أطاح السفيه عبد الفتاح السيسي بشريكه في الانقلاب صدقي صبحي من وزارة الدفاع، وحل محله الفريق محمد أحمد زكي، الذي كان قائدا للحرس الجمهوري خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد، وبرأي مراقبين فإن التغيير الجديد والذي شمل أيضاً وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، لا يبشر بخير للشعب الذي أرهقه القمع والقتل والاعتقال والتوسع في بناء السجون والإرهاب الرسمي للعصابة العسكرية، ومن الممكن تلخيص المشهد بأن صدقي صبحي ربما يتم تجهيزه لخلافة السفيه السيسي بعد أربع سنوات من الآن، فالسفيه السيسي بهذا التغيير الوزاري أطاح بقاتل وعين مكانه سفاحا. وفي التغيير الوزاري الجديد ورغم أن دستور الانقلاب يحصّن منصب وزير الدفاع ويجعل من المستحيل إقالته لكن وكما يقول المثل الشهير "الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا"، أطاح السفيه السيسي ب"صدقي صبحي"، من وزارة الدفاع، ومجدي عبد الغفار من الداخلية وخالد عبد العزيز من الشباب والرياضة، في الوزارة الجديدة، وهؤلاء كانوا أهم وزرائه في ولاية اغتصاب السلطة الأولى. فهل تم تغفيل صدقي صبحي أم أن الأمر متفق عليه بين شريكي الدم والإجرام والانقلاب على ثورة 25 يناير، أم أن شيئا يجري من وراء الكواليس وثمة اتفاق يشبه ما جري في روسيا بين ميدفيدف وبوتين بموجبه يتنازل أحدهما للآخر عن منصب الرئاسة صورياً لمدة ولاية ثم يعود الثاني بعدها إلى العرش في إطار لعبة عسكرية؟..وهل هناك علاقة بين حريق وزارة الدفاع من يومين وإقالة صبحي؟، أم أن الأمر محض خلافات داخل العصابة لا يتأثر بها المواطن المسحول المطحون المهدورة كرامته؟ متهم بقضايا فساد وأدت حكومة الانقلاب الرابعة برئاسة مصطفى مدبولي اليمين الدستورية، الخميس، أمام السفيه عبد الفتاح السيسي، وكان السفيه قد كلّف مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة انقلاب جديدة في السابع من يونيو الجاري، بعدما تقدم رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، باستقالته من منصبه، الثلاثاء قبل الماضي، بعد أيام قليلة من السفيه السيسي اليمين الدستورية لفترة اغتصاب للحكم جديدة. وترأّس مدبولي مجلس وزراء الانقلاب بالإنابة في الفترة المؤقتة أثناء رحلة علاج شريف إسماعيل بألمانيا، وشغل مصطفى كمال مدبولي في وقت سابق منصب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية من فبراير 2014 في وزارات إبراهيم محلب الأولى والثانية ووزارة شريف إسماعيل، وهو متهم بقضايا فساد كبيرة واستيلاء على المال العام. يقول الناشط أحمد عطوان:"رئيس العصابة يتخلص من أهم رجاله بالجيش والشرطة..السيسي يطيح بالحقير مجدي عبد الغفار"زكي قدرة" من وزارة الداخلية ليلحق بالمجرم محمد ابراهيم في مزبلة التاريخ، ويطيح بذراعه اليمين صدقي صبحي من وزارة الدفاع بعد مشاركته في كل جرائمه الوطنية والانسانية في خراب مصر وحرق المصريين ودهس الحريات والديمقراطية". خائن للرئيس مرسي وفي العام الماضي أصدر السفيه السيسي، قرارًا بترقية اللواء محمد أحمد زكي، قائد الحرس الجمهوري والذي كان يشغل ذات المنصب في عهد الرئيس الشرعى محمد مرسي، إلى رتبة الفريق، وهو المنصب الأعلى لأي قائد بالمنصب منذ العام 1973 الذي شهد وفاة الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات. ومن المتعارف عليه بالحالة المصرية أن قائد الحرس الجمهوري قد يكون برتبة عميد أو لواء وفي معظم الحالات يكون برتبة لواء، ونادرًا ما يكون عميدًا أو فريقًا، كما حدث في حالتي الليثي ناصف الذي ساعد السادات في القبض على مراكز القوى التابعة لسلفه عبد الناصر وإحكام سيطرته على النظام الحاكم بعد رحيله، وحالة زكي حاليًا. إذًا ترقية الليثي ناصف لهذه الرتبة كانت مكافأة على ما فعله ودعمه للسادات، فهل يؤشر ذلك على أن قرار السفيه السيسي مشابه للحالة الساداتية؟ هل يكافئ السيسي قائد الحرس الجمهوري بترقيته إلى وزير دفاع بدلا من شريكه صدقي صبحي على فعل مهم قام به، أم على فعل مهم سوف يقوم به، أم يضمن ولاءه في مواجهة خطر قادم محتمل أو محقق، أم يضمن ولاءه في المطلق دون خطر مرتقب؟ الاحتمالات كلها واردة، كون الفريق محمد زكي، قد بات الآن هو الرجل الثاني من حيث الرتبة، إذ يسبقه السفيه السيسي فقط، وبحكم قربه من السفيه السيسي كقائد حرسه الجمهوري، فقد بات رقمًا مهمًا في المعادلة، وبهذه التغييرات في بنية المؤسسة العسكرية، فإن كثيرًا من أعضاء المجلس العسكري وقادة الجيوش والأفرع الرئيسية، بالإضافة لرئيس الأركان ومدير المخابرات الحربية، صاروا أكثر ولاءً للسيسي، وبات شبه مسيطر على المجلس، فهل هذا ما يريده الآن، ولماذا؟ ما الذي يخشاه السيسي تولى زكي منصبه كقائد لقوات الحرس الجمهوري في 8 من أغسطس 2012، وقبل أن يتولى منصبه شغل قيادة ورئاسة أركان وحدات المظلات، في الفترة بين 2008 و2012، وكان له دوره البارز في إقصاء وخيانة الرئيس مرسي في 3 من يوليو 2013 بجملته الشهيرة "أنتم معتقلون" التي قالها للرئيس مرسي وقيادات الإخوان بالقصر الرئاسي، حسب شهادته في النيابة فيما بعد، فيما يعرف بقضية قتل متظاهري الاتحادية، وأمام المحكمة في قضيتي قتل المتظاهرين والتخابر، واحتجز الرئيس الشرعى محمد مرسي بدار الحرس الجمهوري الذي انتقل إليها خلال تظاهرات 30 من يونيو 2013، ونقله فيما بعد إلى قاعدة بحرية، احتجز فيها لفترة، قبل أن يظهر في أول جلسة محاكمة علنية في 4 من نوفمبر 2013. ربما ترقية زكي إلى رتبة وزير دفاع خلفا لصبحي في حد ذاتها مثيرة للجدل، لكن الأكثر إثارة للريبة كونها تأتي في ظل وضع سياسي واقتصادي وأمني مرتبك للانقلاب، مع التركيز على أن سلاح الحرس الجمهوري، طول تاريخه، وإن كان ضمن منظومة الجيش، إلا أن ولاءه الكامل يكون لقائد الانقلاب، ولديه تسليحه الخاص، وخط قيادي مختلف عن الجيش، ومسؤوليته تتمثل في تأمين السفيه السيسي إلى منشآت الرئاسة ومراكز القيادة ومطارات الرئاسة، بل وتمتد صلاحيتهم لحماية مؤسسات مثل مجلس الشعب والمحكمة الدستورية ومجلس الدولة في أثناء الحروب والأزمات. هذه الأمور مجتمعة تجعل من ترقية زكي في هذا التوقيت مثيرة للجدل لنعود لسؤالنا الأساسي: هل هي مكافأة على ما فعل أم على ما سيفعل مستقبلاً؟ وما الذي يخشى السيسي حدوثه ويعد العدة له؟