نزار توفيق أبي خليل القباني المعروف ب"نزار قباني".. مدرسة شعرية وظاهرة ثقافية له لغته الخاصة نقل موضوع الحب من الوصف الخارجي إلى موضوع خاص في الشعر العربي الحديث حيث لا يشبهه أحد إذ قرب الشعر من عامة الناس. أحبك جدا واعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل واعرف أنك ست النساء وليس لدي بديل واعرف أن زمان الحبيب انتهى ومات الكلام الجميل لست النساء ماذا نقول؟.. ولد نزار قباني في حي مئذنة الشحم "بدمشق" في 21 مارس 1923 لأسرة دمشقية عريقة، وورث من أبيه "توفيق القباني" - وهو تاجر يمتلك مصنعا لإنتاج الحلويات- ميله نحو الشعر كما ورث الحس الفني المرهف عن جده أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري حيث أدخل فن المسرح إلى الأدب العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ولدى نزار خمسة أخوة وهم وصال وهيفاء ومعتز ورشيد وصباح قباني الذي ترأس هيئة الإذاعة والتلفزيون السورية في الستينيات ثم عمل سفيراً لسوريا في الولاياتالمتحدة. أما والدته فهي السيدة فايزة آقبيق من أصل تركي وكان نزار متعلقاً بها كثيراً حيث كتب لها قصائد كثيراً يدمج فيها بين حنينه لدمشق مهده الأول وحنينه لأمه، وقصائده عن أمه في ديوانه الرسم بالكلمات خير دليل على شغف الطفل بصورة الأم التي ألهمته في نصوصه. ترعرع قباني في منزل محب للفن والألوان وهذا ما أثر على تفكيره منذ الصغر فما بين عمر الخامسة وحتى الثانية عشرة وجد القباني نفسه غارقا في بحر من ألوان في منزله المتواضع بدمشق الملئ بالزروع الشامية بمختلف ألوانها يرسم على الأرض وعلى الجدران. أما في سن الخامسة عشرة فبدأ حياته خطاطاً وتتلمذ علي يد خطاط يدوي ثم اتجه للرسم وظل عشقه للرسم حتى الكبر حتى أن له ديوانا يسمي "الرسم بالكلمات". وانتقل بعد ذلك شغفه إى الموسيقي وهو في سن السادسة عشرة وتعلم على يد أستاذ خاص العزف والتلحين على آلة العود لكن مع دخوله مرحلة الثانوية العامة اعتكف عن كل ذلك. وبعد الثانوية اتجه إلى الشعر وحفظ الكثير من أشعار كبار الشعراء مثل : أشعار عمر بن أبي ربيعة، وجميل بثينة، وطرفة ابن العبد، وقيس بن الملوح. وتتلمذ على يد الشاعر خليل مردم بك الذي علمه أصول النحو والصرف. وفي عام 1939 كان ميلاد نزار القباني الشاعر حيث كتب أول أبياته الشعرية وهو في رحلة بحرية مع مدرسته إلى روما متغزلا في الأمواج والبحر والأسماك التي تسبح فيه. وكان لانتحار شقيقته وهو طفل صغير بسبب اجبارها على الزواج من رجل لم تحبه، أثر كبير في حياته حيث قرر بعدها محاربة كل الأشياء التي تسببت في موتها. وعندما سُئل نزار إذا كان يعتبر نفسه ثائراً أجاب:" الحب في العالم العربي سجين و أنا أريد تحريره، أريد تحرير الحس والجسد العربي بشعري، إن العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا غير سليمة". في عام 1941 التحق نزار بكلية الحقوق جامعة دمشق، ونشر خلال دراسته بالكلية أولى دواوينه الشعرية وهو ديوان "قالت لي السمراء" الذي أثار جدلا في الأوساط التعليمية في الجامعة وقد ذاع صيته بعد نشر الديوان على نفقته الخاصة كشاعر إباحي. وفي عام 1945 تخرج نزار في كلية الحقوق والتحق بوزارة الخارجية السورية وعين في السفارة السورية في القاهرة وهو بعمر ال 22 عاما ولما كان العمل الدبلوماسي من شروطه كثرة التنقل وعدم الاستقرار بمكان واحد، انتقل نزار من القاهرة إلى عواصم أخرى مختلفة إلى أن استقر في لبنان بعد أن أعلن تفرغه للشعر في عام 1966 حيث أسس دار نشر خاصة تحت اسم "منشورات نزار قباني". ويعتبر نزار مؤسس مدرسة شعرية و فكرية خاصة به، فقد بدأ أولا بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى الشعر العمودي وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. وقد تناولت كثير من قصائده قضية حرية المرأة، إذ تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. كما تميز شعر القباني بنقده السياسي اللاذع للأحداث في تلك الفترة فبعد حرب 1967 أصدر نزار عدة دواوين ضد الحكومات والأنظمة العربية عموما وضد حكم البعث في سوريا ومنها "هوامش على دفاتر النكسة 1967" التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة يونيو، و"عنترة" و"يوميات سياف عربي". وعلى صعيد حياته الخاصة، تزوج نزار مرتين، الأولى من ابنة خاله زهراء آقبيق وأنجب منها ابنيه هدباء وتوفيق، الذي توفي وهو بعمر ال 17 وترك الأثر الكبير في حياة نزار وقد نعاه بقصيدة "الأمير الخرافي توفيق قباني" وتوفيت زوجته الأولى عام 2007. أما زواجه الثاني فكان من السيدة بلقيس الراوي وهي سيدة عراقية التقى بها في أمسية شعرية في بغداد وارتبط بها عاطفيا لفترة وتزوجها بعد توسط بعض المسئولين العراقيين لأسرتها للموافقة على الزواج وأنجب منها ابنيه عمر وزينب وكانت بلقيس ملهمته التي لقيت حتفها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية تحت أنقاض السفارة العراقية عام 1982 وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار وعاش حياة من العزلة وقد رثاها بقصيدته الشهيرة "بلقيس 1982". وبعد مقتل زوجته بلقيس غادر نزار لبنان متنقلا بين باريس وجينيف حتى استقر في لندن وقضى بها نحو 15 عاما الأخيرة من حياته حتى وافته المنية في 30 أبريل 1998 عن عمر يناهز ال 75 عاما بعد صراع قصير مع المرض قضى منها أكثر من 50 عاماً في الحب والسياسة و الثورة، ودفن بدمشق بناء على وصيته في جنازة حاشدة شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري بجانب الفنانين والمثقفين العرب. ومن محطات قصائده ترك نزار نحو 36 ديوانا شعريا منها : طفولة نهد، أنت لي، حبيبتي، الرسم بالكلمات، قصائد متوحشة، يوميات امرأة لا مبالية، اليوميات السرية لبهية المصرية، سيبقى الحب سيدي، وآخر ديوان هو أبجدية الياسمين 1998. وفي النثر: قصتي مع الشعر، ما هو؟، والكلمات تعرف الغضب، عن الشعر والجنس والثورة، الشعر قنديل أخضر، العصافير لا تطلب تأشيرة دخول، لعبت بإتقان وها هي مفاتيحي، المرأة في شعري وفي حياتي، بيروت حرية لا تشيخ، الكتابة عمل انقلابي، شيء من النثر. كما غني الكثير من مطربي العالم العربي قصائده الشهيرة أمثال: أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ونجاة الصغيرة، وماجدة الرومي وغادة رجب وأكثر من غني له قصائد كان المطرب كاظم الساهر ومنها إني خيرتك فاختاري، وزيديني عشقاً، ومدرسة الحب، وقولي أحبك، وأكرهها ، وأشهد ألا امرأة إلا أنت .. وغيرها من القصائد.