فتيات صغيرات فى عمر الزهور تتراوح أعمارهن بين ال15 وال17 عامًا يقبعن الآن داخل معتقلات وسجون الانقلاب العسكرى الدموى ودور رعاية الأحداث مع السجينات الجنائيات والقصر المسجونات فى تهم جنائية منها المخدرات والآداب والسرقة وغيرها، وهذا ليس بسبب ارتكابهن جرائم مخلة بالشرف أو السرقة والقتل أو تجارة المخدرات كغيرهن من الجنائيات القاصرات، وإنما لأنهن -رغم حداثة أعمارهن- استطعن بصمود غير مسبوق أن يرهبن الانقلابيين ليس بحمل السلاح وإنما بأصابعهن الأربعة الصغيرة التى تشير بعلامة رابعة رمز الصمود والبطولة ليرتعد منها الانقلابيون الدمويون المدججون بالسلاح. وتسطر الفتيات الصغار خلال هذه المرحلة من تاريخ الوطن أعظم الأمثلة لنضال الفتاة المصرية وهو ما سيسجله التاريخ بكل فخر واعتزاز وسيظل صمود الفتيات والنساء فى الشوارع وميادين الكرامة دون ملل أو كلل حتى إسقاط هذا الانقلاب الدموى الفاشى. ولم يستطيع الانقلابيون مواجهة هذا الصمود إلا بالاعتقال والاعتداء وتلفيق تهم أصبحت فى حد ذاتها تمثل دليل كذب وافتراء هؤلاء الانقلابيين، فمن بين التهم التى توجه لهؤلاء الصغيرات الترويج للإرهاب واستخدام القوة وحمل السلاح وممارسة الإرهاب ضد الشعب وتكدير السلم والأمن العام ومحاولة قلب نظام الحكم. ولم يكن اعتقال ثمانى فتيات قاصرات ضمن ال21 فتاة المنتميات لحركة "7 الصبح" بالإسكندرية وهن: رضوى رمضان، مودة محسن، عائشة عبد الله، فاطمة نبيل، سلمى محمد، يمنى أنس، آية كمال، خديجة بهاء، هى المرة الأولى التى تعتقل فيها ميليشيات الانقلاب العسكرى قاصرات، ولكن سبق لها اعتقال 4 قاصرات من الإسكندرية فى جمعة "الوفاء لدماء الشهداء"، لا تتجاوز أعمارهن الستة عشر والسبعة عشر عامًا؛ حيث تم القبض عليهن من الشارع قبل بدء وقت حظر التجول؛ حيث كُنّ فى طريقهن إلى منازلهن. وأدان التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب هذه الهمجية والوحشية من ميليشيات الانقلاب الدموى، وأصدر بيانا ندد فيه باعتقال الفتيات القاصرات معتبرًا أنها أفعال تعبر عن خِسة النظام الانقلابى وتجردهم من رداء الحياء، معربًا عن اندهاشه من سلطات الانقلاب التى لا تقوى على سماع هتاف فتيات قاصرات يرفضن ممارساتها الوحشية بحق الشعب المصرى الأبى. كما تم اعتقال اثنين من القاصرات مع بداية شهر نوفمبر الجاى وتم حبسهم فى قسم الوايلى وهما حفصة أحمد وخديجة إسماعيل، هذا ولا يزال اعتقال القاصرات يسير على قدم وساق فى ظل نظام دموى لا يوقفه عرف أو دين أو قانون عن امتهان الحرائر اللاتى كن خطا أحمر فى كل العصور. "الحرية والعدالة" ترصد جرائم الانقلابيين ضد القاصرات ومدى مخالفتها للقانون فى التحقيق التالى. إرهاب القاصرات فى البداية، تحدثنا مع آلاء ماجد، إحدى الفتيات التى اعتقلتها ميليشيات الانقلاب العسكرى الدموى هى وأختها القاصر التى لم تتجاوز من العمر 16 عاما فى أثناء مشاركتهما فى إحدى المسيرات المؤيدة للشرعية بمدينة كفر الشيخ. وتصف آلاء تجربة اعتقالها هى وشقيقتها بالتجربة المؤلمة والقاسية نظرًا لما تعرضتا له من بطش واعتداء ومعاملة مهينة من قبل ميليشيات داخلية الانقلاب، وقالت آلاء: "كنا نشارك فى فاعليات مليونية "جمعة الغضب" بعد فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة وقامت قوات أمن الانقلاب بتفريق المسيرة من خلال إلقاء القنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص الحى عليها، وهو ما دفع عددا من النساء للاحتماء بإحدى العمارات، كما صعد عدد من الرجال فوق أسطح العمارات بعد ملاحقة قوات الأمن لهم، وبعد تفريق المظاهرة فوجئنا بعدد من البلطجية وعناصر من جيش وشرطة الانقلاب قاموا باقتحام العمارة وصعدوا إلى السطح وقاموا بالقبض على المتظاهرين بعدما أوسعوهم ضربًا بخشبة مليئة بالمسامير. وتضيف: "عندما سمع عناصر ميليشيات الانقلاب النساء ترددن دعاء "حسبنا الله ونعم الوكيل" استفزهم ذلك بشكل كبير وقاموا بضرب النساء والفتيات الصغار وشد حجابهن وقاموا بجرّى أنا وأختى الصغيرة 16 عاما إلى سيارة الترحيلات ثم نزلوا بنا عند معسكر أمن مركزى خلف مبنى المحافظة". وتتابع آلاء: "بمجرد وصولنا للقسم مارسوا علينا ألوانا متعددة من الإرهاب والتخويف؛ حيث كان المحقق يتحدث معنا بغلظة شديدة ولم يخل حديثه معنا من الإهانة والتهديد، هذا بالإضافة إلى أنهم جاءوا بعدد من السيدات اللاتى يبدو على هيئتهن أنهن بلطجيات وقاموا بتفتيشنا بشكل مهين للغاية وزعمن أنه كان بحوزتنا أسلحة ولكننا نجحنا فى التخلص منها قبل دخول القسم وقمن بالاستيلاء على هواتفنا الخاصة ومتعلقنا الشخصية، ثم بعد ذلك ألقونا فى مكان ضيق للغاية مع عدد من النساء الكبار إلى أن تم إطلاق سراحنا بعد تهديدات متعددة من جميع العاملين بقسم الشرطة". وحشية الانقلاب من جهته، قال عماد الدين نجيب -محام لعدد من الفتيات القاصرات فى سجون الانقلاب الدموى- إن عدد من اعتقل من الفتيات القاصرات داخل سجون ومعتقلات الانقلاب كبير ولكن هناك تعتيما متعمدا لهذا الأمر، مشيرًا إلى أنه بجانب الحملات الأمنية التى تستهدف الفتيات للقبض عليهن كما هو الحال بالنسبة لفتيات حركة "7 الصبح" والتى يوجد من بينهن عدد من القاصرات لا تتجاوز أعمارهن ال17 عاما ومنهن فتيات فى عمر 15 عاما فانه أيضًا هناك حملات اعتقال عشوائى تتم فى الشارع فى أثناء ملاحقة المظاهرات الرافضة للانقلاب يتم على إثرها اعتقال قُصر وقاصرات. وأضاف "نجيب" أن من القضايا التى تولى الدفاع عنها مؤخرًا كانت تضم عددا من الفتيات القاصرات والفتيان القصر؛ حيث قامت ميليشيات الانقلاب بملاحقة إحدى السيارات فى أثناء مسيرة بالسيارات بمدينة نصر، وكانت السيارة قد تأخرت عن المسيرة قليلًا وكان عليها شارات رابعة وصور الرئيس الشرعى الدكتور محمد مرسى وتم القبض على من فيها ومن بينهم قاصرات وقامت داخلية الانقلاب بإلصاق نفس قائمة التهم المعروفة مسبقًا للجميع دون تفريق بين صغير أو كبير أو قاصر أو بالغ وهى نشر فكر جماعة إرهابية وممارسة إرهاب ضد الشعب ومحاولة قلب نظام الحكم وتكدير السلم والأمن العام وإتلاف المال العام وغيرها من التهم الملفقة. وتابع أن ما يتعرض له الفتيات الصغار داخل أقسام شرطة الانقلاب الدموى من إهانة وضرب وسوء معاملة يتجاوز فى وحشيته كل ممارسات الأنظمة الاستبدادية السابقة، مشيرًا إلى أنه يتم إلقاء هؤلاء القاصرات فى السجون وزنازين لا يتجاوز اتساعها عن 2 متر فى 2 متر مع الجنائيات وأصحاب قضايا الآداب بما يخالف كل القوانين والأعراف، فضلا عن التعسف ورفض دفاع المحامين عنهن فى محاولة لامتهان وإرهاب هؤلاء الفتيات وأسرهن بسبب رفضهن للانقلاب الدموى وحرصهن على المشاركة فى المظاهرات الداعية لإسقاطه واستعادة الشرعية كاملة. تعرية الانقلابيين من جانبها قالت هدى عبد المنعم -مؤسس حركة نساء ضد الانقلاب وعضو التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب- إن ممارسات الانقلاب ضد النساء بصفة عامة والفتيات الصغار والقاصرات تجاوزت كل ألوان الخسة والوضاعة، مؤكدة أن هذه الممارسات هى أحد العوامل التى أسهمت فى تعرية الانقلابيين؛ حيث كشفت عن وجههم القبيح، كما كشفت عن مدى ضعفهم وفزعهم من فتيات صغار فى عمر الظهور لا يملكن أى سلاح لمقاومتهم سوى أصابع أربعة يلوحن بها بإشارة "رابعة العدوية رمز الصمود" ضد كل الظالمين والقتلة لتذكيرهم بجرائمهم الوحشية ضد المعتصمين السلميين. وأضافت عبد المنعم، أن الفتيات الصغار قدمن خلال هذه المرحلة من تاريخ الوطن أعظم الأمثلة لنضال الفتاة المصرية وهو ما سيسجله التاريخ بكل فخر واعتزاز؛ حيث نجد الفتيات فى المدارس تشارك بكل وعى فى الفاعليات والتظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية وتعلن رفضها لهذا الانقلاب الدموى بكل جرأة دون خوف من البطش والتنكيل الذى يلقاه كل مؤيدى الشرعية ورافضى الانقلاب، بل إن صمودها كان بمنزلة شعلة لحماس الكبار، وكذلك الأمر نجده فى طالبات الأزهر والجامعات المختلفة من صمود ونضال وإصرار على المقاومة وقفت حيالها الداخلية والجيش بميليشياتهم وأسلحتهم عاجزين عن وأد ثورة هؤلاء القاصرات ولم يجدوا أمامهم سوى حلولهم الأمنية والقمعية من خلال القتل والاعتقال والضرب والامتهان لكرامتها كأنثى من خلال كشوف العذرية واختبارات الحمل والتى أصبحت جزءًا أصيلًا من حكم العسكر، ولكن دون جدوى فلا يزال صمود الفتيات والنساء فى الشوارع وميادين الكرامة دون ملل أو كلل حتى إسقاط هذا الانقلاب الدموى الفاشى. وتابعت مؤسسة حركة نساء ضد الانقلاب، أن المرأة منذ الانقلاب العسكرى قدمت نموذج الشهيدة والمصابة والمعتقلة ولا تزال صامدة وهو الدرس الذى لا يزال بعيدا تمامًا عن فهم الانقلابيين لذلك هم مستمرون فى غبائهم ووحشيتهم التى تزيد من زخم الشوارع بملايين الرافضين لانقلابهم الدموى الفاشى الغاشم. واستنكرت عبد المنعم قرار نيابة الإسكندرية بتجديد حبس ال21 فتاة بالإسكندرية واللاتى يوجد من بينهن قاصرات، معتبرة أنها جريمة جديدة تضاف إلى جرائم الانقلابيين الدمويين العنصريين كما أبدت تعجبها من صمت منظمات حقوق المرأة والتى طالما تغنت وتشدقت بحقوق المرأة ولكنها الآن تلتزم الصمت بما يؤكد على أنها لا تخرج عن كونها جمعيات ومنظمات كاذبة ولا تجيد سوى المتاجرة بقضايا المرأة. عبث قانونى أما الدكتور أحمد كمال -أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- فأكد أن ما يحدث فى ظل الانقلاب العسكرى الدموى ضد القاصرات داخل النيابة والمعتقلات يتعارض بشكل صريح مع القوانين المنظمة للتعامل مع القاصرات من نواحٍ متعددة أولها أن هناك نيابة ومحاكم خاصة بالقصر تتولى التحقيق معهم إذا ما ثبت تورطهم فى أى من القضايا، أما ما يحدث الآن من عرضهم على النيابة العامة وسجنهم داخل معتقلات البالغين والكبار يؤكد أن الأمر تحكمه أغراض سياسية فى المقام الأول وكانت أولى بالنيابة أن تكون بمنأى وألا تكون طرفًا فى هذا الأمر بقبولها بالتحقيق مع هؤلاء القاصرات وإلصاق لهن نفس قائمة التهم المعدة مسبقًا ولا ينقصها سوى كتابة اسم المتهم عليها. وأضاف كمال أن من المخالفات الكارثية التى وقعت فيها المحكمة بهذا الصدد هو إلصاق بهؤلاء الفتيات جرائم غير منصوص عليها فى قانون العقوبات على الإطلاق، كما هى الحال فى جريمة حيازة ملصقات رابعة فطبقًا لمبادئ القانون الجنائى لا جريمة إلا بنص ولم ينص القانون على أن رفع شارة رابعة جريمة يعاقب عليها القانون، هذا بالإضافة إلى أن التهم المنسوبة لا بد من إثبات الدليل عليها؛ فعلى سبيل المثال الاتهام بحمل سلاح لا بد من إثبات ذلك ولكننا فى الحقيقة أصبحنا نجد اتهامات مرسلة ليس لها أى سند قانونى يدين المتهم وبالرغم من ذلك تصدر الأحكام ويتم تجديد الحبس على الرغم من عشوائية الاتهامات وعدم وجود أدلة عليها، هذا بالإضافة إلى أن التحقيق مع المتهم لا بد أن يتم بحياد تام ودون أى ضغوط من السلطة التنفيذية، ولكن ما نجده هو العكس سواء مع القاصرات أو غيرهن؛ حيث أصبحنا نلاحظ توغل السلطة التنفيذية فى أحكام القضاء بشكل فج يمثل إهانة حقيقية لاستقلال القضاء. وأوضح أستاذ القانون الجنائى، أن ما يحدث ضد القاصرات وغيرهن من المعتقلين فى سجون الانقلاب العسكرى الدموى هو عبث قانونى يفتقد لأى ألوان المشروعية وأن هذه المحاكمات ما هى إلا نوع من الإرهاب السياسى لرافضى الانقلاب ومؤيدى الشرعية حتى يكفوا عن التظاهرات والمسيرات الرافضة للانقلاب وحكم العسكر، لافتًا إلى أنه كان يجب أن ينأى القضاة بأنفسهم من الوقوع فيه هذا الفخ والصراع السياسى لأن القضاء لا يتدخل فى الصراعات السياسية لأنه الحكم فى النهاية. شهادة وفاة واتفق مع الآراء السابقة محمد مصطفى -المنسق العام لاتحاد الثورة المصرية- والذى قال إن ما يمارسه الانقلاب العسكرى الدموى ضد النساء والقاصرات هو ردة كبيرة إلى الوراء وانتكاسة إلى الخلف ليس فقط إلى عهد وزير داخلية المخلوع مبارك حبيب العادلى لكن إلى عهد صلاح نصر مدير مخابرات جمال عبد الناصر وهى أسوأ عصور القمع التى عاشتها الدولة المصرية. وأضاف مصطفى، أن اصطحاب القاصرات إلى السجون لمجرد التعبير عن رأيهن الرافض للانقلاب هو عار على السلطة الانقلابية وعلى الدولة المصرية كلها التى انتفضت فى الخامس والعشرين من يناير من أجل الكرامة الإنسانية، متسائلًا أى كرامة اليوم يتحدث عنها هؤلاء بعد اعتقال الفتيات القاصرات؟! وأكد المنسق العام لاتحاد الثورة، أن استمرار هذه السياسية القمعية من الانقلابيين ستكون سببًا من جديد فى توحد القوى الثورية ضد هذا النظام العسكرى المستبد الذى يسعى لاغتيال أهداف ثورة يناير، مشيرًا إلى أنه إن كان عدد من القوى الثورية قد أسهم الإعلام الفاسد فى تضليلها بعض الوقت فإنه لا شك أن حرصها على مكتسبات الثورة وأهدافها ستعيدها إلى الصف من جديد للعبور بالبلاد من هذا النفق المظلم وكسر الانقلاب واستعادة الشرعية الدستورية والقانونية والعودة للمسار الديمقراطى الذى هو أهم مكتسبات ثورة يناير. وتابع مصطفى، أن الشعب الذى أصبح يرى بعينه شرطة وجيش الانقلاب العسكرى الدموى، وهم يقبضون على الفتيات وأصحاب الرأى ويتعمدون إهاناتهم فى الوقت الذى يتركون فيه البلطجية مطلقى السراح ليفسدوا ويتجبروا على الناس قد فاق من غفلته وسيعود ليتفض من جديد إزاء هذا النظام المغتصب لأحلام المصريين والمعتصب لثورتهم. وأشار إلى أنه عار على هذا النظام أن يعلن خوفه وارتعاده على الملأ من هؤلاء الصغيرات لمجرد رفعهم شارة رابعة العدوية فى مسيرات سلمية خرجت لرفض الانقلاب فهو أمر إن دل على شىء فإنه يدل على هشاشتهم وضعفهم، كما أنه يمثل شهادة مؤقتة لوفاتهم.