أكد د. صابر حارص، أستاذ الإعلام ورئيس وحدة بحوث الرأى العام بجامعة سوهاج، أن أزمة الإعلام المصرى تفاقمت بعد الثورة أكثر مما كانت عليه إبان النظام السابق، لأن الرأس بمفرده لم يعد قادرا على توجيه الإعلام لا من داخله ولا من خارجه. وأضاف حارص – على صفحته بموقع فيس بوك - أن حالة من الفوضى والمزاجية والتعصب سادت، جعلت من كل إعلامى بذاته وحدة غير متناغمة مع زملائه ومؤسسته الإعلامية. وذكر حارص أن هناك ضرورة لتصحيح المسار يجب أن تبدأ بالجسد قبل الرأس خلافا لما كُتب طوال المرحلة الانتقالية، فلا تزال هناك حالة من الإحساس بالظلم واللارضا وافتقاد العدالة وفقدان الانتماء وغياب المعايير السليمة فى كافة أوجه العمل الإعلامى برمته. وأضاف" حارص" أن علاج الجسد لا يتم فقط بمجىء رؤساء جدد للتحرير والإدارة أو تغيير القيادات الإعلامية بشكل عام، وإنما هناك ملفات مؤجلة داخل الإعلام وخارجه تبدأ بضمان استقلالية الإعلامى من السلطة ورأس المال والعادات والتقاليد البالية، وإعادة تنشئته وتأهيله فى مناخ يحتكم فيه لضميره ومصلحة وطنه ورسالته السامية ويلتزم فيه بالعدالة والنزاهة والأمانة فى إدارة النقاش والحوار المجتمعى لقضايا الرأى العام. وقال حارص إن ذلك يتطلب-سواء فى الإعلام الخاص أو القومى- تنظيم العلاقة بين المالك والإدارة من جهة وبين الإدارة والتحرير من جهة أخرى، وضمان وصول الإعلامى للمعلومات وحمايته من التشريعات الغامضة التى تحتمل التأويل أو من سلطة القضاء والسياسة والأمن والإعلانات، بحيث يُمكن للإعلامى فى ظل الثورة أن يفتح ملفات فساد القضاء المصرى الذى كان شريكا فى حماية فساد النظام السابق وبرلمانه المُزيف ولجنة لصوصه من السياسات. وأوضح "حارص" أن تصحيح المسار بعد الثورة أصبح بحاجة إلى الصحفى الفرد أكثر من الصحفى المؤسسة، وبحاجة إلى المؤسسة أكثر من الدولة والتنظيمات التى تملكه وتديره، بحيث يتم العمل بسرعة على وضع آلية لكبح جماح الإعلام المُنفلت الذى فهم الحرية بعد الثورة على انها سلطة بلا مسئولية وحق بلا واجب. ودعا حارص لوضع خطوط فاصلة بين العمل الاعلامى الذى يقوم على الحقيقة والموضوعية والأمانة فى النقل والدقة فى العرض والتحرى من مصداقية المصادر، وبين العمل الدعائى الذى يقوم على القصد والعمد فى نقل الأكاذيب والشائعات بحجة استقائها من مصدر معين. وكذلك العمل على وقف الممارسات الإعلامية التى لا تزال تُشعل الحرائق بين التيارات السياسية وتُوقظ الفتن بين طوائف الشعب وتهز استقرار الوطن، وسرعة البدء فى ممارسات إعلاميه تبحث عن القواسم المشتركة بين فئات وتيارات المجتمع ونخبه السياسية وتعمل على تقريب الفجوات بين قوى المجتمع الثورية والاسلامية وغيره. ولفت "حارص" إلى خطورة انفصام كثير من وسائل الإعلام عن أجندة الثورة المصرية واستمرارها فى أجندة الثورة المضادة التى تحاول عزل مؤسسة الرئاسة عن أجهزة الدولة وجهازها الإدارى وعرقلة تحقيق أهداف الثورة المصرية لصالح النظام السابق. وشدد على أهمية الانطلاق من رؤية اعلامية سليمة تُحقق المسئولية الوطنية بدلاً من العمل بعشوائية وحزبية وشخصية ضيقة، وفتح ملفات الفساد والمحاسبة لإعلاميين سابقين وحاليين حتى تتوقف الأصوات والأقلام التى تستغل مناخ الحرية.