خلال الأسبوع الجاري، طفت على السطح "5" مؤشرات جديدة تؤكد إصرار نظام العسكر الشمولي على إجراء تعديلات دستورية تفضي مبدئيا إلى إطالة مدة حكم الجنرال الطاغية عبدالفتاح السيسي خلال فترة ولايته الثانية إلى 6 سنوات بدلا من 4 على أن تنتهي في 2024 بدلا من 2022 كما هو مقرر، وعلى الأرجح فإن هذه مجرد بداية يناور بها النظام من أجل تعديلات آخرى لاحقة ربما تفضي إلى حكم الجنرال مدى الحياة على غرار كل حكام العسكر السابقين الذين أغوتهم السلطة وغرتهم بطانة السوء بأن البلاد بدونهم ستنهار ولن تقوم لها قائمة فانجرفوا نحو غواية الحكم وشهوة التسلط حتى رحلوا عن الحكم بطرق عنيفة. وتنص المادة 140 من الدستور المصري على أن: "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمئة وعشرين يوماً على الأقل، ويجب أن تُعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة". وتنص الفقرة الخامسة من المادة 226 من الدستور على أنه « وفي جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات". "5" مؤشرات المؤشر الأول، ما ذكره ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم في مقاله المنشور اليوم الخميس 30 أغسطس 2018 بعنوان "أحاديث المصالحة"، فقد قال رزق نصا: « رهان الإخوان هو على مرحلة ما بعد السيسي، سواء انتهت فترته الثانية في 2022، أو امتدت بإرادة الشعب إلى 2024». بل يشير رزق إلى أن السيسي ربما لا يترك الحكم «يتصور الإخوان أن السيسي حين تنتهي رئاسته في الموعد الدستوري الذي يرتضيه الشعب، سيجلس في منزله يشاهد التليفزيون أو يدون مذكراته، وسيكتفي بأن ينزوي في الظلال تاركا مصائر البلاد والعباد نهبا لأهواء أصحاب الهوى!». فماذا سيفعل الجنرال إذا انتهت مدته الثانية بناء على كلام ياسر رزق؟ تلميحات ويمكن وصفها بتسريبات رزق تلمح بأن الجنرال ربما يلتف على النص الدستوري المانع لترشحه لفترة ثالثة بأمرين: الأول إجراء تعديلات دستورية تطيل فترة الثانية إلى 6 سنوات بدلا من 4 عبر التمسح بإرادة الشعب الذي أخرجه الجنرال فعليا منذ انقلاب 30 يونيو من المعادلة تماما. والثاني هو الدفع بمرشح « صوري تحت السيطرة مثل عدلي منصور تماما» ليظهر أنه يدير البلاد عبر انتخابات صورية ويبقى الجنرال هو الحاكم الفعلي للبلاد من وراء ستار وهو ما كان يحدث فعليا بعد الانقلاب مباشرة فقد كان عدلي منصور حاكم صوري والسيسي هو الحاكم الفعلي للبلاد. المؤشر الثاني هو تصريحات النائب الوفدي أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، لصحيفة "مصراوي" الإلكترونية يوم الثلاثاء الماضي، والتي يؤكد فيها أنه يؤيد تعديل الدستور في عدد من المواد، منها مد فترة الرئاسة ل6 سنوات بدلا من أربع، وحذف النص الانتقالي الخاص بإقرار تشريع للعدالة الانتقالية، مع تعديلات تختص بقانون الإدارة المحلية الجديد، والتي طالبت الهيئة الوطنية للانتخابات بدراستها. السيجيني قال إن الدستور ليس قرآنا ، والهرولة فيه لم تكن مطلوبة، مؤكدا أنه بعد الممارسة الفعلية اكتشفنا أن بعض المواد تحتاج لإعادة النظر، والحكم بتعديل الدستور جاء بعد الممارسة الفعلية التي أكدت الحاجة لتعديل بعض المواد". المؤشر الثالث هو تصريحات الدكتور محمد فؤاد عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، لصحيفة "فيتو" يوم الأحد 26 أغسطس 2018، التي أشار فيها إلى تأجيل البت في مشروع قانون الإداة المحلية بسبب التوجهات الرامية لإجراء تعديلات دستورية، مضيفا أن قانون الإدارة المحلية لديه 3 أمور متعلقة بالدستور وهي اللامركزية والنظام الانتخابي وقانون الانتخابات. وتابع أن هناك 3 مواد مُكملين للدستور بقانون المحليات، فإذا تطرق الأمر للتعديل سيؤجل انتخابات المحليات. المؤشر الرابع، هو الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددا من قيادات "الحركة المدنية" على رأسهم السفير معصوم مرزوق والدكتور يحيى قزاز ورائد سلامة وغيرهم؛ حيث أصدرت حركة "الاشتراكيون الثوريون" يوم الأربعاء الماضي 28 أغسطس 2018 بيانا دانت فيه هذه الاعتقالات واعتبرتها "أولى المشاهد في سيناريو تغيير الدستور، الذي بات قيد التنفيذ بالفعل، ويستدعي من النظام حرباً استباقية ضد كافة القوى التي قد تعارض تنفيذه". وأضافت "الاشتراكيون الثوريون"، في بيانها، أن "كلَّ صوت معارض اليوم هو في الواقع مقاومةٌ لسيناريو تغيير الدستور يجب دعمه، وتقويته… وكلُّ هجومٍ من السلطة على أيِّ معارضٍ يجب أن يقابله كل التضامن والدعم من كل المعارضين لتغيير الدستور (يستهدف فتح مدد الرئاسة دون قيد)". المؤشر الخامس، أن مصادر دبلوماسية وسياسية بحكومة الانقلاب كانت قد كشفت يوم 24 أغسطس 2018 عن تحذيرات أميركية شديدة اللهجة، تلقاها النظام، بشأن مساعي الجنرال عبد الفتاح السيسي والدائرة المحيطة به لتعديل الدستور، بشكل يسمح للسيسي بالبقاء لفترة أطول في الحكم. وقالت المصادر بحسب صحيفة "العربي الجديد" إن "مسؤولين بارزين أعادوا أخيراً فتح نقاش مع مسؤولين أميركيين، بعدد من مراكز صناعة القرار بالولايات المتحدة، حول تعديل الدستور المصري لتمديد فترة ولاية السيسي، بحيث يُسمَح له بالترشح مرة أخرى، أو زيادة الفترة الرئاسية. وهو ما قوبل بالرفض للمرة الثانية"، مشيرة إلى أن "الجولة الأولى من تلك المشاورات كانت قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وواجهها رفض أميركي شديد".