لا يجوز محاكمة الشخص مرتين عن واقعة واحدة عملا بقاعدة صحية الأحكام وهي قاعدة تعلو علي اعتبارات النظام العام لأنها تحول دون المساس بالمركز القانوني الذي اكتسبه المتهم في الحكم ببراءته. حكم تفصيلي يشير إلي أن تحديد مدة النائب العام ليس موضعها في الإعلان الدستوري لأنها تنطوي علي حكم تفصيلي ومكانها النص عليها في قانون السلطة القضائية ويكون ذلك بعد مناقشات ومداولات من المختصين علي سلامة هذا النص وترتب علي هذا التحديد عزل النائب العام من منصبه ودون الرجوع إلي مجلس القضاء الأعلي قبل الإقدام علي هذه الخطوة الأمر الذي يتضمن تدخل من السلطة التنفيذية في شئون العدالة والمساس باستقلال القضاء ويؤدي إلي انهيار دولة القانون ولذلك فقضاة مصر علي أمل كبير في استجابة رئيس الجمهورية لتوصية الجمعية العمومية لناديهم بسحب هذا الإعلان الدستوري والرجوع إلي الحق فضيلة وقد سبق أن رجع عمر بن الخطاب عن رأيه لما راجعته امرأة وقال أصابت امرأة وأخطأ عمر. إلغاء التحصين المستشار صبري حامد - رئيس محكمة جنايات القاهرة: إن ما لم يحدث تفسير لهذا الإعلان الدستوري حتي لو بحذف الفقرة الأخيرة من المادة الثانية التي تحصن قرارات الرئيس فسنكون أمام توترات لا تحمد عقباها فبالأمس مظاهرات الإخوان وغدا مليونية للقوي المدنية وقد يحدث احتكاك بين الطرفين مما ينجم عنه دماء كثيرة نحن في غني عنها والبلاد لا تحتملها في هذه الآونة الأخيرة وعلي السيد رئيس الجمهورية أن يجتمع مع مستشاريه ليضعوا حد لفوضي الشارع مهما كانت التنازلات فلن يقدر أحدا علي منع الفوضي إلا الرئيس مرسي. وأضاف المستشار صبري أن القضاة بعض من النسيج الوطني فالشعب كله يطالب باستقلال القضاء والشعب غير راضي علي تحصين قرارات الرئيس ومنع إجراءات الطعن عليها موضحا أن جميع جلسات المحاكمات والعمل بالمحاكم مستمرة لتيسير الأمور علي المواطنين من إجراءات تجديد الحبس والأمور المستعجلة والوقتية. أكد المستشار شعبان الشامي - رئيس محكمة جنايات القاهرة - علي ضرورة قيام الرئيس بسحب المواد التي تحصن قرارات رئيس الجمهورية من الإعلان الدستوري ويتم التوصل إلي التوافق علي كيفية خروج النائب العام من منصبه وفقا لأحكام القانون وهو قانون السلطة القضائية وهي ألا يجوز عزله أو إقالته إلا بتقديم استقالته بناء علي رغبته أما بخصوص توصية الجمعية العمومية بتعليق العمل داخل المحاكم فندعو مجلس القضاء الأعلي لتبني القرار لأنه المنوط بذلك. هدوء واستراحة يقول الدكتور أنس جعفر - أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة: أنا مع الإعلان الدستوري لأن مدة تطبيقه لا تتجاوز شهرين بأي حال من الأحوال حيث سينتهي بمجرد وضع الدستور الذي ستنتهي منه الجمعية التأسيسية خلال شهر علي الأكثر. وليس من المنطقي أن يكون كل قرار صادر عن رئيس الدولة محل نقد واعتراض من قبل غير المتخصصين.. بل يجب أن الحديث من قبل فقهاء القانون والدستور. ويضيف البلاد أصبحت في حالة صراع وخلاف وعلي الجميع أن يهدأ ويأخذ استراحة محارب وعلي جميع القوي السياسية المختلفة الفاعلة أن تختار من بينها شخصاً واحداً يعبر عنها ويكون حلقة اتصال بينها وبين مؤسسة الرئاسة.. ولابد أن تتضافر جهود القوي السياسية وتعمل علي تهدئة الوضع في شارع محمد محمود الذي بات مشتعلا. يقول المستشار وائل سليمان - رئيس النيابة الإدارية بالزقازيق: إن الإعلان الدستوري في نظر القانون عمل مادي من صنع بشر قابل للخطأ والصواب وبالتالي يجوز الطعن عليه ولا يوجد ما يمنع ذلك الحق وأن الرئيس ليس إلها منزها عن الخطأ لكي يلزم نفسه بعدم ولادة قوانين دستورية أخري من رحم ذلك الإعلان الدستوري الذي حصن قراراته من شأنها سلب الكثير من السلطات والحريات ليتحول من رئيس إلي ديكتاتور دون أن يشعر. يخطئ ويصيب يضيف أن هذا الإعلان الدستوري خالف كل المعايير العالمية لصياغة الدساتير والإعلانات الدستورية لأنه بذلك تغول علي السلطة القضائية والرسول الكريم قال عن نفسه إنه يخطئ ويصيب فكيف وهو بشر ينفرد بقرارات دستورية ويحصنها ليسلب من القضاء اختصاص الطعن ومراقبة مشروعية تلك القوانين. يقول المستشار وائل: إنه لا توجد مواد في الدستور تعطي الرئيس المنتخب تلك الحقوق وليست في الدستور المصري فقط إنما في كل دساتير العالم وخاصة تلك الدول الديمقراطية. يضيف أن ذلك الإعلان له توابع خطيرة خاصة علي الاستثمار لأنه يرتبط بالمناخ القضائي ارتباطا وثيقا والدليل أن البورصة أغلقت أبوابها فور الإعلان الدستوري إثر تكبدها خسائر فادحة بسبب سحب المستثمرين لأموالهم وعدم تداولها في البورصة المصرية.. وأن ذلك الإعلان سيعطل وسيؤثر سلبا علي الاستثمار في مصر لأن المستثمر العالمي لا يدخل بأمواله في أي دولة قبل النظر إلي نظامها القضائي ومدي سلطاته فيها لأنه من سيحميه إن ظلمته الحكومة ومعني وجود هذا الإعلان أن المستثمر لا يستطيع مقاضاة الحكومة وإذا أصدرت قرارا بمصادرة أرضه أو مصنعه بحجة المصلحة العامة فإلي أي جهة سيتظلم إذا كانت قرارات الرئيس كلها محصنة من الطعن. التراجع للخروج من هذه الأزمة الدستورية الطاحنة يقول المستشار وائل سليمان: لابد وأن يتراجع الرئيس عن الإعلان الدستوري لأنه ليس إله لكي لا يخطئ وبالنسبة إلي مجلس الشوري الذي حصنه من الحل فالقضاء الإداري كان لزاما عليه حله لأنه أحل مجلس الشعب وكليهما تم انتخابه بقوانين غير دستورية وكان ذلك معروفا من البداية والقضاء لا يفرق بين مجلس ومجلس. كان عليه أن ينتظر يضيف كما أن حق الطعن مكفول والمحكمة الدستورية إن كان قرارها بحل التأسيسية مثلما لوح الرئيس في خطابه فهذا لأنها غير متوازنة وكان من الحكمة أن يعبر إلي أن يري حكم المحكمة الدستورية علي الطعن وبعدها من حقه أن يصدر إعلانا تشريعيا بإعادة تكوينها من جديد ودون حل. بالنسبة لمشكلة إقالة النائب العام فكان بإمكانه أن يغير قانون السلطة القضائية نفسه وأن يمنح للقاضة حق اختيار النائب العام واختياره فيما بينهم. حل التأسيسية والوزارة يقول الدكتور مصطفي فؤاد - عميد كلية الحقوق ونائب رئيس جامعة طنطا: مصر الآن في غرفة الإنعاش ونبض الحياة مازال فيها.. فلأول مرة في تاريخها يحدث انقسام داخل الشعب المصري بهذه الصورة التي تنذر بحدوث عواقب وخيمة.. والمعلوم أن هيبة الدولة وقوتها في عيون العالم تتمثل في قوة تنظيم الجيش والشرطة وقضائها الشامخ.. فإذا اشتعل صراع بين الشرطة وبعض المواطنين فيبقي الملاذ في هيبة القضاء وحرصه علي تطبيق العدالة.. فإذا قللنا من شأن الأحكام القضائية أو حصنا القرارات الإدارية لرئيس الدولة فهذا ما يعني سقوط الحصن الثالث لهيبة الدولة وتصبح نذر الصراعات الأهلية وشيكة الوقوع علي المدي القريب بين الطائفتين التي انقسم إليها إلي إسلاميين ومدنيين.. ويضيف الأمر بات خطيرا ويحتاج من رئيس الدولة أن يسعي إلي لملمة قوي الشعب الوطنية بكاملها للخروج من النفق المظلم الذي أصبحنا جميعا نعيش فيه.. وإلي التجرد المطلق لصالح كل المصريين من خلال العودة إلي تطبيق صحيح المبادئ الدستورية وإلي التحاور مع رموز القوي السياسية الفاعلة المعبرة عن الشعب.. فالعالم ينظر إلي مصر الآن بتوجس وخيفة ويري أنها تتراجع عن التزاماتها الدولية وتهدر حقوق الإنسان وأنها علي شفا الوقوع في حرب أهلية.. والتاريخ سوف يذكر ماذا فعل لمصر وللأجيال القادمة وفي تصوري أن إعادة إصدار قرار تشكيل الجمعية التأسيسية وإعادة تشكيل الوزارة بغض الطرف عن فصيل من يدخل فيها وإلغاء الإعلان الدستوري فيما يتعلق بشق القضاء تجعل منه زعيم المرحلة وتخرج مصر الأزمة الراهنة التي تحتاج منه إلي قرارات شجاعة عاجلة. د. أيمن سلامة - أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية - يقول: الفرد ليس له سلطة إصدار دساتير أو إعلان دستوري والذي يعد دستورا مؤقتا وحين يصدر ذلك الدستور من الفرد يعد دستورا سلطويا أحاديا انفراديا ليس له إلزام إلا علي مصدره فقط وليست له آثار قانونية للغير وأيا ما كانت الظروف الاستثنائية فليس للفرد إصدار الدساتير. مشيرا إلي أنه إذا كان لرئسي الجمهورية أن يصدر قرارات جمهورية ولوائح تفويضية أو غير تفويضية في الظروف الاستثنائية وتنتهك الشرعية لحفظ أمن البلاد والنظام العام فيها فإنه يظل للقضاء سلطة تقديرها ما إذا كانت هناك ظروفا استثنائية تستلزم إصدار مثل هذه القرارات أو القوانين الاستثنائية من عدمه. لا.. لتحصين قرارات الرئيس وأكد د. أيمن سلامة أن المخرج الآن أنه يمكن للرئيس تعديل المظلة التي صدرت بشأنها هذه القرارات والقوانين وهي مظلة الإعلان الدستوري ويعاد صياغتها في شكل قرارات أو لوائح ويحذف تماما تحصين قرارات الرئيس وقوانينه منذ وصوله إلي الحكم. وطالب الرئيس بالاستغناء عن كافة المستشارين والخبراء الذين ورطوه أكثر من مرة بعد محاسبتهم والاستعانة بمستشارين وخبراء وطنيين أمناء من الذين لا يدينون لانتماء سياسي معين أو فصيل حتي نحقن الدماء ولا نزيد الشقة في مصر ما بين مؤيد ومعارض للرئيس. العودة لدستور 71 ومن جانبه أكد المستشار أحمد الجمل - رئيس محكمة جنايات المنصورة - أن الانسحابات المتوالية من الجمعية التأسيسية للدستور خاصة الكنيسة والتيار المدني وغيرهم قد يهدد باستكمال إصدار الدستور الجديد وهو ما يدل علي أن هناك خلافات عديدة بين القائمين علي إعداد الدستور الجديد.. ولذلك أطالب الرئيس محمد مرسي بالعودة لدستور 1971 خاصة وأنه دستور رائع ولم يلغ أو يجمد بل تم تعطيل العمل به مع إضافة المواد التي تم الاستفتاء عليها خلال استفتاء مارس 2011 ويتم وضعها ضمن دستور 1971 ويعلن هذا دستورا مؤقتا للبلاد ويقوم علي الفور بالإعلان عن الانتخابات البرلمانية حتي تعود السلطة التشريعية لممارسة أعمالها بجوار الرئيس وفي نفس الوقت يتم عمل لجنة تأسيسية من البرلمان الجديد ومن الشخصيات العامة تقوم بعمل دستور يحقق آمال وأهداف الشعب المصري بدلا من اللجنة التي تعمل الآن والتي يحوطها الشكوك من بعض القوي السياسية مشيرا إلي أنه في هذه الحالة نكون أمام دستور موقت تم الاستفتاء علي جميع مواده القديمة والجديدة وبذلك تعود الحياة السياسية في مصر من جديد وتبدأ القوي المختلفة في رسم مستقبل مصر بالتعاون مع الرئاسة وأكد أن أزمة القضاة تتعلق بجزء خاص بقرار الرئيس في الإعلان الدستوري بعدم الطعن علي قرارات رئيس الجمهورية وتحصينها وإذا كان في قرارات الرئيس سرعة الانتهاء من المرحلة الانتقالية ويغلق باب الفتن إلا أنه يتعارض مع أبسط قواعد القانون الدولي والمحلي ولا يوجد شيء اسمه تحصين. لأن القرآن الكريم نفسه لم يكن محصنا خلال ال 21 عاما التي نزل فيها الوحي علي الرسول الكريم مثل آيات تحريم الخمر فتم تغييرها ثلاث مرات حتي تم الإنهاء إلي تحريمها تماما.