في أغسطس الماضي، أعلنت إدارة المتحف المصري عن اختفاء 33 ألف قطعة أثرية، وبعدها بأسابيع نشرت إدارة متحف اللوفر في أبو ظبي صورًا لبعض الآثار، منها تمثال لإيزيس وهي تُرضع ابنها حورس، وهو التمثال الذي يعد من بين القطع الأثرية التي فقدت من المتحف المصري؛ ما أثار الشكوك حول متحف اللوفر بأبو ظبي. وتأكدت جرائم العسكر في تهريب وبيع الآثار، بعد مصادرة حاوية دبلوماسية تحمل أطنانا من الآثار، على متن سفينة رست في ميناء رومابإيطاليا، وقد سمح لها بمغادرة إحدى الموانئ المصرية وفي جوفها تلك الكنوز التي لا تقدر بثمن، وبطبيعة الحال لن يكون السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي هو الخائن الأول الذي يفرط في الآثار المصرية، بل سبقه محمد علي والخديوي إسماعيل وتوفيق وعبد الناصر وحتى السادات. يقول المحامي المصري بالنقض "نبيل فزيع": إن تقرير هيئة مفوضي الدولة الوارد للقضاء الإداري فى الدعوى رقم 26203 لسنة 68 قضائية، المطالبة بوقف قرار حكومة الانقلاب السلبي بالامتناع عن استرداد رأس نفرتيتي لدى ألمانيا، اعتبر عملية استرداد الآثار المصرية فى الخارج من أعمال السيادة. جريمة لا تسقط بالتقادم وأضاف فزيع، مقيم الدعوى، أن التقرير يخالف المادة 49 من الدستور والتى تؤكد "التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وترميمها، واسترداد المسروق منها، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه، وحظر إهداء أو مبادلة أي شيء منها، واعتبار الاعتداء عليها أو الاتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم". وأكد فزيع، أن القوانين المصرية المتعاقبة تعتبر الآثار ملكية عامة، حسب المادة الأولى من القانون 14 لسنة 1912 ، وأكدت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون حماية الآثار الصادر عام 2010 على هذا المبدأ، ما يعنى حق المواطنين فى اللجوء إلى القضاء لمواجهة تراخي الحكومة عن استرداد الآثار المهربة فى الخارج. وأكد فزيع، أن المادة 13 من اتفاقية منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" الصادرة عام 1970، تنظم حق استرداد الدول لآثارها المهربة بطرق غير شرعية، وتلزم الحكومات بإجراءات للتعاون فى هذا الصدد، ما يسهل مهمة حكومة الانقلاب فى استرجاع آثارنا من الخارج. وتنظر الدائرة الأولى بالقضاء الإداري يوم 26 يونيو الجاري، قضية إلزام حكومة الانقلاب باسترداد تمثال نفرتيتي، الموجود بمتحف برلين منذ استولى عليه بالتحايل عالم الآثار الألماني لودفيج بورخارت، رئيس بعثة الحفائر الألمانية، التى تواجدت فى مصر عام 1923. وكان الاتفاق مع البعثة الألمانية يقضي بحصول مصر على الأعمال الفنية المهمة المكتشفة، وتقسيم غير المهمة بين البعثة ومصلحة الآثار وقتئذ، وحصلت مصر على عدد من التماثيل الحجرية الناقصة لنفرتيتي وإخناتون وبناته، وأخفى بورخارت وبعثته التمثال المسروق. تاريخ من السرقة في الثاني من أغسطس عام 1831، قرر محمد علي، والي مصر، إهداء بريطانيا مسلة تحتمس الثالث، وهي مشيدة الآن على نهر التايمز في العاصمة البريطانية لندن منذ عام 1871، وفي عام 1833 أُسقطت مسلة رمسيس الثاني من أمام معبد الأقصر بأمر محمد علي؛ حتى يتم نقلها إلى فرنسا. وأهدى الانقلابي الراحل جمال عبد الناصر مجموعة من معابد النوبة لعدد من الدول، فكان نصيب أمريكا معبد دندور، وتم تشييده في متحف الميتروبوليتان بنيويورك عام 1978، ومعبد دابود الذي بناه الملك النوبي آزخر آمون، تم إهداؤه إلى إسبانيا ووضع في القصر الملكي بمدريد عام 1972، وكان هناك معبد آخر يسمى معبد طافا بناه الرومان أثناء احتلالهم لمصر، وقدمه عبد الناصر هدية لهولندا، وأعيد تركيبه بمتحف الآثار بمدينة ليدن. ولما لم يكن هناك معابد كافية من أجل إيطالياوألمانيا، أهدى عبد الناصر إيطاليا مقصورة الليسيه التي بنيت في عهد الملك تحتمس الثالث عام، ومن داخل معبد كلابشة أخذ عبد الناصر البوابة البطلمية وأهداها إلى ألمانيا، وتم وضعها في الجانب المصري في متحف برلين. وفي كتاب «سرقات مشروعة»، ذكر الكاتب أشرف العشماوي أن الخديوي إسماعيل أهدى ما يقرب من 4000 قطعة أثرية لملوك فرنساوألمانيا والنمسا، ووافق على طلب القنصل الأمريكي «ألبرت إيلي فارمان» بحصول أمريكا على مسلة يتم وضعها في نيويورك كالمسلتين اللتين تم وضعهما في باريس وفي لندن، لتستقر في حديقة سنترال بارك بولاية نيويوركالأمريكية. وكان السادات من أكثر الرؤساء إهداء للآثار المصرية، فقد وصلت عدد القطع الأثرية التي فرط فيها السادات على سبيل الهداية إلى 100 قطعة، وخصصت هذه القطع لمجموعة من الشخصيات، أهمها كان إمبراطور إيران محمد رضا بهلوي عام 1971 ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وهنري كيسنجر 1973، والرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان 1975، ورئيس وزراء كيان العدو الصهيوني مناحم بيجن عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد المشئومة، ولم يكن السادات وحده هو من يهادي أقرانه بالآثار الماضية؛ بل زوجته جيهان أيضًا التي أهدت قطعًا أثرية فرعونية إلى إيميلدا ماركوس زوجة الرئيس الفلبيني الأسبق، وزوجة رئيس المكسيك في ذلك الوقت. أما المخلوع مبارك فتولت زوجته بمشاركة وزير الثقافة فاروق حسني وزاهي حواس وعدد من الأجهزة السيادية مثل المخابرات، التنقيب عن الآثار وسرقتها وبيعها في الخارج.