ثمن دعم المستبدين ضد شعوبهم في استغلال مقزز للدعم السياسي للمستبدين والطغاة الذي تقدمه الإمارات للمستبدين العرب للاستعلاء وكسر رغبات وآمال الشعوب العربية في العيش بحرية وكرامة. وبعد أيام من استحواذ شركة موانئ دبي على 49% من أسهم منطقة قناة السويس الاستراتيجية في مصر، استولت شركة “آفرو بورت” (AFROPORT) الإماراتية على صفقة تشغيل مطار نواكشوط الموريتاني لمدة ربع قرن. الصفقة الجديدة تمت وسط تكتم إعلامى كبير، يعبر عن قمة الاستغلال الإماراتي وإضاعة حقوق الموريتانيين، الذي يسعى رئيسهم– كما السيسي- لتمديد فترات ولاياته الرئاسية عبر تعديلات دستورية أيضا في 2019. الشركة الإماراتية تتبع مباشرة لإمارة أبو ظبى، والتي يديرها محمد بن زايد، الذي تلقى صفعتين إفريقيتين مؤخرا من الصومال التي قامت بطرد الإماراتيين من الصومال، ووقف اتفاقيات تعاون تدريب عسكري وتعاون اقتصادي، حيث كان يستهدف السيطرة على منطقة القرن الإفريقي. وهو الأمر نفسه الذي فعلته جيبوتي بوقف اتفاق تعاون اقتصادي وقواعد عسكرية على البحر الأحمر. وقد استطاع الطرفان الموريتاني والإماراتي التكتم لشهور على الصفقة المثيرة للجدل، ولم يعلن عنها إلا قبل يومين، على الرغم من أن التوقيع عليها تم قبل أسابيع عدة وفقا لتصريحات المسئولين الموريتانيين. دعم سياسي غير مجاني وتنتهج الإمارات سياسات دعم الثورات المضادة التي تحطم آمال الشعوب العربية في الحرية وقهر الاستبداد ووقفه، وحماية عروش المستبدين في الخليج وفي المنطقة العربية. وقدمت للسيسي وعساكره المنقلبين على الرئيس محمد مرسي أكثر من 20 مليار دولار، سواء لدعم حركة تمرد المخابراتية التي أسستها للانقلاب وتثوير الشعب الكصري ضد الرئيس الشرعي، أو صفقات أسلحة مشبوهة لعسكر مصر، وقادت حملات علاقات عامة دولية لتعويم السيسي وإنقاذ شعبيته المنهارة دوليا وإقليميا. وظن إعلاميو السيسي والأذرع الاعلامية أن تلك الأموال محبة في الشعب المصري، حتى انكشفت الحقائق وسيطرت الإمارات على المستشفيات والشركات الطبية الناجحة في مصر، عبر شركة كابيتال الإماراتية، كما خصصصت 700 ألف فدان بغرب مصر، وتم تأجير قاعدة محمد نجيب العسكرية للطيران الإماراتي الذي يشارك بضرب الشعب الليبي، كما استولت الإمارات على أراض شاسعة في العلمين وفي سيناء وفي صعيد مصر. ثم جاءت الطامة الكبرى، وأعلنت الحكومة الانقلابية، مؤخراً، وجود شراكة وصفقة جديدة بين قناة السويس وشركة موانئ دبيالإماراتية، تحصل بموجبها القناة على 51% منها، وموانئ دبي على 49%. وأوضح رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، تفاصيل الصفقة، قائلاً إن المباحثات تتضمّن إنشاء شركة تنمية مشتركة تكون مملوكة بنسبة 51% للمنطقة الاقتصادية للقناة، و49% منها ل”موانئ دبي”. واعتبر الخبراء أن الصفقة هي “بيع جديد لمرافق مصرية”. وتأتي صفقة قناة السويس بعد إلغاء الصومال اتفاقية شراكة مع موانئ دبي لإدارة ميناء “بربرة”، وإلغاء جيبوتي عقدا مع موانئ دبي أيضا لتشغيل محطة “دوراليه” للحاويات. وينطلق الموقف الشعبي المعارض لاستثمار الإمارات في قناة السويس من أنها تُعدّ رمزا للسيادة المصرية ولا يجوز لأحد أن يشترك في إدارتها أو الحصول على أرباحها إلا مصر، التي دفعت ثمنًا باهظًا لتحقّق سيادتها عليها. وإضافة إلى أنها رمز للسيادة المصرية، تعدّ قناة السويس إحدى أهم المجاري البحرية في العالم؛ حيث يمرّ عبر القناة ما بين 8% إلى 12% من حجم التجارة العالمية. وتعدّ “الهيئة العامة لقناة السويس” أحد الموارد الرئيسية التي تعتمد عليها الدولة في توفير العملة الصعبة من إيراداتها. وخلال أول شهرين من العام الجاري، يناير وفبراير 2018، بلغت إيرادات القناة 15.7 مليار جنيه (نحو 882 مليون دولار)، مقابل 13.7 مليار جنيه (764 مليون دولار) خلال ذات الفترة من العام الماضي، بينما بلغت إيرادات القناة في عام 2017 نحو 5.3 مليارات دولار، بزيادة 5.4% عن العام السابق. توغل إماراتي وأيضًا تملك دولة الإمارات نفوذًا على البحر الأحمر؛ فشركة موانئ دبي تسيطر على ميناء العين السخنة، الذي يُعدّ من أكبر وأهم الموانئ على البحر الأحمر، وفق عقد إدارة، وبموجب العقد تمتلك موانئ دبي 90% من أسهم شركة تطوير ميناء السخنة، صاحبة الامتياز والمسئولة عن تشغيل ميناء السخنة، مقابل 670 مليون دولار. السيادة المصرية التي تبتلعها الإمارات كانت السعودية قد انتهكت جانبًا آخر منها بموافقة حكومة السيسي، التي وقّعت مع الرياض اتفاقية عام 2016، تتنازل بموجبها عن السيادة على جزيرتي “تيران” و”صنافير” لمصلحة المملكة. ورغم أن المحكمة الإدارية العليا (المختصة بالنزاعات الإدارية) بمصر قد قضت، في 16 يناير 2017، ببطلان الاتفاقية واستمرار الجزيرتين تحت السيادة المصرية، إلا أن البرلمان المصري ومحكمة مصرية أخرى أقرّا عكس ذلك، متفقين مع الموقف الرسمي.