ما بين عبارات "أنت حمار" و"أنت مبتفهمش".. و"عميل للدولة الفلانية أو العلانية".. و"انت قاتل وحرامي" يدور حوار الفضائيات الآن بلا حمرة خجل.. اقتحموا علينا بيوتنا دون اعتبار لحرمة أو تأدب أمام طفل لا يزال يحبو ويتعلم مفردات اللغة.. ومن يحاور من؟ أساتذة جامعات ومستشارون ومفكرون ومثقفون ونشطاء يطلقون عليهم التحية.. تفرغنا جميعاً للسياسة.. نتكلم من أجل الكلام دون هدف يذكر.. المهم ان نتكلم وخلاص. علي مدي الأسبوع المنتهي حاولت العثور علي فضائية واحدة بين عشرات بل وفئات الفضائيات تتحدث عن أزمة اسطوانة البوتاجاز التي تجاوزت قيمتها الخمسين جنيها أو رغيف الخبز الذي تراجع حجمه كثيراً في غيبة رجال الرقابة.. أو أزمة الأمن الذي ذهب ولم يعود.. فشلت. وكأننا سوف نبني مجتمعاً بالكلام.. لبناته من الشتائم والعبارات الخادشة للحياء والألفاظ البذيئة.. والنتيجة تزايد الازمات والأعباء علي كاهل أهالينا في الريف والحضر علي السواء. علي مدي الأسبوع بكامله لم اقرأ خبراً يسر.. من تشتت شركاء الثورة إلي آلاف الفرق ودماء سالت في ميدان احتضنهم في الأيام الأولي لثورة رفعت شعارات العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية إلي حادث قطار القليوبية وأتوبيس المدارس بدمياط مروراً بآلاف الاضرابات والاعتصامات التي ترفع مطالب فئوية لا تنتهي دون ادني اعتبار لظروف المخاض التي لا يزال يمر بها الوطن الجريح. من فضائيات البيزنس المشبوه ونجوم صنعهم الإعلام الجاهلي انتقلت العدوي الي المساجد فدخل الخطباء والأئمة علي الخط وراحوا هم ايضا يرددون الشتائم من فوق منبر اعتلاه أشرف خلق الله أجمعين النبي محمد صلي الله عليه وسلم. فهاجموا الداعين لمليونية الجمعة الماضية بوصفهم انهم مجاهدون في سبيل اهوائهم وقعوا في "شباك الشيطان" وهكذا اصبح حال المحروسة.. ازمتها في نخبة لا تعرف سوي مصالحها الشخصية الضيقة الممثلة في "معلوم" تافه أمام أزمة وطن احوج ما يكون الي الألفة والتوحد.. وملايين الافواه الجائعة اعيتها حيل البحث عن لقمة عيش شريفة. إن مصر مش عزبة لنجوم الاعلام الجاهل ولن تكون.. قريباً سيقاطعهم الشعب المطحون ليحاوروا انفسهم بعيداً عنا.