بعد الخذلان المستمر من حزب النور للشعب المصري، انفلت عقده بخروج كثير من أعضائه الذين رأوا أن الحزب قد خرج عن إطاره الدعوي وانتهاجه الطريق السياسي الذي قد يدوس بأقدامه على كثير من المبادئ والأخلاق التي تربوا عليها. ومع تحالف حزب النور مع جبهة الإنقاذ في مواجهة الإخوان المسلمين والدكتور محمد مرسي، استنكر كثير من السلفيين هذا التحالف مع القوى الليبرالية والعلمانية التي تعادي المشروع الإسلامي الذي يتطلع إليه كل الإسلاميين من جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الإسلامية وغيرهم من التيارات المختلفة، ولذا فقد خرج الكثير من السلفيين الذين أدركوا أن هذا التحالف ليس في مصلحة الإسلام ولا مصلحة الدعوة، وانزوى كثير منهم بعيداً عن الحوارات التي تدار على صفحات التواصل الاجتماعي. وبعد الاتفاق الشيطاني والتأييد الخائن للانقلاب العسكري من قبل حزب النور، وظهور أمين عام الحزب في مشهد إلقاء السيسي لبيانه الانقلابي، لم يبق في حزب النور إلا ياسر برهامي، وأشرف ثابت، وجلال مرة، وخالد علم الدين، ونادر بكار، والمتحدث الجديد باسم الحزب شريف طه. وحيث إن هؤلاء قد نصبوا أنفسهم شيوخاً يتحدثون باسم الدين ويحاولون إثبات وجودهم في العمل السياسي، وأنهم البديل القوي عن الإخوان المسلمين، ثم وضح للشعب كذبهم ونفاقهم في مواقفهم المتعددة، حتى أنهم باع بعضهم بعضاً للوصول لتحقيق مآربهم، فها هو ياسر برهامي يبيع خالد علم الدين من خلال رجال أمن الدولة الذين وضعهم له ضمن فريقه أثناء تعيينه مستشاراً للرئيس مرسي للشئون الزراعية، فقاموا ببيع الأراضي الزراعية للدولة لحسابهم الخاص، ووضع خالد علم الدين في صورة القائم علي تلك الأعمال التي تُخل بشرف الأمانة الموكلة إليه، مما اضطر الدكتور مرسي بعزله من منصبه نتيجة ما قُدِّم له من أوراق تثبت إدانة خالد علم الدين حيث أنه قام بالتوقيع عليها. وبعد الانقلاب العسكري والتسريبات التي تمت علم خالد علم الدين أن ياسر برهامي كان على علم بما دُبر له، مما اضطره إلى تقديم استقالته من الحزب ولكن بحجة رفضه مشاركة حزب النور في لجنة الخمسين الخاصة بالدستور. إن حزب النور انطفأ شعاعه، وأصبح في زوايا الظلام يبحث من خلال قياداته الأربعة المتبقية عن مخرج يبعدهم عن سطو السيسي وبطشه، ولكن ما لدى السيسي من اتفاقات مكتوبة معهم ضد الإسلاميين تجبرهم أن ينفذوا ما يأمرهم به رغماً عن أنوفهم، لا حفاظاً علي شيء حصلوا عليه، بل إنه قد انزلقت أرجلهم في دائرة الشيطان، وتمادوا في غيهم، فلم يستطيعوا أن يطهروا أيديهم التي امتلأت دماءً وخيانة بموافقتهم على الانقلاب وصمتهم علي قتل المعتصمين. إن العلمانيين والليبراليين في لجنة الخمسين الخاصة بالدستور الانقلابي قالوها مراراً وتكراراً: إن الدستور القادم سيكون علمانياً وليس فيه مجال لأحزاب سياسية على أسس دينية!. إذاً فلماذا يوافق هؤلاء على الانضمام للجنة الخمسين؟ إنها الأوامر "السيساوية" التي تجبرهم على الانضمام لتلك اللجنة حتى يكتمل ديكورها الديني باسم الإسلام! إن قيادات الحزب المتبقية قد ضلت طريق النور وانتهجت نظرية مكيافيللي التي بين فيها أن الغاية تبرر الوسيلة، فباعوا أنفسهم بعد أن باعوا دينهم. وإن الشعب لن يرحمهم على تواطئهم مع الانقلابيين، وتحالفهم مع تواضروس في إسقاط الشرعية عن الرئيس الإسلامي التي اكتسبها بعد ثورة 25 يناير. (وسَيَعْلَمُ الَذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) سورة الشعراء. __________________ مستشار بالتحكيم الدولي