ما بين سلعة تباع علي الأرصفة ب 2 جنيه وأخري تباع في أفخم المحلات بمئات الجنيهات يشعر المصريون بفوارق اجتماعية وطبقية. ففي الوقت الذي يصل فيه سعر الحذاء ل 20 جنيهاً في مناطق العتبة ووكالة البلح تجد أنواعاً مماثلة تصل إلي 500 جنيه بمحلات وسط البلد والمولات التجارية بعض المحلات الكبري أعلنت عن تخفيضات فوصل سعر الحذاء إلي 600 بدلاً من 900 جنيه والجاكت الحريمي من 1050 إلي 840 وأدوات منزلية "صنع في الصين" رديئة الصنع والجودة يصل سعرها بين 50 و100 ولم يتوقف الاستفزاز عند ذلك الحد بل تخطاه إلي الأغذية الصينية من الخضراوات والفاكهة التي تباع داخل المولات بأسعار خيالية حيث سعر كيلو الخيار إلي 12 جنيها. جاءت للشراء من أحد المولات الشهيرة تقول نيفين رمزي سيدة أعمال حالي متيسر والحمدلله فلماذا أحرم أبنائي من شراء كل ما يحبونه ولقد قمت بالفعل بشراء كوتشي لابني بمبلغ 2000 جنيه لأنه ماركة وله ضمان عام ومن الأفضل شراء المستورد لجودة الخامة وأحدث الموديلات بينما المصري ردئ الصنع دائماً. نفس الرأي تؤكده هيام محمد ربة منزل مؤكدة أن أسعار هذه السلع غير مبالغ فيها وتعتبر رخيصة مقارنة بأسعار التوكيلات كما أن هذه السلع متوافرة في أماكن معينة ومحدودة ولا يعلم قيمتها إلا مستهلكوها. ويري عصام رشدي محام أن رواد هذه الأماكن ليس لديهم إحساس بالأسعار أو بمعني أدق لم يذوقوا المر في جلبها حيث لا يوجد فرق لديهم عند شراء كوتشي ثمنه قد يصل ثمنه إلي ألف أو اثنين. المهم أن يكون من أحد هذه المحلات الفخمة أو ماركة معروفة مع العلم بأنه قد لا يستطيع التفرقة بين المنتج الأصلي أو التقليد. وقد نجح الصينيون في دراسة السوق المصري وأيضا العوامل النفسية للمستهلك ثم قاموا بغزو السوق بمنتجاته بمختلف الأسعار ولكافة الطبقات.. ويضيف أن المستهلك هو السبب الرئيسي في وجود هذه الأسعار الاستفزازية التي لا تتناسب مع طبقات الشعب الكادحة. صنع في الصين وتوافقه الرأي إيمان النجار ربة منزل إنها حضرت لهذا المكان للفرجة فقط حيث إن أغلب الأدوات المنزلية الموجودة بهذه المحلات مصنعة بالصين وبالرغم من ذلك تباع بأسعار خيالية حيث يصل ثمن المكنسة اليدوي إلي 100 جنيه بينما الصغير منها يبلغ سعره 50 جنيها أما المنتج المحلي لا يزيد علي 50 أو 25 جنيها والجردل الصغير يبلغ ثمنه 90 جنيها. تلتقط طرف الحديث صابرين محمود مشيرة إلي أن ما يعرض بهذه المولات شيء مستفز حيث يصل سعر طقم ملابس الأطفال المكون من جيب وبلوزة صغيرة إلي ما يقرب من 500 جنيه بدون الحذاء وثمنه 100 و150 جنيه والسعر حسب المقاس وأنا دائماً أقوم بشراء الأقل سعراً والأفضل شكلاً ولكن من الأسواق الشعبية. الماركة هي الأهم ويدافع مجدي حسن صاحب محل عن المنتجات التي تباع بهذه المحلات حيث إن أغلبها تعتمد علي نوعية المستهلك الذي يجري دائماً وراء الماركة وليس الخامة فقد تكون مصنعة بالصين وتكون من أردأ الأنواع ولكن طريقة العرض والمكان تجبر الزبون علي دفع قيمتها دون النظر إلي الخامة بينما الزبون في المحلات الشعبية يكون دائماً من الطبقة الكادحة أو المتوسطة ودائماً ما يحاول التقليل من قيمة المنتج "الفصال" حتي لو كان رخيص الثمن. كما أن بعض المصانع تقوم بتقليد بعض الماركات العالمية وبيعها علي أساس إنها مستوردة. وتؤكد سعدية محمد انها تري الكثير من الخضراوات مكتوب عليها "أورجانيك" وتباع بأسعار خيالية حيث تباع البطاطس مثلاً ب 15 جنيها والخوخ ب 20 جنيها وبالفعل قمت بشراء أحد أنواع هذه الفاكهة للتجربة ووجدت أن طعمه "ماسخ" ولا يتساوي طعمه مع الأنواع المعروفة لنا. بينما تري ثناء سعيد ربة منزل أن هذه الخضراوات لها مذاق جيد مؤكدة أنها تبحث عن الأنواع الصينية من خضراوات وفاكهة لمذاقها الجيد في الطعم والذي يميزها عن الأنواع المصرية وكذلك تغليفها بشكل مميز يضمن أن تكون طازجة ومما سهل الأمر علينا أن الأنواع الصينية أصبحت متوافرة في الأسواق والمحلات الكبري. وتقول أمل محمد محامية إن محلات الايشاربات تعتمد علي أسماء غريبة حتي تجذب الزبون للشراء دون الاهتمام بالخامة وأغلب رواد هذه المحلات لا يهتمون إلا بالأغلي سعراً حيث تجد أقل إيشارب في هذه المحلات يباع ب 65 جنيها وأكثر بينما هذه الأنواع قد تباع في المحلات الشعبية الأخري وعلي الأرصفة ب 20 و30 جنيها لنفس الخامات. ويري محمد فؤاد محاسب أن هناك استفزازاً واضحا بالمولات والمحلات الكبري الراقية وخاصة للأطفال حيث يتم إغراء الطفل باللعب والحلويات التي تباع بأسعار خيالية لا تتمكن من شرائها الأهالي لأبنائهم والتي يصل أقل لعبة فيها إلي 200 و300 جنيه مقابل سعرها الأساسي في الأسواق العادية بالنسبة لهم ففي أحد المولات الكبري يتم تأجير لعب أطفال مقابل 20 جنيها في الربع ساعة وسيارات أطفال ب 20 جنيها في الساعة والحلوي تكون بداية من 20 جنيها إضافة إلي ذلك دون النظر للحالة الاجتماعية والظروف الاقتصادية للأسر المصرية. وتشير سامية حسن موظفة إلي أنها لا تفضل شراء الأغذية الصيني أو كما هو مدون عليها "أورجانيك" لأنها أعلي سعراً ومكلفة والكمية قليلة لا تكفي احتياج الأسرة منها خاصة الطماطم والخيار والليمون وهي في الغالب ليست عضوية كما هو شائع عليها لأن الأراضي الزراعية أغلب مساحاتها مزروعة زراعة عادية ولا يمكن تحويلها لزراعة عضوية إلا بعد مرور سنوات طويلة مطالبة بوضع رقابة شديدة علي تلك المنتجات الغذائية للتأكد من صلاحيتها. ويشاركها الرأي محمد مصطفي دكتور فيزياء حيث يؤكد أن الأغذية الطبيعية أفضل من تلك الأغذية المجهولة المصدر ومشكوك فيها وسعرها استفزازي بشكل ملحوظ فأغلب المصريين دخلهم محدود ولا يتمكنون من شرائها. أما الدكتورة منال مكسيموس رئيس وحدة الغسيل الكلوي بمستشفي امبابة العام فهي لا تقتنع بهذه الأنواع من الأغذية المحفوظة والمغلفة فميزتها الوحيدة التغليف الذي يحفظها من التلوث عكس الموجود في الأسواق الشعبية ولكن القيمة الغذائية هي نفس القيمة ولا فرق بينها كما أن سعرها أضعاف سعرها في الأسواق العادية وهي ليست في متناول الجميع ولكنها للطبقة الغنية فقط وهؤلاء عددهم قليل بالنسبة للمجتمع المصري. ويوضح الدكتور محمد عرفه بقسم بحوث المكافحة الحيوية بمركز البحوث الزراعية أن المستوردين توسعوا بشكل كبير خاصة في استيراد الخضراوات والفاكهة سواء كانت بذوراً وتقاوي أو منتجات بلا حدود وبلا رقابة ويقومون بتغطية السوق بمنتجات مستوردة متوافرة داخل السوق المصرية بمنتجات محلية رغم عدم احتياجنا لها ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل إنها غزت السوق بأسعار لا تتناسب مع الأسرة المصرية ودخلها المحدود مستغلة في ذلك قيام بعض المزارعين بحصد المحصول بعد رشه مباشرة أو ريها بمياه الصرف وتصبح ملوثة ومهددة بالأمراض وذلك من أجل الربح السريع. تسهيلات الفيزا كارد الدكتور منصور مغاوري أستاذ الاقتصاد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن الشركات الكبري في الدول المصدرة هدفها المستهلك في الدول النامية لأن المستهلكين بالدول الكبري لا يقبلون علي تلك السلع الرديئة الصنع أما المستهلك في الدول النامية فهو يقبل علي أنواع من الآلات والأجهزة التكنولوجية نتيجة الدعاية الجاذبة والإعلان في مختلف وسائل الإعلام والإنترنت. وللأسف فمصر أصبحت مستهدفة منذ عصر الانفتاح الاقتصادي نتيجة التسهيلات في السداد والأقساط من خلال بطاقات الائتمان والفيزا كارت ولا يحسب المواطن المصري قيمة دخله وقتها لذا فإنه ينبغي أن يكون هناك وعي استهلاكي بالاحتياجات والسلع الضرورية لأن الشركات تأخذ هذه الأساليب في الدعاية لمنتجاتها والمستهلك هو الضحية في النهاية والدليل علي ذلك أن السجون مليئة بأسر قاموا بتجهيز أبنائهم من تلك السلع المرتفعة الأسعار من خلال الفيزا وأصبحت السوق المصرية سوق استفزازية ومتوسط الدخل العام لا يتناسب مع الأسعار ولكن الرفاهية والتباهي لا تتوقف فالطلبة يحملون أحدث الهواتف المحمولة بأسعار تصل إلي 3000 جنيه كأقل سعر واستهلاكتها الشهرية العالية مما يكلف الدولة والأفراد كان من الممكن توجيه تلك الأموال لحل مشاكل عديدة أهمها توفير فرص عمل من خلال إعادة تشغيل المصانع التي توقفت والقضاء علي البطالة والمساهمة في علاج الحالات الحرجة من المرضي الغلابة والفقراء. وأضاف أن تلك الظواهر السلبية يجب مواجهتها برفع درجة الوعي الشديد لدي المجتمع المصري فمن تلك السلع الاستفزازية ما يضر بالصحة العامة. مشيراً إلي أنه تم إدخال 7700 كرتونة شيبسي فاسدة مستوردة إلي مصر بطرق غير سليمة وفي الخفاء رغم أنه تم رفضها من قبل هيئة الرقابة علي الصادرات والورادات وهي تهدد بأورام وأمراض لا حصر لها. وطالما السوق المصري مفتوح: المستورد المصري يمكنه التلاعب في الأسعار للربح السريع بحجة إنها ماركة ولها ضمان فمن السهل تقليد الماركات ولذا فمن الضروري تشديد الرقابة علي تلك المنتجات وخاصة الصينية حيث إن الصين يمكنها تقليد جميع المنتجات خاصة الماركات العالمية.