كشفت مصادر نيابية ببرلمان العسكر أن ائتلاف "دعم مصر" التي ترعاه الأجهزة الأمنية، حصل على موافقة مبدئية من ممثلي الأحزاب غير المنضوية تحت لواء الائتلاف، وفي مقدمتها "المصريين الأحرار" و"الوفد"، على تمرير اقتراح بتعديل الدستور، وقانون جديد للنظام الانتخابي، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من دور الانعقاد المقبل، الذي يبدأ في أكتوبر2018. التعديلات المرتقبة تستهدف التوسّع في صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب البرلمان، وحذف قيد عدم جواز إعادة انتخابه لأكثر من فترتين رئاسيتين (8 سنوات)، مع مدّ الفترة الواحدة من 4 إلى 6 سنوات، في ارتداد للنصّ الدستوري الحاكم بعهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك. كما تستهدف مزيدًا من سيطرة الأجهزة الأمنية على المسهد السياسي بسن قانون يشرعن نظام الانتخابات البرلماية بنظام القوائم المغلقة والتي يسهل سيطرة الأمن عليها للتحكم في تشكيل وتركيبة البرلمان رغم أن كل الأحزاب تفضل نظام القوائم النسبية الذي يسمح بمشاركة شعبية أوسع وتنوعا في تشكيلة المجلس على غرار ما حدث في أول برلمان بعد ثورة يناير2011م. وبحسب هذه المصادر فإن هناك حالة تعجل لتمرير هذه التعديلات واستغلال البرلمان الحالي لقطع الطريق على المعارضين للسيسي، حيث تتوقع الأجهزة الأمنية أن تتصاعد حدة المعارضة للسيسي وربما يسفر ذلك عن مجلس نواب مختلف في تشكيلته وليس مشابها للمجلس الحالي شديد الخنوع والاستسلام لرغبات الجنرال وأجهزته. شروط تمرير هذه التعديلات ونصّت المادة (226) من الدستور المصري على أنّ "لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، متضمّناً المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل، وفصل البرلمان في الطلب خلال ثلاثين يوماً، مع اشتراط موافقة ثلثي أعضائه على طلب التعديل، وعرضه على الشعب للاستفتاء خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الموافقة". وتابعت المصادر أنّ البرلمان الحالي لن يشرع في إدخال تعديلين على الدستور، لتجاوز إشكالية حذف القيد الوارد في المادة أعلاه، بشأن "عدم جواز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة"، والذي يستلزم تعديلاً دستورياً بذاته، بحسب ما يرى دستوريون، لصعوبة طرح استفتاءين متتاليين على الشعب، وضمان نتائجهما معًا. ونبّهت المصادر إلى تعرّض التعديل لحذف المادة الخاصة بدعوة مجلس النواب إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب موقّع من أغلبية أعضائه، بدعوى أنها وضعت بشكل احترازي من قبل لجنة إعداد الدستور، نتيجة ما شاب البلاد من أحداث عنف، من جراء رفض الرئيس محمد مرسي، لدعوات إجراء انتخابات مبكرة. كذلك، نوّهت المصادر إلى أنّ البرلمان ينوي الاستمرار في تمديد حالة الطوارئ المفروضة بجميع أنحاء البلاد منذ أبريل 2017، كل ثلاثة أشهر، لحين طرح تعديل الدستور للاستفتاء الشعبي مطلع العام 2019، على أرجح الاحتمالات، للاستفادة من الإجراءات الاستثنائية المفروضة بموجبه في مواجهة أي محاولات لتعطيل تمريره، أو حشد المواطنين من قبل المعارضة للتصويت برفضه. وفي ما يخصّ النظام الانتخابي، فإن حكومة السيسي تفاضل حالياً ما بين الأخذ بنظام القائمة المغلقة كاملاً، أو بنسبة 80 في المائة مقابل 20 في المائة للنظام الفردي، وفقاً للمصادر، التي أضافت أنّ "نظام القوائم المغلقة يسهل السيطرة عليه من قبل الدوائر الموالية للحكم، ممثلة في الأجهزة الأمنية، لمركزية تلك القوائم، وفوز أعضائها جميعاً في حالة الحصول على (50% + 1) من أصوات الناخبين، خلاف النظام الفردي الذي يزيد من عدد الدوائر على مستوى الجمهورية، ويرهن نتائجها بالتربيطات والعصبيات القبلية". وفي 28 يناير الماضي، لمّح رئيس البرلمان، علي عبد العال، إلى إمكانية الأخذ بنظام القوائم المغلقة في الانتخابات المقبلة، وعدم فوز أعضاء تكتل (25 – 30) بمقاعدهم النيابية مجدداً، والذي ينظر إليه كتكتل معارض، على الرغم من محدودية تأثيره (16 نائباً)، وعدم استطاعته تغيير دفة التصويت على أي من التشريعات والقرارات التي مررها البرلمان. وكان رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، لواء الاستخبارات السابق، كمال عامر، قد دعا إلى إرجاء اقتراح تعديل الدستور إلى ما بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية، لعدم التأثير سلباً على صورة مصر أمام العالم في المرحلة الراهنة، خصوصاً أنه لم يمرّ على إصدار الدستور سوى أربع سنوات، معتبراً أن الأولوية الآن تتمثل في دعم النواب لفوز السيسي بالولاية الثانية. تلبية لأطماع السيسي وبحسب مراقبين فإن هذه التوجهات تلبي أطماع سفيه العسكر عبدالفتاح السيسي ، وتحقق نزعته الاستبدادية نحو تكريس حكم العسكر على أن يكون على رأس الحكم. ولا ينسى المصريون أن السيسي أبدى تحفظه على هذا الدستور خلال لقاء جمعه مع بعض شباب الجامعات المنتقين من جانب الأجهزة الأمنية في جامعة قناة السويس في سبتمبر2015، عندما قال إن الدستور وضع بنوايا حسنة، مضيفا أن النوايا الحسنة لا تبني الدول! وكأن المطلوب هو توافر النوايا الخبيثة والشريرة حتى تنهض البلاد وتبنى الدول!. وكان رئيس برلمان العسكر قد أدلى بتصريحات مماثلة منتصف عام 2017 أثناء هوجة تعديل الدستور ومد فترة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلا من 4، ووصفه على غير الحقيقة، بالدستور ال "توافقي" ولا يمكن أن يكون مفيداً، وأنه يحتاج لإعادة النظر في العديد من نصوصه وبنوده، معتبراً أنه وضع في ظروف استثنائية لا يمكن استمرارها لأمد بعيد، لأن أي دستور يتم وضعه فى حالة عدم استقرار يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة، على حد تعبيره. وقبل كلام عبدالعال، أطلق رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" الحكومية ياسر رزق، دعوة لتعديل الدستور ل"الإشكالية" التي ستواجهها الدولة المصرية بعد انتهاء ولاية السيسي الثانية (يعتبر رزق أن نجاح السيسي بمسرحية 2018 سيحصل من الدورة الأولى)، مطالباً بتعديل الدستور لزيادة فترة الرئاسة. وتأتي أهمية دعوة رزق من كونه أحد المقربين من الجنرال السفيه، والصحافي الوحيد الذي خصه السيسي بحوار صحافي قبل ترشحه.