معدل غير مسبوق من ارتفاع الأسعار لم تشهده مصر في أسوأ أزماتها بما في ذلك أوقات الحروب، وهناك مؤشرات تؤكد أن البلاد على شفا انهيار اقتصادي سيبتلع جزءا كبيرا من الفقراء المهمشين والبسطاء المطحونين، ولن يمس لللصوص ناهبي مقدرات الوطن والفاسدين ممن اعتادوا إصدار قرارات كارثية من مكاتبهم المكيفة. وربما يكون 2018 عام الحصاد المر في مصر؛ حيث الفشل الاقتصادي وتزايد الديون وزيادة معدلات الفقر والبطالة والغلاء، فخلال ال12 شهرًا الماضية لم يجد قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي وسيلة لتعزيز الإيرادات المالية لحكومته إلا عبر زيادة الحصيلة الضريبية بتوسيع جبايتها على المواطنين وزيادة نسبتها لجمع نحو 77% من إيرادات الدولة. الشراهة في إقرار الضرائب على رأسها الوقود والكهرباء والماء والضريبة العقارية تسببت في إرهاق ذوي الدخول المنخفضة ليبيت 27 % من المواطنين غير قادرين على الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، فضلاً عن انتقال 30 مليونًا منهم إلى ما تحت خط الفقر. وتسببت الضرائب تسببت أيضًا في ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 17.5% متجاوزًا المعدل المستهدف الذي حددته حكومة الانقلاب عند 16%؛ ما جعل الخبراء يتوقعون أن يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بين 1% و2%. الأزمات الاقتصادية المتلاحقة خلال العام دفعت حكومة الانقلاب إلى المضي قدمًا نحو طرح حصص في البورصة لبنوك حكومية وأكثر من 20 شركة لجمع 80 مليار جنيه خلال مدة تتراوح بين 24 و30 شهرًا؛ الأمر الذي ينذر بكارثة إغلاق لعديد من المصانع وتشريد آلاف العمال. وحسب بيانات سابقة للبنك المركزي فقد بلغ إجمالي الدين المحلي والخارجي أكثر من 4 تريليونات 900 مليار جنيه نهاية العام الماضي بينها 3 تريليونات و414 مليار جنيه إجمالي الدين العام الحالي وذلك لتمويل العجز في الموازنة العامة وبنسبة تصل إلى 6.5% تراجع فائض ميزان المدفوعات لحكومة الانقلاب خلال العام المالي الجاري بما يعادل 13 مليار دولار مقابل 14 مليار دولار خلال العام المالي الماضي حسب بيانات حديثة أعلن عنها البنك المركزي. تراجع الفائض جاء لأسباب عدة بينها الاعتماد على استيراد معظم السلع الأساسية كالقمح والأرز والسكر والزيوت إضافة إلى نقص العملات الأجنبية، بحسب خبراء اقتصاديين.
مستقبل عجز المعاملات الجارية يدور حول الزيادة نتيجة لسحب المستثمرين الأجانب حوالي 13 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي وفقًا لبيانات البنك المركزي الذي كشف عن تراجع الأموال الساخنة في أذون الخزانة إلى نحو 210 مليارات جنيه بنهاية أكتوبر الماضي. هذا التراجع في استثمارات الأجانب يتزامن مع توقعات أطلقتها مؤسستي كابيتال إيكومنيس للأبحاث البريطانية ونيمورا هولدنجز اليابانية بأن تواجه حكومة الانقلاب تراجعا جديدا في سعر صرف الجنيه خلال الفترة المقبلة نتيجة الاضطرابات التي تشهدها الأسواق الناشئة. وعود متكررة أطلقها عبدالفتاح السيسي بتخفيض الأسعار يقابلها إجراءات وقرارات اقتصادية عشوائية أدى إلى موجات كبيرة من التضخم والغلاء غير المسبوق، وهو ما جعل خبراء يؤكدون أن محدودي الدخل والعاطلين لم يعد يجوز عليهم إلا الرحمة. سياسات عقابية بدوره قال الدكتور مصطفى شاهين الخبير الاقتصادي: إن السياسات التي يتبعها عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري عقابية عن عمد للشعب المصري وتسهم في تعميق الطبقية. وأضاف شاهين، في مداخلة هاتفية لقناة “وطن”، أن السيسي يؤدب الشعب المصري ويريد إيصال رسالة له أنه إذا فكر في الثورة مرة أخرى فسيكون الوضع أسوأ بمئات المرات من الوضع الحالي، وهذا واضح جدا من رسائل الأذرع الإعلامية للانقلاب. وأوضح شاهين أن هناك خللا كبيرا في الهيكل الاقتصادي خاصة في نظام الضرائب الذي يحابي الأغنياء على حساب الفقراء، متوقعًا استمرار السياسات العقابية إمعانًا في إذلال الشعب.