من جديد، جريمة جديدة تطل علينا فى شبه دولة " السيسي"، تكشف أن المجتمع المصرى فى طريقه للانهيار على شاكلة" الدومينو" بعدما امتلأت صفحات الحوادث بالقتل والاغتصاب والإنتحار وسفك الدماء. فما أشبه الليلة بالبارحة،فأحداث جريمة "مقتل طالب الشروق" بمنطقة الرحاب أكدت ملامحها ضياع الأخلاق والقيم ، فالجريمة منذ الوهلة الأولى تكشف استدراج العسكر بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي للمصريين كل يوم . جريمة كل يوم قصة "طالب الشروق" تؤكد ملامح ما تعيشه مصر، وكان قسم شرطة التجمع الأول قد تلقي بلاغاً باختفاء شاب يدعى "بسام "بعد ساعات من تلقية اتصالا من خطيبته "حبيبة" طالبته بالتوجه معها لمشاهدة شقة سكنية تمهيدا لشرائها ك"عش للزوجية". وفى مساء الإثنين الذى وافق "وقفة عرفة": فقدت أسرة "بسام" وأصدقاؤه التواصل معه بعدما أغلق هاتفه. وبعد أيام تلقى والد بسام اتصالا من أحد الأشخاص طالبه بدفع 600 ألف دولار مقابل إطلاق سراح نجله. مفاجأة إلا أن المفاجأة التى صدمت الجميع ، كانت حضور سائق سوري يعمل لدى والد الفتاة، ليؤكد أن والد الفتاة اختطف "بسام" بمساعدة ابنته، واستدرجاه إلى شقة بالعقار 8 بمنطقة (الرحاب 2)، واستعانا ب5 آخرين تعدوا بالضرب على الشاب وقيدوه بالحبال، وألقوه داخل صندوق خشبي بأرضية المطبخ. ولم يتخيل أن نهايته ستكون في تلك الشقة التي ادعت خطيبته أنها مسكن الزوجية، بعدما قام والدها وأخرون بتوثيقه والاعتداء عليه حتى فارق الحياه، ودفنه في حفرة تم إعدادها مسبقًا وردموها ووضعوا عليها السراميك "تبليط" لعدم لفت انتباه السكان المترددين على العقار، وبعدها اتصلوا بعائلته وطلبوا فدية مالية قدرها 600 ألف دولار . وبعد ذلك ألقت قوات الشرطة القبض على والد الفتاة وأقر بجريمته للتخلص من تهديدات "بسام" لاكتشافه حقيقته بأنه "مُزور".حيث قال عمر أسامة، شقيق الضحية في تصريح له، إن شقيقه قُتل خنقا على يد والد حبيبة كونه "يعرف حاجات كتيرة عنه مش كويسة، وطالبه بأنه يبطل اللي بيعمله عشان خاطر خطوبته من ابنته تكمل". وأرجع أساتذة علم النفس والاجتماع انتشار الجرائم فى الأعوام القليلة الماضية ،إلى عدة أسباب أهمها العوامل الاقتصادية والضغوط النفسية وضعف الوازع الدينى. وقالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن هناك عوامل كثيرة ومتشابكة تجعل الفرد يُقدم على قتل أقرب الناس إليه، أهمها الجانب النفسى، وهو يرتبط بالعلاقات الاجتماعية فى محيط الأسرة، وهذا الجانب افتقدناه مؤخرا بسبب سعي رب الأسرة الدائم وراء توفير المال بالعمل طوال اليوم، وهذا على حساب أفراد أسرته، الذين يفتقدون الحميمية مع الأب والأم والأشقاء. وفى تقرير صدر عام 2017 فى موقع موسوعة قاعدة البيانات "نامبيو" جاءت مصر فى المركز الثالث عربيًا فى ترتيب مؤشر الجريمة، بعد ليبيا والجزائر. وكشف التقرير أن نسبة الزيادة فى معدل جرائم القتل العمد بلغت 130٪، أما معدلات السرقة بالإكراه فقد زادت بنسبة 350٪؛ إذ سجلت 2611 جريمة، أما سرقة السيارات فقد زادت بنسبة 500٪، وأكدت إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية، أن فى مصر أكثر من 92 ألف بلطجى ومسجل خطر، ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب وخطف. كما أكد تقرير صدر مؤخرا عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ارتفاع نسبة المسجلين ليزيد على 55٪ من إجمالى المسجلين البالغ عددهم رسميا 92 ألفا و680 شخصا. انحدار أخلاقى الدكتور محمد عبدالعاطي، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقليوبية، قال عن أسباب الانحدار الأخلاقى فى المجتمع المصري،: إن الإسلام دين احترم الكيان الإنسانى والاجتماعي، وإن مقاصد الشريعة الإسلامية خمسة، وهى حفظ النسل والعرض والمال والدين والعقل وجاء الدين الإسلامى بمكارم الأخلاق، ولكن الإنسان تخلى عن الأخلاق الحميدة وأصبح عبدًا لغرائزه وشهواته. واعتبر أن الفن وسيلة لترويج الفواحش، حيث خرج عن رسالته إلى الإثارة وانتشار العرى فى القنوات الفضائية واضاف : أما الدور السلبى الذي تلعبه وسائل الإعلام، فحدث ولا حرج، فهناك برامج تتحدث عن أشياء وموضوعات لا يجوز طرحها للنقاش بذلك الأسلوب من أفلام ومسلسلات وأغانٍ وإعلانات بذيئة. وأوضح عبدالعاطي، أن وسائل الإعلام الهابط تساهم فى تدنى قيم المجتمع وآدابه سواء من خلال الخلل فى التعليم أو فى الثقافة، وأن تخلى الإنسان عن دينه وأخلاقه الحميدة يحوله إلى حيوان يلبى مطالب غرائزه، وبذلك يتحول إلى عبد لشهواته. سلبية الإعلام واكد الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس، إن العوامل الاجتماعية ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية وإن المجتمع المصرى أصبح يعانى من الكثير من المشكلات داخله، حيث يعانى من أزمة أخلاق تتمثل فى ترسيخ البذاءات والعادات السيئة وانهيار منظومة التعليم وغياب الرقابة وبُعد الشباب عن القيم الدينية والدور السلبي للإعلام. وأضاف هناك عوامل غير مادية تلعب دورا مهما فى تكوين الظواهر الاجتماعية المريضة، وأهمها الفساد وعدم الانضباط والفوضى وزيادة العنف والتطرف وظهور الجرائم. بينما أكد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أن ما يحدث فى المجتمع من جرائم غريبة وشاذة يمثل جانبا من صور الانحدار الثقافى الذى وصلت إليه مصر، وأن أى دولة يوجد بها انحدار ثقافى لا بد أن يكون مصحوبا معه انحدار أخلاقى. ضغوط اقتصادية بدورها،قالت الدكتورة شادية قناوى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الجريمة فى أى مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، مشيرة إلى أن المجتمع المصرى يمر بمرحلة دقيقة من تاريخه. وأضافت، أن الضغوط الاقتصادية تلعب دورًا اساسيًا فى معدلات الجريمة، مؤكدة أن هناك حالة من الفهم الخاطئ لمفهوم الديمقراطية ترجمت بالفوضى وحرية إبداء الرأى. وأشارت أستاذ علم الاجتماع، إلى أن فوضى العلاقات الاجتماعية داخل الاسرة انتقلت أثارها فى تعاملات الفرد خارج نطاق الأسرة، مضيفة أن كل ذلك خلق حالة من التوترات انعكست فى صورة تهديد استقرار المجتمع. وتابعت، أن المجتمع وصل لمراحل سلبية خطيرة انحصرت ما بين قمة الانحدار فى كل شئ وسلوك طريق الأنانية. وأوضحت، أن الأجيال السابقة توفرت لديها حالة من الاستقرار بعيدًا عن الصرعات السياسية والاقتصادية دفعت رب الأسرة لتربية أولاده تربية جيدة، مضيفة أن الأجيال الحالية شكلتها وسائل الإعلام المختلفة خاصة الوسائل الترفيهية وهو ماينذر بكوارث. واختتمت، الوضع الحالى فى مصر هو نموذج محاكاة لما هو أسوأ بالنسبة للخارج وجاء نتيجة البعد عن القيم والعادات الشرقية