مهموم قلبي منذ سنوات طويلة بالشأن المصري ولذلك دشنت مدونتي المتواضعة التي اعترف باهمال تحديثها منذ فترة بسبب انشغالي في العمل.. وسميت مدونتي "مصري هاممني".. والاسم يتضمن الهم والاهتمام.. بالشأن المصري سواء كان من الناحية المجتمعية أو من الناحية السياسية على حد السواء لان لا يمكن الفصل بين المجتمع والسياسية بأى شكل من الاشكال لان اصلاح احداهم يعني اصلاح الاخر.. والاصلاح الذي كان يزعج مسماعنا والذي كان يردده مبارك دوما هو وحكومته كان لا يعني بأى شكل من الاشكال سوى كلام مرسل دون خطط طويلة الأمد. الهم ينبع من الاهتمام بامر معين في فترة زمنية محددة.. وأنا مهموم بما يحدث في الشارع المصري وأتساءل لماذا ترك الجيش المصري متمثلا في المجلس العسكري عددا من الجماهير يمرون من ميدان التحرير متجهين نحو ميدان العباسية "مسافة تقارب ال 20 كليو متر" يسيرون في مسيرة سلمية كانت او غير ذلك عازمين التوجة إلى مقر وزارة الدفاع المصرية للتنديد أو للاحتجاج.. لماذا تركت الالاف يتوجهون إلى هناك "ميدان العباسية" لما لم تمنعهم من خلال متاريس في اى من الميادين التي يمكن احكام السيطرة عليها مثل ميدان رمسيس أو منطقة غمرة التي يسهل احكام السيطرة عليها دون وقوع اى مصادمات بين المتظاهرين واهالي منطقة العباسية أو كما يقول البعض أنهم بلطجية احتلوا الأسطح ليواجهوا المحتجين. السؤال مُلح واجابته يجب أن تكون منطقية لان المجلس العسكري أعلن منذ البداية حماية الثورة والثوار لكن ما يحدث هو خلل غير واضح الملامح. نفس السؤال يدور في ذهني منذ فترة طويلة حول ما حدث في موقعة الجمل بميدان التحرير يوم 2 فبراير.. التي راح ضحيتها المئات لماذا يقف الجيش المصري موقفا محايدا أو موقف ضبط النفس كما يصفه العسكريون.. الاسئلة لم تصل بعد إلى حد الاتهام إلا أن ما يحدث بالفعل غير مفهوم من الجانبين من القوى السياسية التي اعتبرت أن الحشود التي تستجيب لها ولمطالبها ويتم تسييرهم وحشدهم إلى أماكن قد تعرض حياتهم للخطر.. لنرى في نفس لحظات الخطر قادة التنظيمات السياسية غير السرية متواجدون على القنوات الفضائية يعلنون أن الموقف لم يكن كذلك وانه يجب أن يحدث كذا وكذا. اباطرة التسخين.. اثبتت الدراسات الثورية أن الشعب موصل جيد للحرارة وأن مصدر الحرارة ينبع من قادة التنظيمات السياسية يصرخون في ابواق ذات اصوات عالية فتؤدي إلى إشعال نار الروح الثورية يجب أن نهدأ ونركز ونتوحد لنحدد ما المطالب التي يجب أن تحدث بسرعة ثورية وما المطالب التي يجب أن تحدث بحرص وادراك للمواقف السياسية.. يجب على اباطرة التسخين أيا كانت قيمتهم في الشارع ان يدركوا أن المسئولية ليست سهلة على احد وان التغييرات الجذرية التي يمكن أن تحدث في الوقت الزمني القصير قد تتسبب في عواقب وخيمة.. يجب أن يدركوا أن القرارات السريعة والقرارات النابعة عن الحالة الثورية والهستيرية التي يطالبون بها.. ليس سهلا تنفيذها على أرض الواقع على الإطلاق. أن ما حدث في اسبانيا الدولة المدنية الديمقراطية التابعة للاتحاد الاوروبي لم يكن الا نوعا من تنفيذ سيادة الدولة التي يجب أن تحترمها كل القوى السياسية. سيادة الدولة يجب أن تكون نابعة من كل فرد من افراد الشعب تجاه كيان الدولة الذي تحميه المؤسسات السيادية التي تعمل لمصلحة الشعب.. وليس لمصلحة الشعب الذي تعمل لديه أجهزة سيادية لو ترك زمام الأمور للشعب لفسدت السيادة.. والفارق كبير بين الديمقراطية والفوضى. الشعب قد يكون لديه الوعي الكافي لمعرفة مصالحه إلا أن ليس لدية اليات التنفيذ وليس لديه أيضا المعلومات الكافية للتنفيذ.. الرؤية السياسية التي يمتلكها المعارضون ليست كافية للتغيير الثوري لانه بمنتهي البساطة لا يوجد قائد واحد لكافة القوى السياسية المعارضة في الشارع المصري.. فالرؤية السياسية التي يمتلكها المجلس الأعلى للقوات المسلحة المنوط به حماية مصالح البلاد وإن كان عليها بعض التحفظات من قبل المعارضة.. وهو يقوم بتنفيذها... يقوم بتلبية المطالب المرفوعة على الأكتاف في ميدان التحرير وباقي ميادين مصر. بالاضافة أن اصحاب السيادة اجروا العديد من النقاشات والحوارات والمؤتمرات لجمع تصور كامل للصورة التي يرغب فيها الجميع.. مع العلم أنه يوجد العديد من الأفكار التى تم تطبيقها في الوقت الحالي والكثير منها لا يمكن تنفيذه حاليا لاننا في فترة انتقالية. العقول الموجودة بميدان التحرير وميادين مصر كلها والذين يمتلكون العديد من الافكار المختلفة عن المطالب لما لا يتم تجميع هذه الافكار ودراستها بشكل جيد وتنفيذها بدلا من الجلوس على الرصيف لابتكار الشعارات وافكار الخيام وقذف الحجارة. لماذا لا يتم ابتكار فكرة كل اسبوع والعمل على تنفيذها لتوفر العمل لعشرات الشباب فهل هذا لم يكن اولى لمستقبل هذا الشباب يا أباطرة التسخين.. ألم يكن من الأفضل أن يتم عمل اكتتاب لمشروع قومي لتشغيل المئات من الشباب. فإذا كانت تستغل حكومة مبارك المخلوع الآلاف من الشباب غير المتعلم في قطاعات الأمن المركزي المنتشر من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.. لقمع مظاهرات المثقفين والشباب والطلبة والنخبة.. فأنتم اليوم تستغلون المئات والاف من الشباب العاطل ليستمر في ثورة لو هدأت ستحقق جميع مطالبها وأن لم تحقق كافة المطالب فلنعود مرة أخرى جميعا. نخرج كما خرجنا يوم جمعة الغضب 28 يناير.. نصرخ ونثور مرة اخرى دون أن يكون هناك مُستفيد ومُستغل.. دون أن يكون هناك ضيوف فضائيات يتقاضون مبالغ محترمة وشباب يقضم الكشري من كيس ليطالب بلقمة العيش. فلقد خرجت الثورة بمطالب ثلاث (عيش - حرية - عدالة اجتماعية ).. واليوم يوجد الالاف فقدوا عملهم نعم لكل ثورة ضحاياها لكن لم يتم حتى الان عمل مشروع عدالة اجتماعية لكل من فقد عمله من خلال مليونية واحدة على الاقل من مليونيات مصر.. لم نوفر يوما حرية الحوار داخل ميدان من ميادين مصر.. لاننا ببساطة فقدنا القدرة على السمع لنستمتع بترديد الشعارات والتخوين فيما بيننا.