أبى شهر الكوارث "يوليو"، أن يمر قبل أن يضع بصمته الأخيرة بين أيدى المصريين بكارثة جديدة ومتجددة، زادت حدتها الأعوام الماضية، وباتت متكررة بكثرة خلال الآونة الأخيرة، فقد شهد اليوم الإثنين، انتحار شاب أسفل عجلات قطار المترو بالخط الأول، في محطة أحمد عرابي. كانت الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات بالخط الأول (المرج- حلوان)، قد نقلت إخطارًا مفاده انتحار شاب أسفل أحد القطارات، وأنه جار الآن تفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بمحطة مترو أحمد عرابي، للوقوف على أسباب الانتحار. وسبق الحادثة، انتحار الفتاة ملك عبد العليم 16 عامًا، الطالبة بمعهد التمريض بمدينة أكتوبر. وبحسب تقرير الحادثة، تبين نشوب مشادة بين الفتاة ووالديها، وأن الفتاة ألقت بحقيبة يدها على الأرض وألقت بنفسها أمام القطار، لتسجل مصر خلال الفترة الأخيرة عددًا من حالات الانتحار المرتبطة بأسباب اقتصادية واجتماعية ونفسية. كما انتحر شاب آخر بإلقاء نفسه أسفل عجلات المترو في محطة "غمرة"؛ لمروره بحالة نفسية سيئة، حيث تبين أن الشاب أرسل رسالة نصية لأسرته قبل انتحاره، أكد فيها عزمه الانتحار في المترو. أرقام مفجعة في هذا السياق، قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن معدلات الانتحار تفاقمت إلى 4200 حالة سنويًا، مشيرةً إلى أن 45% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، مرجعة تلك الظاهرة إلى انتشار الفقر والبطالة في المجتمع المصري. كما أعلنت منظمة الصحة العالمية والمركز القومي للسموم في مصر، أن عدد المنتحرين سنويا تجاوز 4250 منتحرا، أغلبهم تترواح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين، فضلا عن عشرات الآلاف من محاولات الانتحار التي تشهدها بيوت وشوارع مصر كل عام، وتظهر آخر إحصائيات المنظمة حول مصر، احتلالها المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار. فتش عن النفسية وحول تزايد حالات الانتحار في محافظات مصر خلال الأعوام الأخيرة فى ظل حكم العسكر، قالت الدكتورة سلمى محمود، أخصائية علاج نفسي، إن الأمراض النفسية والاجتماعية أسباب رئيسية للانتحار، موضحة أن "الاكتئاب في أعلى قائمة الأمراض والاضطرابات العقلية والنفسية في أسباب الانتحار، وهو مرض منتشر بشكلٍ كبير بين عامة الناس، ويُشكّل اضطرابات نفسية لا حد لها". وأضافت "سلمى"، فى تصريح صحفى، "بالفعل ظاهرة الانتحار باتت منتشرة ومقلقة جدًا؛ لأن أولادنا يفعلون ما يحدث أمامهم دون التفكير في النتيجة التي تعود على الأهل من ذلك، رغم تفاوت أسباب كثيرة لا حصر لها، ويعدّ الانتحار من بين المسبّبات الثلاثة الرئيسية للوفاة، خصوصًا لدى الشريحة العمرية من 15 إلى 50 سنة". وقالت خبيرة علم الاجتماع أميرة بدران: إن الاكتئاب هو السبب الرئيسي في الانتحار، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية والاجتماعية والمعيشية والأسرية وغيرها من المشكلات التي تواجه المجتمع بشكل يومي، وبات الإنسان ليس له جهد لتحمل العبء أكثر من ذلك، وأصبحت قضية بالغة الخطورة في مجتمعنا ولا أحد يقف أمامها. الحالة الاقتصادية من جانبه، يؤكد أستاذ الطب النفسي، سامح عيسى، أن ارتفاع حالات الانتحار خلال الفترة الماضية له أسباب نفسية واجتماعية واقتصادية، جميعها تمارس ضغوطا على المواطن، موضحا أن كثرة أعداد الشباب وتنوع دياناتهم وثقافاتهم ومستواهم الاجتماعي، وكذلك تنوع المربعات السكنية التي ينتمون إليها، يشير إلى خطورة هذا التطور. ويرى عيسى، فى تصريح له، أن خطورة تزايد حالات الانتحار تشير كذلك إلى ارتفاع نسبة الاكتئاب داخل المجتمع المصري، وبالتالي فإن انتشار وتوسع الاكتئاب نتيجة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية يمكن أن يكون له تأثيرات متعددة على المجتمع، مثل ارتفاع حالات الطلاق، وتأخر سن الزواج.