الفريق أسامة عسكر يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    ارتفاع أسعار الفول والزيت وتراجع اللحوم اليوم الجمعة (موقع رسمي)    سها جندي: ندرس إنشاء مراكز متخصصة لتدريب الراغبين في الهجرة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    إسرائيل تُعلن استعادة 3 جثث لرهائن من قطاع غزة    موعد مباراة الأهلي والزمالك لحسم لقب دوري المحترفين لكرة اليد    رسميًا| ميلان يعلن رحيل بيولي عن تدريب الفريق (فيديو)    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": انخفاض في الحرارة يصل ل 5 درجات بهذه المناطق    رفع 36 سيارة ودراجة نارية متهالكة.. خلال 24 ساعة    غدا، 815 ألف طالب يبدأون امتحانات الدبلومات الفنية التحريرية 2024    معدية أبوغالب.. انتشال جثة "جنى" آخر ضحايا لقمة العيش    قرارات جمهورية هامة ورسائل رئاسية قوية لوقف نزيف الدم بغزة    في ختام دورته ال 77 مهرجان «كان» ما بين الفن والسياسة    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    ألين أوباندو.. مهاجم صاعد يدعم برشلونة من "نسخته الإكوادورية"    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يطالب بالاستخدام الأمثل للموازنة الجديدة في الصيانة والمستلزمات السلعية    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    سويلم يلتقى وزير المياه والري الكيني للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين    «الجيل»: التشكيك في المفاوضات المصرية للهدنة هدفها استمرار الحرب وخدمة السيناريو الإسرائيلي    مصرع 14 شخصاً على الأقلّ في حريق بمبنى في وسط هانوي    نائبة رئيس الوزراء الإسباني تثير غضب إسرائيل بسبب «فلسطين ستتحرر»    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    أسعار الخضروات اليوم 24 مايو في سوق العبور    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    ألمانيا: سنعتقل نتنياهو    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تدرس تعيين مستشار مدني لإدارة غزة بعد الحرب    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    نقابة المهندسين بالغربية تنظم لقاء المبدعين بطنطا | صور    قطاع السيارات العالمي.. تعافي أم هدوء قبل العاصفة؟    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تعلن اعتزالها التمثيل مؤقتا: شغل دلوقتي لأ.. عايزة استمتع بحياتي شوية    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    وزير الخارجية البحرينى: زيارة الملك حمد إلى موسكو تعزيز للتعاون مع روسيا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس والإعلام.. من التأميم إلى اللوم
نشر في الصباح يوم 08 - 11 - 2015

"السيسى"انتقد الإعلام مرتين.. الأولى تلميحًا عندما قال «عبدالناصر محظوظ بإعلامه ».. والثانية تصريحًا ب"ما يصحش كده "
"مبارك"رفض فكرة الصحفى الأوحد.. وقرب سمير رجب وإبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد .. وترك التليفزيون لصفوت الشريف
"السادات"أحب الصحافة وعمل بها.. وأنيس منصور وموسى صبرى وأحمد بهاء الدين وهمت مصطفى الأقرب إليه
"عبد الناصر"جعل هيكل الأقرب إليه .. وقال للقيادات الصحفية بعد التأميم:عايزين صحافة تعبر عن الشعب وليس الطبقات الراقية
هيكل رفض تعيينه كمستشار إعلامى للرئيس .. وأنيس منصور كان مبعوث السادات السرى لتل أبيب
قوس الصحفيين والإعلاميين المشهورين بالقرب من نظام السيسى سواء حقيقة أو وهمًا يضم عيسى وبكرى ورزق والحديدى والحسينى وموسى
مقالات"بصراحة"لهيكل أقوى أسلحةعبدالناصر فى الإعلام والسياسة الخارجية
سمير رجب نشر فى يوم الاستفتاء على بقاء مبارك لفترة رئاسية الآية القرآنية"إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله "
على حبل مشدود، تسير العلاقة بين الرئيس والصحافة فى مصر.
غير أن العلاقة ظلت على الدوام قوية وفيها محاولة للتأثير والسيطرة، وتقريب ذوى الحظوة بغض النظر عن تفاوت مستوياتهم المهنية وقدراتهم الصحفية.
يلاحظ كثيرون أنه لا تمر كلمة أو خطاب للرئيس عبدالفتاح السيسى، إلا ويكون الإعلام المصرى جزءًا من كلمته، وكانت أحدث الانتقادات وكلمات اللوم والعتاب التى وجهها السيسى للإعلام، فى خطابه خلال الندوة التثقيفية العشرين، التى نظمتها القوات المسلحة، تحت عنوان «أكتوبر.. الإرادة والتحدى»، الذى قال فيه إنه فى المرة المقبلة سيشتكى هؤلاء الإعلاميون للشعب.
الأكيد أن السيسى يهتم بالإعلام التليفزيونى الخاص أكثر من الصحافة المطبوعة وقنوات ماسبيرو، وبالتالى كانت لقاءاته منذ ترشحه للقنوات الخاصة، وأحاديثه الأولى للصحافة الخاصة أيضًا.
«الزعيم الراحل عبدالناصر كان محظوظ صحيح، لأن هو اللى كان بيتكلم والإعلام معاه».. هكذا عبر السيسى، عن تقديره للإعلام فى زمن عبدالناصر، خلال كلمته فى احتفالية تدشين محور تنمية قناة السويس لإعلان التحالف الفائز بوضع المخطط العام للمشروع، وهى الكلمة التى اعتبرها خبراء بمنزلة نموذج يقيّم به الرئيس أداء الإعلام المصرى ودوره.
ربما لم يمضِ على حكم السيسى وقت يسمح بأن نصف صحفيًا بأنه «صحفى الرئيس»، إلا أن قوس الصحفيين والإعلاميين الذين قد اشتهروا كجزء من نظام السيسى - سواء أكان ذلك دقيقًا أم تمسحًا بمؤسسة الرئاسة - يمكنه أنه يشمل أسماء مثل إبراهيم عيسى، مصطفى بكرى، أحمد موسى، توفيق عكاشة، لميس الحديدى، يوسف الحسينى، ياسر رزق.. إلخ.
وفى حواره مع ممتاز القط، ببرنامج «حصريًا مع ممتاز» على فضائية «العاصمة»، قال الكاتب الصحفى ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم»، إنه كان يرى الدموع فى عينَى الرئيس السيسى حينما يأتى الحديث عن الغلابة، وأضاف أن هذا هو سر ارتداء السيسى للنظارة السوداء. وأوضح أنه «ذات مرة بكى السيسى ولم يستطع إخفاء دموعه، فقلت له: ما تتكسفش من عينيك.. قال: هو أنا أعز من الرسول أو أبو بكر».
الشاهد أنه فى السنوات الأربع التالية لثورة 25 يناير، لمع نجم عدد من المتفوقين فى وصلات النفاق والردح الإعلامى، ممن أعادوا أمجاد سمير رجب فى جريدة «الجمهورية»، وممتاز القط صاحب مقالة «طشة الملوخية» الشهير الذى كتبه فى جريدة «أخبار اليوم» فى مقام مداهنة مبارك، وحكى فيه لقرائه كيف أن الرئيس لا يهنأ بعيش حياته الطبيعية كغيره من المصريين، وأسامة سرايا الذى كتب مقالة التهمت الصفحة الأولى من جريدة «الأهرام» فى 4 مايو 2008 الذى يوافق عيد ميلاد مبارك، جاءت تحت عنوان: «يوم أن وُلِدَت مصر‏..‏ من جديد». وقد شغلت صورة عملاقة لمبارك أشبه بجدارية نحو ثلثَى الصفحة، وأسفل الصفحة تعليق يبدأ بعبارة «مبارك رمز وجودنا..»، وذيلت العنوان الرئيسى بعناوين شارحة من عينة «صراحته ترياق أفقنا به من وهم طويل»، وواقعيته صمام أمان لحلول الأزمات». وتنتهى كلمة سرايا بمخاطبة المحتفى بميلاده قائلة: «ما دمتَ بخير فإن مصر وشعبها بك ومعك بخير دائمًا». ولاستكمال جرعة عبادة الفرد المكثفة، تضمن عدد «الأهرام» نفسه ملحقًا خاصًا من أربع صفحات بمناسبة عيد ميلاد مبارك، فضلًا عن صفحات إعلانية لتهنئة الرئيس.
ويجوز التذكير بما أورده كاتب السلطة سمير رجب فى مدح مبارك ذات يوم فى مقال له فى صحيفة «مايو» الناطقة باسم الحزب الوطنى المنحل؛ إذ قال نفاقًا ورياء وتزلفًا: «حسنى مبارك هو الدُرة الثمينة التى وهبنا إياها الله سبحانه وتعالى ليظل دائمًا وأبدًا أملًا ورمزًا ونورًا وضياء». واستخدمت أيامها الجريدة مصطلح «البيعة»، وهى أمور تقترب من آليات صناعة الحاكم الفرد المتفرد.
والذاكرة لا تنسى أن سمير رجب، رئيس مجلس إدارة دار التحرير سابقًا، قرر فى يوم الاستفتاء على بقاء مبارك لفترة رئاسية - ضمن الفترات الرئاسية التى تولاها تباعًا- أن يضع فى الجانب الأيسر من مقالته على الصفحة الأخيرة من جريدة «الجمهورية» آية قرآنية تقول «إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله» (الآية العاشرة من سورة الفتح).
قائمة الصحفيين المقربين من مبارك تشمل إبراهيم نافع، الذى جمع بين رئاسة تحرير ومجلس إدارة الأهرام منذ عام 1984حتى 2005. تولى نافع منصب نقيب الصحفيين 6 دورات، وقد صرح فى حوارات صحفية عقب ثورة 25 يناير بأنه كان ينقل إلى الصحفيين ورؤساء الصحف انطباع الرئيس الأسبق عن أحوال الصحافة وما تنشره عنه وعن أسرته، خاصة أن مبارك كان كثيرًا ما يتحدث إليه هاتفيًا ليناقش معه الأوضاع فى البلاد.
أما مكرم محمد أحمد، الذى تولى منصب نقيب الصحفيين لخمس دورات، وآخرها كان عام 2007، فهو أحد الصحفيين الذين اقتربوا كثيرًا من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وظل يدافع عنه وعن سياساته. وظل يكتب خطابات مبارك التى كان يلقيها فى المناسبات المختلفة حتى عام 2001 تقريبًا، وتوقف حينها مكرم عن كتابة تلك الخطابات ليحتفظ بمسافة بينه وبين الرئيس.
أما على صعيد التليفزيون، فقد ظل صفوت الشريف على مدى أكثر من 22 عامًا يدير شئون التليفزيون ويفرض سيطرة الدولة عليه بكل الصور، بحيث يصبح «ماسبيرو» لسان الدولة والحزب الوطنى الذى كان مبارك يرؤسه.
وفى عهد الرئيس أنور السادات، الذى كان صحفيًا لفترة من الفترات، ومولعًا بوسائل الإعلام وكاميرات التليفزيون، فقد كانت خطبه المطولة تذيعها محطات الإذاعة ويشاهدها الجمهور فى التليفزيون، ثم تعاد إذاعتها مسموعة ومرئية فى اليوم التالى مرتين إن اقتصدوا، وثلاث أو أربع مرات فى أحيان أخرى. حتى فى نشرات الأخبار التى تذاع باللغتين الفرنسية والإنجليزية والتى يُفترض أن جمهورها من الأجانب، كانت خطب الرئيس تذاع باللغة العربية التى لا يفهمها المستمعون للراديو أو المشاهدون للتليفزيون، وذلك إمعانًا فى النفاق والرياء. حدث ذلك مثلًا فى خطبة السادات فى سيناء التى أذاعتها نشرة الأخبار الإنجليزية مساء يوم 13 فبراير 1979.
وشاهدنا السادات يدخن من غليونه وهو يُحدِّث مذيعة التليفزيون همت مصطفى عن ظروف حياته فى قريته ميت أبو الكوم، والقاعة التى كان ينام فيها هو والأرانب، مستدركًا بأن هذا حديث ليس فى الموضوع الذى يهم البلاد، فتقول له بأن حديث القاعة والأرانب جزء من تاريخ مصر الخالد على مر الزمان.
أما الصحفيون المقربون من السادات فهم كثر.
فقد ظل محمد حسنين هيكل قريبًا من الرئاسة فى عهد السادات لسنوات، وكتب العديد من الخطابات التى ألقاها السادات أمام البرلمان، لكن سرعان ما اختلفا، فنشر السادات قرارًا فى الصحف يوم 2 فبراير 1974 بأن يُنقل هيكل من رئاسة تحرير «الأهرام» إلى قصر عابدين كمستشار لرئيس الجمهورية، وهو ما رفضه هيكل وجعله يقول عبارته الشهيرة التى تصدرت عناوين الصحف حينها: «إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجى من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقرارى وحدى. وقرارى هو أن أتفرغ لكتابة كتبى.. وفقط».
كان أنيس منصور هو الصحفى الأقرب إلى السادات بداية من عام 1975، حتى إنه قد رافق السادات فى زيارته للقدس.
يقول أنيس منصور فى أحد حواراته الصحفية فى أكتوبر 2011، إنه كان موفد الرئيس السادات إلى زعماء إسرائيل، لأن الرئيس كان يريد أن تصل رسائله إلى الجانب الإسرائيلى - قبل معاهدة السلام - دون تشويش وبعيدًا عن الدبلوماسيين والمخابرات، لذلك كان أنيس منصور هو الاختيار الأول للسادات للقيام بسلسلة من الرحلات إلى إسرائيل لمحادثة قادتها.
ويصف أنيس منصور علاقته بالرئيس السادات بأنها كانت تمثل الثنائى الذى نراه عبر كل العصور بين المؤسسة الحاكمة وأحد رواد الفكر، وأنه كان هو ذلك المفكر الذى يستعين به صاحب السلطة ليستنير بعلمه وفلسفته ليصنع القرار.
كان موسى صبرى ثانى أقرب الصحفيين له بعد أنيس منصور، حتى أن خطاب الرئيس السادات الشهير أمام الكنيست الإسرائيلى كان من صياغة موسى صبرى، وكان صبرى هو المسئول عن كل ما ينشر عن أخبار الرئيس فى الصحف، فكان ينشر تحت اسمه على الأغلب، وقد بلغ عدد مقالاته عن الرئيس السادات فى الصحف وخاصة «أخبار اليوم» التى كان يرأس تحريرها منذ عام 1975 أكثر من 980 مقالًا فى الفترة من 1970 حتى 1981، وقد أصدر موسى صبرى أكثر من كتاب يتحدث عن علاقته بالسادات منها «وثائق حرب أكتوبر» و«السادات الحقيقة والأسطورة».
ويذكر أن علاقة موسى صبرى الوطيدة مع الرئيس السادات جعلت الكنيسة المصرية تغضب عليه وتعتبره ليس ابنًا لها، حتى إن البابا شنودة الثالث قال عنه إنه «رجل السادات»، واعتبره خائنًا للكنيسة نظرًا لما كتبه عن تحديد السادات لإقامة البابا شنودة، والعديد من قيادات ورموز الكنائس المصرية عام 1981، لدرجة أن البابا شنودة رفض الصلاة على جثمانه حينما مات فى مطلع عام 1992.
بدأت علاقة أحمد بهاء الدين بالرئيس السادات قبل أن يتولى رئاسة البلاد، فكان بهاء الدين عضوًا فى أكثر من وفد مصرى شكله عبد الناصر لمناسبات دولية وإقليمية مختلفة، وكانت تلك الوفود على الأغلب برئاسة السادات، لتظل علاقتهما وطيدة، حتى إن السادات - فى فترة رئاسته - كان يطلب أحمد بهاء الدين ليأتيه فى منزله أو مكتبه ليستمع إلى آرائه بشأن القضايا المختلفة، لكن العلاقة توترت بعد أحداث 15 مايو عام 1971، وبعد قرارات السادات بسجن كل من تورط فى الانقلاب عليه من الوزراء، ليأمر بنقل أحمد بهاء الدين من عمله كرئيس لدار الهلال ليعمل فى «روز اليوسف»، ولكن بهاء الدين رفض ذلك القرار وبعث إلى السادات رسالة مكتوبة جاء فيها «لا أتحرك كقطعة شطرنج من مكان لمكان وبلا رغبة»، وبعدها توسط هيكل بينهما حتى خلص إلى عودة بهاء الدين ككاتب فى جريدة «الأهرام».
ويُذكر أن بهاء الدين له كتاب عن علاقته بالرئيس السادات بعنوان «محاوراتى مع السادات»، وهو الذى ذكر فيه السادات صراحة «أنا وعبد الناصر آخر الفراعنة».
بعد ثورة 23 يوليو 1952، بدأ الضباط الأحرار بإصدار صحف ومجلات جديدة، فأصدروا فى سبتمبر 1952 مجلة «التحرير»، ثم أصدروا جريدة «الجمهورية» اليومية فى نوفمبر 1953، ثم «المساء» فى أكتوبر 1956، و«بناء الوطن» الشهرية.
ويمكن القول إن تولى هيكل لرئاسة تحرير «الأهرام» فى منتصف عام 1957 هى بداية تحولها إلى جريدة تنطق باسم السلطة، حتى إن فؤاد مطر فى كتاب له لم يعتبرها مجرد جريدة، وإنما اعتبرها بمثابة حزب يرأسه عبد الناصر.
كان هيكل أقرب الصحفيين إلى الرئيس جمال عبد الناصر، ويعتبر كثيرون أن أول كتاب أصدره عبد الناصر عام 1953 بعنوان «فلسفة الثورة» هو من تحرير هيكل، وليظل بعدها ملازمًا للرئيس فى جولاته الخارجية، وعلى اتصال مباشر ودائم معه. ويرى مؤرخون أن هيكل هو أهم الشهود على عصر عبد الناصر وقراراته، وكانت مقالاته فى «الأهرام» تحت عنوان «بصراحة» هى المؤشر على أفكار ناصر وسياساته.
وتظهر الصداقة التى تربط هيكل بعبد الناصر جلية فى صياغته لخطاب التنحى الذى ألقاه عبد الناصر على الشعب بعد نكسة يونيو 1967، وهو الذى رشح زكريا محيى الدين لقيادة البلاد بعد قرار عبد الناصر بالتنحى، كما اختير لشغل منصب وزير الإعلام عام 1970.
مع تزايد اهتمامات نظام يوليو، والتبلور التدريجى لسياساته، أصبح مطلوبًا من الصحف ما هو أكثر من مجرد الانصياع للتعليمات. كان المطلوب هو إظهار التأييد للنظام ودعم توجهاته الأيديولوجية على طول الخط.
لم تكن المشكلة أن ما تبقى من الصحف والمجلات يعارض النظام، فقد كان الجميع مؤيدين لكل ما يصدر عنه، وقد أبعدت السلطة بالفعل «المغضوب عليهم» من صحفيى الصحف الخاصة بالضغط أو بالاعتقال. كانت القضية هى أن الصحف فى ظل الفقر الشامل للحياة السياسية لا تجد سوى الفضائح والجرائم لضمان رواجها، وبالتالى كان من الصعب أن تستجيب لنداء عبدالناصر. وهكذا تم فى النهاية اللجوء للأوامر.. بتأميم الصحف، فى 24 مايو 1960، مما أخضعها للسلطة الإدارية لعبدالناصر بشكل مباشر.
فى 28 مايو 1960، عقد الرئيس جمال عبدالناصر اجتماعًا فى قصر القبة مع رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية ورؤساء تحرير الصحف والمجلات المصرية، وكان أول اجتماع بعد صدور قانون تأميم الصحافة فى 24 مايو؛ حيث جرى احتلال مكاتب رؤساء تحرير الصحف ورؤساء مجالس الإدارة فى الليلة السابقة واستدعاء المعينين الجدد لمقابلة على صبرى بمكتبه فى حى مصر الجديدة.
بعدها أرسل صلاح سالم برقية شكر إلى الرئيس عبدالناصر باسم جموع الصحفيين على الخطوة التى اتخذها بتملك الشعب لأجهزة الصحافة فى مصر، قال فيها بالنص: «لقد أكدتم المعانى الأصيلة لحرية الصحافة»، وقال أيضًا: «لقد رفعت أعتى القيود وأخطرها عن كاهل الصحافة وحميتها من الانحراف وأبعدتها عن مصالح الأفراد وأهوائهم ونزواتهم والتى لطالما اصطدمت بآمال وأهداف أمتنا».
الغريب أن الصحف لم تعلق على قرارات التأميم لمدة 4 أيام كاملة، حتى اجتمع برؤساء تحريرها الرئيس جمال عبدالناصر، الذى تحدث قائلًا: «فى كلامى عاوز أتكلم بصراحة علشان تعرفوا وجهة نظرى وأريدكم أن تتكلموا بصراحة لكى أعرف وجهة نظركم».
فى هذا الاجتماع، قال عبدالناصر للقيادات الصحفية إنه آن الأوان لأن تعبر الصحافة عن الشعب لا عن الطبقات المرفهة، وإن الشعب لا يوجد فى «نادى الجزيرة» ولا «السهرات بتاعة بالليل»، بل فى قرية «كفر البطيخ»؛ حيث لا تشغل الفتيات أنفسهن كل صباح بالبحث عن فستان مختلف يذهبن به إلى النادى، بل عن عمل يشاركن به فى إعالة أسرهن. يومها قال عبدالناصر أيضًا: «أنا أطلب منكم أن تعاونونا فى رسم صورة المجتمع اللى إحنا عاوزين نعمله.. أنتم كصحافة مجندين لخدمة البلد، مش لخدمة ناس أبدًا، واللى مش مؤمن بالمجتمع الاشتراكى الديمقراطى التعاونى... أنا مستعد أدّى له معاش ويروح يقعد فى بيته، ولكن اللى بيشتغل لازم يكون مؤمنًا به».
بعد أيام قليلة كانت كل الصحف - التى انتقلت ملكيتها إلى الاتحاد الاشتراكى لتصبح مملوكة للتنظيم الذى يعبر عن «تحالف قوى الشعب العامل» - تنشر تحقيقات صحفية عن «كفر البطيخ». وبعد أسابيع كان المسرح القومى يفتتح موسمه بمسرحية بعنوان «كفر البطيخ» من تأليف سعد الدين وهبة.
نجحت هذه الأدوات والإجراءات المتنوعة من تأميم ورقابة وتدخل إدارى وسياسى مباشر فى عمل الصحفيين وكتاباتهم، فى جعل الصحف بوقًا للنظام.
انفصل الصحفى عن القارئ وبات همه الوحيد هو إرضاء النظام ورجاله، أو على الأقل تجنب بطشهم.
وهذا هو جوهر مأساة العلاقة بين الصحافة والرئاسة فى مصر عبر كل العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.