لا يعرف أحد في مصر عن الجدول الزمني، لتتوقف زيادة أسعار المحروقات والسلع الاستراتيجية في دولة الانقلاب، خاصة في ظل ترويج قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بأن لتر البنزين تقف تكلفته على مصر أكثر من عشرة جنيهات، بزيادة عن العالم كله، فضلا عن حديثه حول تكلفة سعر تذكرة المترو التي تزيد على 16 جنيها، ليرفع السيسي سقف الزيدات الجنونية لأبعد ما يتخيله المواطن أو تتحمله ظروفه المنهارة. وفاجأ طارق الملا، وزير البترول، في حكومة الانقلاب، المواطنين اليوم الأربعاء، بتصريحات صادمة تشير لزيادة جديدة في سعر الوقود، رغم وصول لتر البنزين لأكثر من ثمانية جنيهات، قائلا إن الهدف من تحريك أسعار الوقود هو ترشيد الاستهلاك، موضحا أن وزارة البترول تهدف لزيادة الإنتاج المحلى خاصة واننا نستورد أكثر من 30% من احتياجاتنا من الخارج. وأوضح الملا، فى مؤتمر صحفى بمقر مجلس الوزراء، أن هناك زيادة أخيرة فى أسعار الوقود مرتقبة نظرا لأنه أسعار تحريك الوقود وفق خطة على مدار 5 سنوات وبالتالى تم تحريك الأسعار 4 مرات فقط ويتبقى مرة أخيرة. ورفعت حكومة الانقلاب، السبت الماضي 16 يونيو، أسعار الوقود وبنسب تتجاوز 50 %، وذلك عقب أيام من إعلان وزارة الكهرباء عزمها تطبيق زيادة جديدة في الأسعار، بدءا من يوليو2018. وارتفع سعر "بنزين 80 أوكتين"، الذي يعد الأكثر استخداما في مصر، وكذلك السولار (الديزل) من 3.65 جنيه مصري إلى 5.5 جنيه للتر الواحد، أي بنسبة 50 %. كما ارتفع سعر اسطوانات غاز الطهي المنزلي (البوتاجاز)، من 30 جنيها مصريا إلى 50 جنيها، بينما زاد سعر الاسطوانة للاستخدام التجاري من 60 جنيها مصريا إلى 100 جنيه، أي بنسبة 66 %. وقال وزير البترول المصري، طارق الملا، إن "زيادة الأسعار ستوفر نحو 50 مليار جنيه مصري، من مخصصات الدعم في موازنة عام 2018/ 2019". ويطرح سؤال، هل كانت الحكومة المصرية تملك بدائل للتعامل مع أزماتها الاقتصادية غير رفع الأسعار؟ "المشكلة هي الإنفاق السفيه" وفي حديث لشبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي "، يقول الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن "الحكومة المصرية كان لديها الكثير من البدائل الأخرى غير تحميل المواطن المصري عبء سياساتها الاقتصادية الفاشلة". ويضيف حسني أن "الارتفاعات المتتالية في الأسعار تأتي بسبب انخفاض قيمة العملة، وليس بسبب سياسات حكومات سابقة كما يروج النظام الحالي". ويزيد أن "المشكلة الأساسية التي أدت إلى انخفاض قيمة العملة هو الانفاق السفيه الذي لا يتناسب مع وضع دولة تعيش أزمة اقتصادية". وتابع حسني أن "إنفاق الملايين على تسليح عسكري ضخم لدولة لا تعيش حالة حرب وتعاني مشكلات اقتصادية، فضلا عن إطلاق مشاريع تتكلف المليارات مثل تفريعة قناة السويس والعاصمة الإدارة الجديدة واستصلاح مليون فدان، دون وجود عائد مالي حقيقي، أدى إلى ما نعيشه الآن ويدفع ثمنه المواطن المصري". ويؤكد حسني أن "قيمة الجنيه المصري ما كانت لتنخفض بهذا الشكل بالرغم من قرار تعويم الجنيه، إذا كانت هناك سياسة اقتصادية رشيدة تعمد إلى حسن استخدام الموارد المتاحة بدلا من تبديدها". وأكد أن "الفشل الاقتصادي الحالي يتحمل وزره الأكبر والأضخم النظام القائم، وفكرة نسبته إلى سياسات أنظمة سابقة هو محاولة من النظام الحالي للتبرؤ من أخطائه ونسبتها إلى الغير". وشدد على أن "المصريين غير راضيين عن الارتفاعات المتتالية في الأسعار". ويستبعد أستاذ الاقتصاد تحسن الأوضاع مستقبلا معتقدا أن "القادم سيكون أسوأ". وتعد تلك المرة الثالثة، التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود، منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار أو ما يعرف بالتعويم، في نوفمبر 2016. ورفعت مصر في مايو الجاري أسعار تذاكر مترو الأنفاق، كما رفعت أسعار استهلاك مياه الشرب وتعريفة فاتورة الصرف الصحي. وأبرمت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، نهاية عام 2016، اتفاقا على قرض بقيمة 12 مليار دولار، على مدار ثلاث سنوات. وتلتزم مصر بموجب اتفاق القرض بإجراء اصلاحات في بنية الاقتصاد الوطني.