129 متدربا اجتازوا 4 دورات بختام الأسبوع 31 من خطة المحليات بمركز سقارة    رئيس المصرية للاتصالات: بطولة البرمجة الدولية أظهرت للعالم قدرتنا على تقديم خدمات الاتصالات الفائقة    ممثل أبو مازن بالأمم المتحدة: الشعب الفلسطيني ضحية قرارات دولية لم تكن من صنع يديه    فرحة هستيرية.. احتفالات لاعبي ريال مدريد بعد الفوز على مانشستر سيتي    شريف يقود هجوم الخليج لمواجهة التعاون بالدوري السعودي    تعرف على التصنيف العالمي للاعبي منتخب الكاراتيه قبل انطلاق منافسات الدوري العالمي    ️نائب محافظ القاهرة: لا تهاون فى إزالة العقارات المخالفة بحى مصر القديمة    النيابة تخلي سبيل 3 متهمين بالاتجار في النقد الأجنبي بالرحاب    الحماية المدنية بالفيوم تسيطر على حريق في منزل دون إصابات بشرية    طلب إحاطة لوزيري النقل والثقافة بإزالة متحف وجزء من منزل الفنان الراحل نبيل درويش    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    تكريم سيد رجب وإسلام كمال وأحمد عرابي بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    دخل مصر| تحذير من الذباب الصحراوي.. أغلقوا النوافذ    تنسيق 2024.. برامج طب وصيدلة لفرع جامعة وسط لانكشاير بالعاصمة الإدارية    رسالة حسام عاشور إلى الخطيب وجماهير الأهلي.. ونصيحة لإمام    بعد طرحها بساعات.. الترجي يعلن نفاد تذاكر مباراة صنداونز في دوري أبطال أفريقيا    لدعم التحول الرقمي.. جامعة سوهاج تفعل منظومة الكروت الذكية لتداول الوقود    الاتحاد الأوروبي: توقيع اتفاقية تمويل جديدة مع مصر لدعم التعليم الفني والمهني    "الإسكان" تكشف تفاصيل مبادرة سكن لكل المصريين وموعد تسليم الشقق الجديدة    جثة أمام النادي الأولمبي.. علاقة شاذة تقود جامع القمامة إلى طبلية عشماوي بالإسكندرية    الطاقة الإنتاجية لصناعة البتروكيماويات الإيرانية تزيد عن 100 مليون طن    وكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد يتفقدان التصفيات النهائية لمشروع تحدي القراءة    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    المتحدة للخدمات الإعلامية تكشف عن موعد طرح فيلم "السرب" في جميع دور العرض المصرية    محافظ الشرقية: إحالة المقصرين في عملهم بالمنشآت الخدمية للتحقيق    أبرزها اقترابه من الشاشات.. علامات تكشف ضعف النظر عند طفلك    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره البولندي    عالم هولندى يحذر من زلزال مدمر بدرجة 8 ريختر غدا بسبب اقتران الأرض بعطارد    أرتيتا يرفض الاستسلام للأحزان بعد خروج أرسنال من دوري أبطال أوروبا    خاص.. لجنة الحكام تعترف بخطأ احتساب هدف الزمالك الثاني ضد الأهلي    توقعات برج العقرب في النصف الثاني من أبريل 2024: صحة جيدة ومصادر دخل إضافية    المفتي يفتتح أول معرض دولي بالتعاون مع جمهورية روسيا الاتحادية    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    أمين الفتوى: سيدنا النبي نصحنا بهذه الأدعية    ماركا: ريال مدريد استخدم أسلوب أرسنال الدفاعي لعبور مانشستر سيتي    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    توقيع الكشف الطبي على 1632 حالة في قافلة مجانية بالمنيا    برلمانية: إدخال التأمين الصحي في محافظات جديدة يوفر خدمات طبية متميزة للمواطنين    6 أمراض تهددك في الربيع- هكذا يمكنك الوقاية    النواب في العاصمة الإدارية.. هل يتم إجراء التعديل الوزاري الأحد المقبل؟    إعدام طن مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسوهاج    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    إعادة تشكيل الأمانة الفنية للمجلس الأعلى للتعريفة الجمركية    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم بإحراز سلاح بدون ترخيص فى سوهاج    48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل.. من هم؟    اتحاد المعلمين لدى «أونروا» في لبنان ينفذ اعتصاما دعما لغزة    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    طبيب الأهلي يكشف تطورات المصابين قبل مواجهة مازيمبي    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: «لا نتوقع ضرب إيران قبل عيد الفصح»    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تدخل عصر جرائم "اللامعقول"
نشر في البوابة يوم 08 - 05 - 2017

طفلة ب«البامبرز» تتعرض لاغتصاب وحشى من ثلاثينى.. وأب يعتدى جنسيًا على ابنه المعاق
انتشار ظاهرة هتك عرض المحارم في المجتمع.. والانفلات الأخلاقى أصبح ظاهرة واضحة.. مصر فى المركز الثالث عربيًا فى معدلات الجريمة.. زيادة جرائم القتل العمد بنسبة 130% والسرقة بالإكراه 350% 92 ألف بلطجى فى مصر والمسجلون خطر ارتفعوا بنسبة 55%
الشعب المصرى الذى اشتهر بالسماحة والوداعة والطيبة، تحولت قطاعات كثيرة فيه إلى العنف وانتشار الجرائم الغريبة والشاذة والبعيدة عن أخلاقه المعروف بأصالتها فيه، ارتفعت نسب الجريمة فيه بمعدلات كبيرة تدعو للقلق.
حيث ذكر تقرير عام 2016 الصادر فى موقع موسوعة قاعدة البيانات «نامبيو» أن مصر جاءت فى المركز الثالث عربيًا فى ترتيب مؤشر الجريمة، بعد ليبيا والجزائر، حيث تنوعت الجرائم ما بين قتل وسرقة واغتصاب، والتجارة فى الأعضاء البشرية.
وكشف تقرير لقطاع مصلحة الأمن العام حول معدلات الجريمة فى مصر عن ارتفاع معدلات الجرائم بشكل عام فى العام الماضي، خاصة القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات، إذ سجلت 5814 كما تصاعدت حوادث الجنح بصفة عامة وسجلت 40222 حادثة.
وكشف التقرير أن نسبة الزيادة فى معدل جرائم القتل العمد بلغت 130٪، أما معدلات السرقة بالإكراه فقد زادت بنسبة 350٪؛ إذ سجلت 2611 جريمة، أما سرقة السيارات فقد زادت بنسبة 500٪، وأكدت إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية أن فى مصر أكثر من 92 ألف بلطجى ومسجل خطر، ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب وخطف. كما أكد تقرير صدر مؤخرا عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ارتفاع نسبة المسجلين ليزيد على 55٪ من إجمالى المسجلين البالغ عددهم رسميا 92 ألفا و680 شخصا، بحسب البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية، بخلاف غير المسجلين فى الأوراق الرسمية.
ومن أبشع الجرائم التى وقعت فى الفترة الأخيرة، جريمة اغتصاب أب لابنه المعاق ذهنيًا، فالأب بطل هذه الواقعة أدمن تعاطى المواد المخدرة التى غيبت عقله ومشاعره.
وروت والدة الطفل والدموع تذرف من عينيها، أمام النيابة، أبشع لحظات مرت على نجلها الذى ابتلاه الله سبحانه وتعالى بإعاقة ذهنية، وعلى الرغم من ذلك فإنه خلال لحظات افتراس أبيه له كان يبكى بكاء مريرًا فى محاولة لاستعطافه وإيقاظ مشاعره ولكن الأب لم يرحمه لأنه كان خارج وعيه.
هذه واحدة من حكايات غريبة وشاذة على المجتمع المصرى التى نستيقظ عليها كل صباح، لنتابع واحدة من هذه الاخبار اللاإنسانية والتى أصبحت عادة شبه يومية. فمن اغتصاب فتاة البامبرز إلى اغتصاب أب لابنته وتشجيع زوج لزوجته على ممارسة الدعارة، بل امتد الأمر إلى ضبط عدة تنظيمات لتبادل الزوجات وغيرها من الممارسات العديدة والغريبة على المجتمع المصرى وتدهور أخلاقيات وسلوكيات المجتمع اجتماعيا وأخلاقيا نتيجة الحوار السائد الذي يتسم بالتشنج فى وسائل الإعلام والندوات الثقافية والعلمية والفوضى تعم الشارع المصري، والعنف والتطرف يتزايدان فى الحياة اليومية وسلوكيات المجتمع تبتعد عن مبدأ التسامح. التحول الكبير والانحدار فى القيم والأخلاق، بات يطرح الكثير من التساؤلات، وفى مقدمتها، ما الذى حدث فى المجتمع المصري؟ وكيف تحولت أخلاق الناس وتصرفاتهم فى الحياة إلى جرائم منافية للإنسانية، ومن السبب فى ذلك وكيف تحول المجتمع إلى غابة؟
«البوابة» حاولت أن تجيب عن هذا السؤال الصعب، ماذا حدث للمصريين؟
فى البداية، سألنا الدكتور محمد عبدالعاطي، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقليوبية، عن أسباب الانحدار الأخلاقى فى المجتمع المصري، وقال: إن الإسلام دين احترم الكيان الإنسانى والاجتماعي، وإن مقاصد الشريعة الإسلامية خمسة، وهى حفظ النسل والعرض والمال والدين والعقل وجاء الدين الإسلامى لمكارم الأخلاق، ولكن تخلى الإنسان عن كل دينه والأخلاق الحميدة وأصبح عبدًا لغرائزه وشهواته.
وأضاف أن الإنسان إذا تمسك بدينه وحسن خلقه، فلن نرى قتل أو اغتصاب المحارم أو غيرهما، وأن من يفعل كل هذه الفواحش مغيب العقل أعمى البصر والبصيرة.
وعن مسئولية هذه الجرائم أوضح عبدالعاطي، أن هذه الجرائم مسئولية المجتمع ككل من إعلام وثقافة وتعليم وجامعات ونوادٍ اجتماعية.
واعتبر أن الفن يعتبر وسيلة للترويج للفواحش، حيث خرج عن رسالته إلى الإثارة وانتشار العرى فى القنوات الفضائية، أما الدور السلبى الذى تلعبه وسائل الإعلام، فحدث ولا حرج، فهناك برامج تتحدث عن أشياء وموضوعات لا يجوز طرحها للنقاش بذلك الأسلوب من أفلام ومسلسلات وأغانٍ وإعلانات بذيئة.
وأضاف أن الموضوع ليس الأزهر فقط إنما المسئولية فى التعليم والإعلام والثقافة.
وأوضح عبدالعاطي، أن وسائل الإعلام الهابط تساهم فى تدنى قيم المجتمع وآدابه سواء من خلال الخلل فى التعليم أو فى الثقافة، وأن تخلى الإنسان عن دينه وأخلاقه الحميدة يحوله إلى حيوان يلبى مطالب غرائزه، حتى يتحول إلى عبد لشهواته.
من جانبه، قال «حسن حجاج»، إخصائى نفسى بصندوق مكافحة الإدمان، إن المخدرات بشكل عام تتسبب فى انتشار العنف والجرائم.
مؤكدا أن 69٪ من الجرائم تقع تحت تأثير المخدرات وحبوب الهلوسة، لأنها تخرج الشخص المتعاطى من إنسانيته، وتجعله تحت سيطرة المخدر وفاقدًا لأى إحساس بالإنسانية، لأن هذه المواد الكيميائية وما تحتوى عليه من مواد، تؤثر على قشرة المخ، وهى المسئولة عن العمليات المعرفية العليا.
ولذلك نجد أن المتعاطين والمدمنين لهذه الأصناف من حبوب الهلوسة والبرشام والأستروكس، هم من يرتكبون مثل هذه الجرائم الغريبة على المجتمع المصرى.
وأضاف حجاج، أن المخدرات مواد ينسب إليها خصائص علاجية، غير أنها تسبب أضرارًا جسيمة، وتناولها يُحدث قلقًا بدنيًا أو نفسيًا وخللًا فى مظاهر النشاط العقلى والإدراك والسلوك والوعى.
وأكد حجاج أن المخدرات تعتبر مواد ذات تأثير ضار بالصحة إلى جانب مركبات أخرى ذات تأثير متفاوت، وهذه المركبات تسبب الأورام والسرطان والتهاب الأغشية المخاطية، فالنيكوتين يسبب ارتفاع ضغط الدم وزيادة النبض وتوتر عضلة القلب وزيادة نسبة السكر فى الدم وسرعة التجلط.
وأكمل حجاج حديثه قائلا: إن هناك أيضا المشروبات الكحولية، والمادة المؤثرة فيها هى الكحول والإيثيلين الذى يؤثر على الجهاز العصبى، وعلى الذكاء والقدرات العقلية، ويسبب إدمانه نزيفًا فى المخ وفقد الذاكرة وتبلد المشاعر ويصاب بعض مدمنى الخمور بالهذيان والارتعاش إلى جانب ما تحدثه الخمور من أضرار مثل قرحة المعدة والاثنا عشر والتهاب الكبد وتليفه وتضخم عضلة القلب والتهاب الأعصاب الطرفية.
وهناك أيضا الحشيش والذى يستخرج من نبات القنب وليس له استخدام طبى ويسبب إدمانه السلبية وعدم المبالاة، وله تأثير سلبى على صحة الإنسان، وكذلك الكوكايين والهيرويين، والذى يستخرج من أوراق نبات الكوكا وهو مادة منشطة يسبب إدمانها تدمير الجهاز العصبى.
وهناك أيضا الكثير من الأنواع الذى ذاع استخدامها فى الفترة الأخيرة مثل أنواع البرشام والأستروكس، وهو من المواد المخدرة الضارة جدًا بصحة الإنسان، حيث إنه يدمر خلايا المخ.
وأشار مسئول مكافحة الإدمان إلى أن معظم الجرائم الشاذة عن المجتمع تحدث تحت تأثير المخدرات، لأن الاستعداد الشخصى الذى يهيئ الإنسان أو يدفعه نحو تعاطى مادة معينة، ويرجع هذا الاستعداد إلى سمات شخصية معينة.
وقال: عادة ما يلجأ الشباب إلى الإدمان بسبب إصابته بمرض يؤدى إلى الكآبة والقلق، فيلجأ المريض إلى المادة المخدرة هربًا مما يعانيه.
مؤكدا أن عدم الطمأنينة والاستقرار فى جوٍّ عائلى مضطرب مثير للمشاعر والعداء أو غياب الأسرة والإحساس بالضياع والضغوط والمشكلات التى لا يستطيع الفرد مواجهتها.
وأوضح حجاج أن كثيرا من الشباب يتعاطون الترامادول كمنشط جنسى ولكن يقعون تحت تأثير الإدمان دون أن يشعروا، فالمخدرات تؤثر تأثيرا سلبيا على قشرة المخ، ويؤدى ذلك إلى زيادة معدلات العنف والإرهاب والاغتصاب ويحفزهم على ممارسة الجنس خارج إطار الزواج.
وأضاف حجاج، أن المخدرات بشكل عام تؤدى إلى انتشار العنف والجرائم بالمجتمع كالتحرش والسرقة والاغتصاب والقتل والإرهاب.
وأشار إلي أن تعاطى المنشطات والمخدرات يدفع الشخص إلى الانقياد برغبته وعدم العقلانية فى السلوك إلى الحد الذى يدفعه للتحرش وانتهاك الأعراض دون تمييز حتى لو كان شخصًا من المحارم أو حتى طفلًا أو طفلة.
وعن صندوق مكافحة الإدمان قال حجاج، إن تم إنشاؤه عام 1990 بالقرار رقم 46 من رئيس الجمهورية ومتعاقد مع 18 مركزا علاجيا لعلاج الإدمان كمستشفيات القوات المسلحة، ومراكز الإدمان العلاجية والمستشفيات الجامعية والجمعيات التأهيلية الخاصة المرخصة، وأشار إلى أنه فى عام 2016 تم استقبال 466818 مكالمة كما تم استقبال 836021 مريضا، كما يوفر الصندوق فرصة للمتعافين من الإدمان.
وقال الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس، إن العوامل الاجتماعية ساعدت على حدوث أزمة القيم الأخلاقية وإن المجتمع المصرى أصبح يعانى من الكثير من المشكلات داخله، حيث يعانى من أزمة أخلاق تتمثل فى ترسيخ البذاءات والعادات السيئة وانهيار منظومة التعليم وغياب الرقابة وبُعد الشباب عن القيم الدينية والدور السلبى للإعلام.
وأضاف هناك عوامل غير مادية تلعب دورا مهما فى تكوين الظواهر الاجتماعية المريضة، وأهمها الفساد وعدم الانضباط والفوضى وزيادة العنف والتطرف وظهور الجرائم.
بينما أكد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أن ما يحدث فى المجتمع من جرائم غريبة وشاذة يمثل جانبا من صور الانحدار الثقافى الذى وصلت إليه مصر، وأن أى دولة يوجد بها انحدار ثقافى لا بد أن يكون مصحوبا معه انحدار أخلاقى.
وإن مصر منذ منتصف السبعينيات يوجد بها إهمال للنواحى الثقافية المسئولة عن الوعى الشعبى تم إهمالها فى تلك الفترة، وأدخلت بعض الثقافات الغريبة علينا سواء الثقافة الوهابية من المملكة العربية السعودية وهى ثقافة بدوية تؤيد انتهاك حقوق المرأة فى المجتمع، وسفك الدماء.
والانفتاح الذى أفسد البقية الباقية من أفراد الشعب، فتحولنا عن الحضارة والشخصية المصرية البسيطة التى تسمى بالحضارة النهرية التى عرفت منذ عهد الفراعنة إلى منتصف السبعينيات وهى حضارة الحب والخير والنماء.
والنتيجة أننا لم نعد نحمل الثقافة الوهابية ولا الثقافة النهرية، فأصبحت ثقافتنا مسخًا، وبدأت الثقافة تنحدر تدريجيًا فى فترة رئيس الجمهورية الأسبق مبارك، ولم تكن هناك أى محاولة للإصلاح الثقافى خلال الثلاثين عامًا، بمعنى أنه منذ عام 77 إلى الآن لا توجد أى محاولة جادة لإصلاح الثقافة المصرية.
وأضاف فرويز، أن الإعلام والثقافة القادمة من الخليج العربى لها يد فى ذلك، وأن هناك قوة رئيسية مسببة وقوة تموينية وقوة معاونة وأدوات التنفيذ هنا هى الإعلام كان يساهم بصورة قوية جدا والأفلام والمسلسلات التى تعرض الراقصة والبلطجى، ما كان لها أن تدخل بيوتنا، فيتجه الشعب إلى التقليد نتيجة انحداره الثقافى وقلة وعيه وأنه حتى الآن لا توجد محاولة للإصلاح وبالتالى أتوقع أن القادم أسوأ.
أما الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس فقالت: إن المجتمع المصرى أصبح فى الآونة الأخيرة أقل انضباطا، وذلك يتركز فى الثلاث سنوات الأخيرة، فأصبحنا فى حالة فوضى تركت بصمات خلفها، وجاء ذلك بعد زيادة التعداد السكانى فاختفي الأمن من الشارع، وشاهدنا حالات عنف مستجدة علينا فى الشارع المصرى. فالسلوكيات تغيرت ونتج عن ذلك خوف الأهالى طوال الوقت، فاستعانوا بالأبواب المصفحة لمنازلهم بالإضافة إلى الفوضى فى الشارع.
وأكدت أن الإعلام بجميع أنواعه سواء مرئى أو مسموع، يجب أن يتحد لمواجهة هذه الحالة التى وصل لها الشارع المصري، فيجب على الإعلام أن يتجه إلى التوعية والتوجيه، أما الدور الأساسى فى مواجهة هذه الظواهر فيجب أن يكون للأسرة، فهى الرقيب الأول فى مجتمعنا الشرقى.
وإذا طالعنا كتاب «ماذا حدث للمصريين؟» للدكتور جلال أمين، سنجد أن السبب الحقيقى هو التقلبات العنيفة والحراك الاجتماعى وما نتج عنه من صعود شرائح دنيا لتنافس وتتفوق على الطبقات الوسطى والعليا فى نمط معيشتها ومحاولة تقليد الأقل دخلًا للأعلى دخلًا، رغبة منه فى الانتماء لطبقة أعلى، فانتشرت الرموز الطبقية كالإصرار على اقتناء سيارة خاصة أو جهاز موبايل معين لتأكيد الانتماء لطبقة أعلى.
وحتى تكتمل الصورة، دخلت تعبيرات حرفية جديدة على اللهجة المصرية الدارجة مثل الريس والباشمهندس للكهربائي، والدكتور للميكانيكى وغيرها، وانتشرت كلمات غريبة فى الحوار والغناء وقدمت السينما أنماطًا وشخصيات درامية تستجيب لرغبات الطبقات الجديدة، وصارت أكثر الأفلام نجاحًا هى تلك التى تسخر من القيم الراسخة فماذا حدث للمصريين وهل ما زلنا فعلًا «ولاد بلد وجدعان»؟
أما كتاب «الشخصية المصرية من خلال دراسة الفولكلور المصري» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1984، فنجد أن مؤلفته الدكتورة فاطمة حسين المصري، خلصت إلى أن سمات الشخصية المصرية تتلخص فى نمطين اثنين.
النمط الأول: شخصية ابن البلد، وهى الشخصية الإيجابية التى تحتوى على ثلاث مجموعات، الأولى: الجدعنة وهى المجموعة التى تؤمن بالعمل «الإيد البطالة نجسة»، وتؤمن بالعلم «يموت المعلم ولا يتعلم» وتتميز بالذكاء «على قد حصيرتك مد رجليك».
ابن نكتة، فالمصرى شخص ضاحك مشرق الوجه شغوف بالنكتة حتى فى أصعب المواقف «تبات نار تصبح رماد» و«احيينى النهاردة وموتنى بكرة»، مؤكدة أن المصرى صدوق ودود يقدس الصداقة «خد لك فى كل خطوة صديق» و«اعمل المعروف وارميه البحر».
الطيبة، فهو متدين ومتمسك بفضائل الدين «امشى عدل يحتار عدوك فيك» و«مال الناس كناس»، وهو كريم مضياف محسن «لقمة هنية تكفى ميه» و«لاقينى ولا تغدينى». وهو صبور قانع «الصبر مفتاح الفرج» و«طولة البال تهد الجبال». وهو لا يهتم بالمظهر، وإنما بالجوهر «من بره هلّا هلّا ومن جوه يعلم الله».
أما النمط الثاني: فيتمثل فى شخصية الفهلوى وهى الشخصية غير الأصيلة، وتنقسم بدورها إلى:
الشخص الضعيف المستكين وتتميز هذه الشخصية بالانتهازية «اللى تغلب به العب به»، «اتمسكن لحد ما تتمكن»، والنفاق «إن كان لك عند الكلب حاجة قوله يا سيدى» والأنانية «ما ينفعك إلا نفسك وقرشك» والحقد «يدى الحلق للى بلا ودان» واللامبالاة «اللى له ضهر ما ينضربشى على بطنه».
الشخصية التواكلية «قيراط حظ ولا فدان شطارة».
العاطفة المتزايدة، ونرى ذلك بوضوح فى أفراحنا وأحزاننا وما يتبع ذلك من غلق للشوارع وتعليق الزينات ومكبرات الصوت والصريخ والعويل وشق الجيوب وهى كلها أساليب لتأكيد الذات ناتجة من اضطراب وجدانى. المظهرة وهو اتجاه يعبر عن قصر النظر وخواء الفكر ومنها «كبر الكوم ولا شماتة العداء». هذا التقسيم كان موجودا فى زمن الثمانينيات.. وكان مفهوما ومقبولا لكن ما يحدث الآن فى المجتمع المصرى تجاوز المفهوم والمقبول.. أبقى على نفس السؤال مطروحًا وبقوة، «ماذا حدث للمصريين؟».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.