من تابع الحوار المثير للمبدع أحمد منصور مع الباحث يزيد الصايغ حول جمهورية الضباط لابد أن يصل إلى نتيجة مهمة وهى نجاح الرئيس مرسى وفشل العسكر. قد تكون النتيجة صادمة للكثيرين خاصةً وهم يرون سيطرة العسكر وخطف الرئيس وأنهار الدماء التى تسيل على أراضى المحروسة، ولكن قبل أن نتسرع فى الحكم نعود إلى البحث موضوع الحلقة والمنشور فى أغسطس 2012، والذى خلص إلى أن المجلس العسكرى يسعى إلى ترسيخ وصايته على البلاد فى الدستور، وأوصى بضرورة أن يتوصل كلٌّ من الرئيس والأحزاب السياسية إلى توافق راسخ على الحدّ من الصلاحيات الاستثنائية التى يسعى المجلس العسكرى إلى تضمينها فى الدستور الجديد، وتثبيت الرقابة المدنية الفعّالة على تفاصيل ميزانية الدفاع وأى مصادر أخرى للتمويل العسكري، وخلص إلى أن جمهورية مصر الثانية لن تولد إلا بعدما تزول دولة الضباط عن الوجود. عمل الرئيس مرسى منذ تولى حكمه على تفكيك تلك الجمهورية بداية من عزل طنطاوى وعنان وصولاً إلى إحالة أكثر من سبعين لواء إلى التقاعد، وبدأ بتغيير العسكريين بمدنيين فى المناصب الرفيعة مثل المحافظين، ولكن هذا لم يوهن عزيمة العسكر بل آثار حفيظتهم فقرروا إسقاط النظام بطريقة قانونية ودستورية دون اللجوء للانقلاب العسكرى والذى يواجه دائماً بالرفض من العالم الخارجي. فكان سلاح المحكمة الدستورية وكانت مؤامرة ديسمبر 2012، والتى أبطل مفعولها الإعلان الدستورى الذى أثار زوبعة وانتقادا من المعارضين لتحصينه مجلس الشورى، وقد كان من المقرر عودة العسكر فى ذلك التاريخ، حيث أكد المؤرخ محمد الجوادى فى تصريح ل"مراسلون" بعد ذلك الإعلان الدستورى، أن الدستورية كانت تعقد العزم على أن تحكم بحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، وتبطل الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى 12 أغسطس 2012، وتعلن تنحية الرئيس مرسى بحجة عدم احترامه الدستور الذى أقسم عليه وعودة المجلس العسكري. وربما هذا يفسر ما تم تسريبه أخيراً فى (سيسى ليكس) من حوار الانقلابى عن شئون الدولة وضرورة إلغاء الدعم فى ديسمبر 2012، وهى موضوعات لا يجب لوزير دفاع أن يتطرق إليها لأنها خارج مجال تخصصه من متابعة جاهزية الجيش واستعداده لحماية حدود الوطن. وبعد فشل المحاولات المتتالية لعودة العسكر للحكم بطريقة تبدو ديمقراطية ودستورية كان اللجوء للقوة ليكون إعلان فشل واضح بأنهم لم يتمكنوا رغم سيطرتهم على الإعلام والقضاء من إسقاط الجمهورية الوليدة وكان الاستدعاء للدبابة والبندقية. نعم نجح الرئيس رغم عدم امتلاكه دبابة وبندقية، ورغم وقوف القضاء الشامخ المسيس ضد مصلحة الوطن للحفاظ على مصالح فئوية ضيقة، ورغم تسليط آلة إعلامية ضخمة لتشويه كل إنجازاته، نجح رغم ذلك فى إفشال كل مخططات العسكر والتجائهم إلى اللعب على المكشوف وإظهار الوجه القبيح الذى كانوا يحاولون إخفائه وراء وجوه قانونية وإعلامية تنادى بنصوص دستورية قاتلة للدولة الوليدة ومحصنة للعسكر وامتيازاتهم.