وعود زائفة منذ أن تولى الدكتور "محمد مرسى"، رئيس حزب الحرية والعدالة السابق منصب رئاسة الجمهورية عن طريق صناديق الإقتراع بفارق بسيط عن منافسه الفريق "أحمد شفيق"، وخرج علينا فى خطابه الذى ألقاه من أعلى منصة ميدان التحرير ليعلن عن تحقيقه لمطالب الثورة والثوار وتحقيق العدالة والحرية فى منظر تفائل الجميع به، وخرج بوعود ال100 يوم من حل المشاكل فى خمس ملفات وهى (الأمن – الوقود – الخبز – النظافة – المرور)، فتفائل المواطن المصرى، ولكن مرت المائة يوم دون تحقيق شىء، واستمرت معاناة المواطن من احتياجاته بل زاد الوضع سوءاً، فقد اعتاد النظام السابق على نقض الوعود، بداية من الوعد الرئاسى بعدم طرح مشروع الدستور للاستفتاء العام إلا بعد التواصل لتوافق وطنى، ولكنه دعى الناخبين للإستفتاء ناقضا وعوده وبرغم الرفض الشعبى .
فالمواطنون يعيشون مآسى منها الإنفلات الأمنى وفوضى المرور وسوء حالة الخبز وأزمة الوقود والبنزين، ياتى ذلك مع تراكم تلال القمامة فى المحافظات، فكانت وعودة زائفة دون وضع أى خطط لتنمية أو التطوير فى هذه الملفات .
مشروع النهضة "وهمى"
قام الدكتور "محمد مرسى" وجماعة الإخوان المسلمين بتضليل الشعب المصرى من خلال مشروع وهمى أثناء حملة الإنتخابات الرئاسية بإعتباره أساس برنامجه الانتخابى، ثم اتضح بعد ذلك أنه مشروع وهمى ومجرد أفكار غيرمكتملة واعترف بذلك قيادات الإخوان بأنه مجرد مشروع تفكيرى .
حيث روَّج الدكتور "مرسى" للمشروع بأنه ينقسم إلى أربعة مراحل، الأولى تتضمن مرحلة ال100 يوم من فترة رئاسته، والمرحلة الثانية وهى التأهيل ومدتها سنتان وتستمر حتى عام 2014 وتشمل آليات التعامل مع المشكلات الكامنة المتراكمة منذ عهد الرئيس المخلوع "مبارك", من العشوائيات والفقر والإحتقان الطائفى، وتليها المرحلة الثالثة من البناء والتشغيل والتى تبدأ عام 2016 وتستمر لخمس سنوات لوضع البنية التحتية وتحقيق التوازن بين مستوى المعيشة ورقعة الأرض، والمرحلة الرابعة فهى بداية النهضة المتوقع الوصول إليها عام 2025، مما يعنى أننا نعيد نفس النظام السابق من وعود زائفة واستمرار التمسك بالسلطة لسنوات عدة .
ومع الوقت انكشفت خدعة مشروع النهضة، حين نقرأ أن هذا المشروع بدأ من عام 1997 لإعادة ترتيب أفكار "حسن البنا" فى شكل يناسب العصر وكتبه فريق مكون من 1000 عالم وهو خلاصة تجارب رائدة لخمس وعشرين دولة، ولم يتحقق شىء، ولم ينفذ المشروع رغم وجود "مرسى" على سدة السلطة التنفيذية وكذلك سيطرة جماعته على السلطة التشريعة، مما يوضح مدى الضعف والهزل الفكرى وفقر الكفاءات فى حكومة الدكتور "محمد مرسى" .
حكومة" الأزمات "خارج نطاق الخدمة
لم يكن لها وجود ولا تأثير ولم تغير فى الوضع السياسى أو الاقتصادى بل كانت عائق وسبب فى زيادة المشاكل الاقتصادية، وهى حكومة "القطونيل" أو حكومة "قنديل"، التى زادت فى عهدها مشاكل المواطن البسيط من الخبز والوقود والكهرباء والمياه، وأصبحت من رفاهيات المواطن أن يجد المياه والكهرباء فى عهد "مرسى" .
استغرق "محمد مرسى" 23 يوما حتى أصدر قرارًا بتشكيل حكومة الأزمات "حكومة قنديل"، كما استغرق 58 يوما لإختيار فريقه الرئاسى، فقد تم تعين الدكتور "هشام قنديل" رئيسا للوزراء يوم 2 أغسطس 2012, كما تم تعيين الفريق "عبد الفتاح السيسى" وزيرًا للدفاع خلفًا للمشير "طنطاوى"، وفى ال 5 من يناير عدَّلت الحكومة للمرة الثالثة وتم تغيير 10 وزراء، وفى ال 7 من مايو 2013 تم تعديل 7 وزراء فى الحكومة، أى أن خلال تسعة أشهر تم تغيير تسعة عشر وزير ولكن دون وجود نتائج مثمرة للوزارة سوى توضيح مدى تمكين الإخوان ورغبتهم فى أخونة الوزارت .
فلم تستطع الحكومة برئاسة "هشام قنديل" إحساس المواطن بوجودها، ولم تقدم رؤية متكاملة لمواجهة المشكلات التى يعانى منها المواطن من الوقود والخبز والأمن، ولكن تفاقمت المشكلات، ناهيك عن ظهور مشكلات جديدة وهى مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه، كما فشلت الحكومة فى برامج الإصلاح الاقتصادى والمالى، وفشلت على مستوى السياسية الخارجية فتصاعدت مشكلة أزمة نهر النيل مع أثيوبيا، فظهرت الحكومة كأنها مغلولة اليد لا حول لها ولا قوة فى التعامل مع القضايا التى تسبب الإحتقان السياسى وأهمها الإعلانات الدستورية التى أصدرها الرئيس "مرسى" دون إستشارة مساعديه، كما كانت الحكومة خارج نطاق الخدمة، وغيبت عن التعامل فى ملف تعديل قانون السلطة القضائية وغيرها .
- إصدار الدستور المصرى فى منتصف الليل بإقصاء الجميع
كان هناك إنفراد بالجمعية التأسيسة لكتابة الدستور مع إقصاء لمعظم الأطراف المشاركة ، حيث تم مشاركة أعضاء مجلسى الشعب والشورى بالرغم من مناداه القوى السياسية بعدم تمثيلهم وتم سلق الدستور وإصدارة فى منتصف الليل فيما عرف بدستور الإخوان، وتم تحصينه بالإعلان الدستورى الديكتادورى ، كما استخدمت الجماعة أسلوبها فى حشد المواطنين للموافقة على الدستور تحت شعارات الدين والإسلام وتطبيق الشريعة .
ومع توالى الدعاوى القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة للمطالبة بحل الجمعية التأسيسية ، وتمت إحالة الدعاوى للمحكمة الدستورية العليا وحال حصار ميليشيات الإخوان وأنصارهم ومنع انعقاد المحكمة الدستورية العليا فى ديسمبر 2012 من إصدار حكمها فى مدى دستورية الجمعية .
ولجأ د محمد مرسى إلى تحصين الجمعية التأسيسية ضد الطعن وذلك حسب ما جاء بالإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر عام 2012، فى الوقت التى نصت المادة الخامسة :" أنه لا يجوز لأى جهة قضائية حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لدستور، ودعى المواطنين للاستفتاء على الدستور فى 15 ديسمبر 2012 ، وقضى الأمر وتمكنت الإخوان من فرض دستورها وسلقه .
إعلان مرسى الديكتادورى والتربص بالقضاء
قبل الانتخابات الرئاسية طالب الدكتور "محمد مرسى" الشعب أن يثور ضده إذا لم يحترم الدستور والقانون، قائلا: "الشعب صاحى وواعى وعارفين أن الذى لم يحترم الدستور والقانون سيثور ضده، أنا عاوز الشعب يثور ضدى إذا لم احترم القانون والدستور"، ولكن الرئيس كعادتة أسقط دولة القانون واعتدى على السلطة القضائية وسلط عليهم ميليشات جماعته لمحاصرة الدستورية لمنع صدور قرار بحل الدستورى والشورى.
ولكنه أثبت عكس ذلك فلم يحترم القانون ، ولم يراعى الفصل بين السلطات، وحاصر المحكمة الدستورية العليا بأنصاره، وأصدر الإعلان الدستورى اليكتادوري لتحصين قرارته، ولتحقيق سيطرته على الحكم والتأسيس لنظام ديكتادورى أكتشفه الشعب من أول لحظة أصدر فيها الإعلانات الدستورية ، أتضح بذلك الإعلان اللادستورى مدى انحياز الرئيس مرسى لجماعته وحزبه وأدعائه الديقراطية واحترام الطرف الأخر والمعارضه فى الوقت الذى أثبت ذلك.
وكانت بداية هذا المنطلق الغير دستورى مع إصدار الإعلان الدستورى الأولى فى 11 أغسطس 2012 ، بعد أقل من أسبوع من مجزرة رفح التى راح ضحيتها ستة عشر جنديا من القوات المسلحة، وكان هدفه الظاهر إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى صدر عن المجلس الأعلى لgقوات المسلحة يوم 17 يونيو 2012 ، وكان بهدف ان يجمع الرئيس بين السلطة التنفيذية والتشريعية والتمويه بالاستجابmه لمطالب الشعب والقوى المعارضة بإعادة تشكيل الجمعية التاسيسة لدستور ، وفى اليوم التالى للإعلان الدستورى فاجىء محمد مرسى الجميع بإصدار قرار جمهورى بإحالة كل من المشير طنطاوى وزير الدفاع، والفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة إلى التقاعد وتعينهم مستشارين لرئيس .
ثم أصدر "مرسى" الإعلان الدستورى الثانى يوم 21 نوفمبر 2012 بعد أيام من احتفال جماهير مصر بالذكرى الأولى لأحداث شارع "محمد محمود" واستشهد ضحايا جدد فى مواجهة الشرطة والتى لم تختلف ممارستها العنيفة عن السابق والتى ترتب عليها حالة من الإحتقان داخل المجتمع وانقسامه، وبهذا الإعلان الديكتاتورى, أصبح من حق الرئيس التالى :
- جعل القرارات الرئاسية نهائية وغير قابلة للطعن من اى جهة منذ توليه الرئاسة وحتى انتخاب مجلس الشعب. - إقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعين النائب العام الملاكى طلعت إبراهيم . - عدم جوار حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور - تمديد فترة كتابة الدستور لمدة شهرين.