“التجربة الإيرانية”.. هذا ما اختاره السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ليطبقه على المصريين، وأكد خبراء وقانونيون أن السفيه يدرس مقترحات عدة لتعديل دستور الانقلاب، الموصوف بالنوايا الحسنة، بما يسمح باستمراره جاثماً على أنفاس المصريين، سواء من خلال تعديل مدد وفترات اغتصاب الرئاسة، أو الإبقاء عليها مع استحداث مواد جديدة تمنحه وضعا استثنائيا. ولم يتمتع حاكم دولة أو قيادة دينية في العالم بالنفوذ والصلاحيات التي يتمتع بها مرشد ثورة إيران، القابض بين يديه على النفوذ السياسي والعسكري والديني والقضائي والإعلامي، وهكذا يريد السفيه السيسي، فوفق الدستور الإيراني فإن المرشد الأعلى لإيران هو القيادة العليا للبلاد، ويعلو منصبه فوق منصب رئيس البلاد ذاته، حتى شبه البعض رئيس إيران بأنه رئيس وزراء للرئيس الفعلي وهو المرشد. الملا انقلاب وجاء هذا وفق نظرية “الولي الفقيه” التي يريد السفيه السيسي تطبيقها، والتي اعتمدتها إيران على يد الخميني بعد ثورته التي أنهى بها نظام حكم الشاه عام 1979، وابتدع نظام حكم لم يُشهد مثله في العالم، معلنا بشكل واضح، وعبر الدستور أيضا، أنه يهدف لتطبيق هذا النظام على كافة الدول التي ستسيطر عليها تحت اسم “الجهاد الإسلامي” و”توحيد الأمة”. وكشفت العديد من التقارير الصحفية وجود مقترحات لتكرار التجربة الإيرانية، باستحداث مادة استثنائية لتشكيل مجلس أعلى لصيانة الدستور، يتولى السفيه السيسي رئاسته، وتنتهي المادة بوفاته، وتمنحه صلاحيات واسعة، أبرزها تبعية القوات المسلحة له، وحق التدخل في إدارة شؤون الدولة، إذا حدث خلل في تطبيق دستور 2014. وفي إطار المنصب الجديد، سيتم إجراء تعديلات عدة تقلص من صلاحيات برلمان الدم، في ما يتعلق بمنح الثقة لحكومة الانقلاب، وإعادة مجلس الشورى الذي سيخضع اختيار معظم أعضائه للمجلس المقترح، ومنحه صلاحيات لإحداث توازن في الهيكل التشريعي، وفق ما تناقلته مواقع عدة. وتشير معلومات موثقة إلى أن فريقا مشتركا من المخابرات العامة ورئاسة الانقلاب وعددا من ترزية القانون في مصر ودول أخرى، يقومون بدراسة واسعة لعدد من النظم السياسية التي تسمح باستمرار السفيه السيسي، مع عدم الإخلال بمدد وفترات الرئاسة، لعدم إثارة الرأي العام. كلام أم فعل؟ وأوردت أن التجربة الإيرانية هي الأقرب للتطبيق، على أن يسبقها حملة بوسائل الإعلام تطالب برد الجميل للسفيه السيسي باعتباره المنقذ للبلاد، وفي رده على دعوات تعديل دستور الانقلاب، أكد عمرو صلاح ، عضو لجنة الخمسين التي صاغت دستور العسكر 2014، رفضه مؤكدا أن مواد مدد وفترات الرئاسة، أو المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، محصنة دستوريا، ولا يجوز تعديلها، إلا بالمزيد من الضمانات. وأشار صلاح عبر صفحته في “فيسبوك”، إلى أن التعديلات المزعومة سترسخ لنظام استبدادي، وتلحق الضرر بمستقبل مصر، وتقضي على فرص أي تحول ديمقراطي أو تداول آمن وسلمي للسلطة، متمنيا ألا يخرج الحديث عن التعديلات عن مجرد الكلام وليس الفعل. من جانبه، لا يستبعد الباحث المتخصص بعلم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي، وجود فكرة لإنشاء مجلس أعلى لصيانة الدستور على الطريقة الإيرانية، مؤكدا أن السفيه السيسي يتعامل على أرض الواقع بأنه مستمر لما بعد 2022، ولكنه يبحث عن آلية تمكنه من ذلك، وبالتالي :”فالحديث عن وجود مجلس بهذا الشكل يدخل ضمن عدة تصورات تقوم الأجهزة المخابراتية بتسريبها لجس النبض السياسي والجماهيري حولها”. التجربة الإيرانية يريدها السفيه السيسي بحذافيرها، فالمادة 5 من الدستور الإيراني تنص على أنه “في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر؛ الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وفقاً للمادة 107”. أي أن الدستور أقام من مرشد إيران “نائبا للمهدي” الذي يوصف بأنه إمام المسلمين القادم؛ ما يعني أن مرشد إيران هو “إمام المسلمين” بالنيابة عنه، وهو ما يعطي لنفسه الحق في التدخل في شؤون الدول الإسلامية ولو بالمليشيات تحت حجة “توحيد الأمة” و”نصرة المظلومين” المنصوص عليها في دستور إيران أيضا. كما أن وصف الدستور له بأنه العادل والمتقي والبصير والشجاع، ولذا فإنه يكتسب قداسة من تلك التي يوليها المذهب الإيراني للمهدي، وفي “التمهيد” لمواد الدستور توجد فقرة بعنوان “ولاية الفقيه العادل” تنص على “تمشياً مع ولاية الأمر والإمامة، يهيئ الدستور الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط الذي يعترف به الناس قائداً لهم”، فهل ينجح السفيه السيسي في تشييع المصريين سياسياً وارتداء عمامة الخوميني؟