«القومي للطفولة والأمومة»: تمكين الفتيات في التعليم والصحة استثمار في مستقبل الوطن    استمرار تلقي طلبات الترشح لانتخابات النواب بالأقصر لليوم الرابع على التوالي    «التضامن» تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي الجيزة والقليوبية    أسعار الخضراوات اليوم السبت 11 أكتوبر في سوق العبور للجملة    بعد مكاسب 130 دولارًا.. أسعار الذهب اليوم 11 أكتوبر في بداية التعاملات    «المشاط»: «السردية الوطنية» تُركز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي    مصر تستهدف زراعة 3.5 مليون فدان من القمح    شعبة الأدوات الكهربائية: مصر تستهدف 145 مليار دولار صادرات    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    الري: إعادة استخدام المياه وتطبيق مبادئ WEFE Nexus    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا السبت 11 أكتوبر 2025    غارات إسرائيلية على جنوب لبنان تسفر عن شهيد و7 جرحى.. والرئيس اللبناني: عدوان سافر بعد وقف الحرب في غزة    شهيد و7 مصابين جراء غارة لجيش الاحتلال على جنوبي لبنان فجر اليوم    مستشار ترامب: اتفاق «شرم الشيخ» سيفتح باب الأمل لسلام دائم بالمنطقة    أيمن محسب: الصلابة السياسية للرئيس السيسى منعت انزلاق المنطقة إلى فوضى جديدة    بيان رسمي بشأن إصابة مبابي في تصفيات كأس العالم.. يعود لمدريد    تصفيات آسيا لمونديال 2026.. عمان يواجه الإمارات والعراق أمام إندونيسيا    نجم تونس: علاء عبد العال مدرب كبير.. ومبارياتنا مع الأهلي والزمالك "عرس كروي"    اليوم.. ختام منافسات الكبار والناشئين ببطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة    مصر تتوّج ب13 ميدالية في منافسات الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    سكالوني يكشف سبب غياب ميسي عن ودية فنزويلا    اليوم.. غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر باتجاه الواحات    قبل ثاني جلسات محاكمة المتهمة.. والدة أطفال دلجا: «الإعدام مش كفاية»    مصرع شخص أسفل عجلات القطار بطنطا    تحرير 164 مخالفة تموينية.. وضبط أسمدة وسلع مدعمة في حملات بالمنيا    وزارة الداخلية تبدأ في قبول طلبات التقدم لحج القرعة لهذا العام غدا    أجواء خريفية منعشة.. سحب وأمطار خفيفة تزين سماء السواحل الشمالية    عرض جثث 3 أطفال شقيقات غرقن بالبانيو نتيجة تسرب الغاز بالمنوفية على الطب الشرعى    تشميع مخزن مواد غذائية بساحل سليم فى أسيوط لمخالفته اشتراطات السلامة    في عيد ميلاده.. عمرو دياب يحتفل ب40 عامًا من النجومية وقصة اكتشاف لا تُنسى    من هو زوج إيناس الدغيدي؟ الكشف هوية العريس الجديد؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    قتلى ومفقودين| انفجار مصنع متفجرات يورد منتجات للجيش الأمريكي بولاية تينيسي    غدًا.. ثقافة العريش تنظم معرض «تجربة شخصية» لفناني سيناء    بالأرقام.. ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    أحمد فايق يحذر من خطورة محتوى «السوشيال ميديا» على الأطفال    والدة مصطفى كامل تتعرض لأزمة صحية بسبب جرعة انسولين فاسدة    متطوعون جدد في قطاع الشباب والرياضة    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    الوساطة لا تُشترى.. بل تُصنع في مدرسة اسمها مصر    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى دار المسنين.. مصير الصحف القومية التي طبّلت للعسكر 60 عامًا
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 05 - 07 - 2018

"الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان محظوظا مع الإعلام".. جملة قالها السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، دون أن يُدرك كثيرون دلالتها، يُكمّم الأخير أفواه الإعلام، مستقلا كان أم قوميا، لكنّه يبدو غير راضٍ عن درجة تأييد الصحف له، كأنّما يريد تأييدا كعبد الناصر نفسه، وبات السؤال الآن داخل أروقة تلك الصحف المملوكة لحكومة الانقلاب: هل انتهى دورها وحان إيداعها دار المسنين؟.
الاستغناء عن الصحف القومية لم يعد حديث الجدران المغلقة، بل بدأ الحديث عنه عقب تصريح نبيل زكى، المتحدث باسم حزب التجمع، بأن الحزب سيناقش قرار غلق جريدة الأهالي، جريدة الحزب بشكل نهائى، أو استمرار صدورها، بعد غلاء أسعار ورق الطباعة بنسبة 45%.
وأشار "زكي" إلى أن مشكلة الصحف الحزبية التي تدعمها حكومات العسكر لا تقتصر على حزب التجمع، وإنما المشكلة تمتد إلى حزب الوفد الليبرالي، الذي بلغت ديونه على الطباعة حدًا بعيدًا، مهددًا الصحيفة بالتوقف عن الصدور، ودعا سلطات الانقلاب إلى الوقوف بجانب الصحف القومية ودعم ورق طباعة الصحف، خاصة أن زيادة ال45% جاءت بعد فترة قصيرة من زيادة أسعار الورق خلال فترة زمنية قريبة.
تأميم عقول المصريين
وتعود حكاية الصحف القومية إلى يوم أن قرّر أبو الانقلاب جمال عبد الناصر، في الرابع والعشرين من مايو 1960، تأميم الصحف المصريّة، وإلغاء فكرة تملّك الأفراد للصحف، رغبةً منه في السيطرة على عقول الجماهير وحشدهم إلى الاشتراكيّة في أوائل الستينيات، ولكن ما هو مصير هذه الصحف؟.
لم يُفرّط العسكر بعد عبد الناصر في "تركة" الصحف الحكوميّة أو القوميّة، كما يُطلق عليها، ولعبت هذه الصحف دورا بارزا في دعم سلطة العسكر وتشويه صورة الثورات أو الاحتجاجات الشعبيّة. في عام 1977، استخدمت هذه الصحف تعبير "انتفاضة الحراميّة"، الذي استخدمه أنور السادات، لوصف الاحتجاجات رفضا لرفع الأسعار، وفي عهد المخلوع حسني مبارك، استخدمت الصحف تعبير "قتيل البانجو" عند الحديث عن الشهيد خالد سعيد، وبعد ثورة "25 يناير".
قصة الصحف القومية فى مصر هى واحدة من أشد القصص درامية فى تاريخ الصحافة المصرية، تلك الصحف التى بناها وتملكها أفراد وعائلات فى مصر ما قبل انقلاب يوليو 1952، مثل مؤسسة أخبار اليوم التى كانت مملوكة لآل أمين، مصطفى وعلي أمين، ومؤسسة الأهرام التى كانت مملوكة لآل تقلا، سليم وبشارة تقلا، ومؤسسة دار الهلال التى كانت مملوكة لآل زيدان، إميل وجورجى زيدان، ومؤسسة روز اليوسف التى كانت مملوكة ل«فاطمة اليوسف». وقد عبرت هذه الصحف عن تيارات وأفكار ورؤى مختلفة قبل يوليو 1952، ولكن ما إن قام الضباط بالانقلاب حتى بدأت تغير جلدها وتتلون جميعها بلون ورؤية العصر الجديد التى تبلورت حول فكر عبد الناصر، وبدأت تدافع عن توجهاته وسياساته، وتحمد وتمجد قراراته.
قرر عبد الناصر تأميم هذه الصحف تحت مسمى التنظيم، وكان أن أصدر قانون تنظيم الصحافة عام 1960 الذي آلت بمقتضاه ملكية هذه الصحف إلى الاتحاد الاشتراكي لتصبح مملوكة للتنظيم الذي يعبر عن تحالف قوى الشعب العامل، وبمقتضى هذا القانون أصبحت السلطة هي التي تتولى تعيين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير هذه الصحف.
لماذا هي قومية؟
لم يكن وصف القومية قد تم خلعه بعد على هذه الصحف، حتى بعد أن تولى الرئيس السادات السلطة عام 1970، وقد كان لهذا الوصف قصة تبدأ خطوطها باللحظة التي قرر فيها الرئيس السادات إلغاء الاتحاد الاشتراكي عام 1976، فبعد إلغاء هذا التنظيم الذي تم تحديده كمالك لهذه الصحف، طبقا لقانون تنظيم الصحافة عام1960 أصبحت هذه الصحف بلا مالك، وربما يذكر الكثيرون كيف كان السادات يحب العيش في ظل مسمى كبير العائلة، ويعشق ارتداء الجلباب والعباءة الشهيرة ليجمع الناس من حوله ويحدثهم ب«حديث الحكمة»!.
من هذا المنطلق تفتق ذهن السادات عن فكرة، تتمثل في إنشاء تنظيم جديد بديل للاتحاد الاشتراكي، يحقق حلمه فى تسيد العائلة، وفى الوقت نفسه يشكل وريثا للاتحاد الاشتراكي في ملكية هذه الصحف، وكان له ما أراد حين تم إنشاء مجلس الشورى ك«مجلس عيلة»، ليصبح مالكا رسميا لهذه الصحف التى بدأت منذ ذلك الحين تتمتع بوصف القومية طبقاً لنصوص قانون سلطة الصحافة الصادر عام 1980، وإذا كان من السهل على هذه الصحف أن تغير جلدها وتلّون نغمتها بلون العصر الناصري، فقد كان من الأسهل عليها أن ترتدي عباءة السادات طيلة فترة السبعينات، وأن تصبح أداته فى الدعاية لسياساته المضادة لسياسات عبد الناصر والتي وصفها البعض بأنها كانت انقلابا متكامل الأركان على توجهات الحقبة الناصرية.
وعندما اغتيل الرئيس السادات فى حادث المنصة الشهير عام 1981، ورث المخلوع ملكه وأدوات حكمه، ومن بينها الصحف القومية التي بدأت توجه وجهها شطر الرئيس الجديد، وتقوم بدورها المعهود في الدعاية لنظامه وتفسير سياساته وتبرير قراراته على مدار ثلاثين عاما، انتهت بثورة المصريين في الخامس والعشرين من يناير 2011.
وفي كتابه "الثورة التائهة"، يقول أول رئيس تحرير بعد الثورة، عبد العظيم حماد، إنّه نشر خبرا ينتقد أداء عصابة المجلس العسكري، فاستدعاه المشير طنطاوي ليعاتبه، فردّ حماد أنّه يقدم خبر الصحف المستقلّة، فقال طنطاوي: لا تهمّني الصحف المستقلة، فردّ حماد: لكني بذلك لن أبيع، فجاوبه المشير: لا تبع، وخذ ما تريد من مال لتعويض الخسارة!.
إلى مقبرة التاريخ
وبعد ثورة 25 يناير، أصيبت الصحف القومية بأزمة التمويل، وبينما كانت الصحف القومية تحظى بفائدة التزاوج السياسي مع رأس المال ممثلاً في الإعلانات، افتقدت الصحف لهذا المصدر الأساسي في تمويلها، فقد أصبح معظم رجال الأعمال المنتمين إلى مبارك في السجون، أو هاربين، أو فكروا في صيغة أخرى للترويج لمشروعاتهم ومصالحهم بإصدار صحف وتأسيس قنوات فضائية خاصة.
إحجام الناس عن شراء الصحف القومية ضمن حالة إحجام عامة عن قراءة الصحف، أدى إلى أزمة مالية في الصحف القومية، لأن المعلن لا يجد حافزا لنشر إعلانه في صحيفة تتراجع في توزيعها من مليون نسخة، ك"أخبار اليوم" و"الأهرام"، إلى نحو 240 ألف نسخة فقط في الوقت الراهن، حسب تقديرات يصفها البعض بالمتفائلة، بعدما وصل الأمر إلى أقل من خمسين ألف نسخة مع أيام الثورة الأولى.
المستقبل أمام الصحف القوميّة شديد التعقيد، وربّما تتوقف بعض الصحف الضعيفة، مؤسسة كالهلال وهي تصدر مجلة أسبوعية ومجلة ثقافية شهرية، تعاني من أزمة تمويل تكاد تجعلها على حافة الإفلاس، كذلك تعاني جريدة الجمهورية من أزمة تمويل، ولولا تدخل عصابة العسكر بتسهيل قروض ومنح، لتوقفت منذ فترة عن الصدور، وإذا كانت المؤسسة الكبرى، وهي الأهرام، تعاني أزمة مالية شديدة جعلت البعض يفكر في بيع بعض الأصول المملوكة لها، فإن الأزمة في باقي الصحف القومية أشد وأقسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.