بعد أن قدم الدكتور عبدالرحمن البر، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع المنصورة، دفوعه القوية المفحمة أمام محكمة الجنايات خلال جلسة 29 مايو في قضية فض اعتصام رابعة، وساق 4 أدلة تؤكد براءة الجماعة من التهم الزائفة التي ينسبها لها نيابة الانقلاب وتحريات ضباط الأمن الوطني، والتأكيد على أن المعتقلين الذين يحاكمون على ذمة القضية كانوا أعضاء في الهيئة التأسيسية للدستور بعد ثورة 25 يناير، وكذلك معظمهم أعضاء في مجلس النواب باختيار نزيه من الشعب، كما فند أكاذيب اتهام الجماعة بالغلو والتطرف وموقفها من مواجهة ظاهرة التكفير والعنف بالكتاب الرائد "دعاة لا قضاة" الذي ألفه فضيلة المرشد الثاني المستشار حسن الهضيبي وشعار فضيلة المرشد الدكتور محمد بديع"سلميتنا أقوى من الرصاص". في النقطة الثانية من الدفوع، ساق الدكتور البر "8" أدلة تؤكد براءته الشخصية من هذه التهم الجزافية الزائفة. يقول البر في النقطة الثانية «ما يتعلق باتهامي بالتدبير والتحريض والمشاركة في أعمال العنف وقطع الطرق وتعطيل المؤسسات»، يقول البر «هي التهم التي لم تسعفني حصيلتي اللغوية بوصف مناسب لها إذ لم أعتد على استخدام الألفاظ التي ينقصها الذوق السليم، وسأطرح بإيجاز شديد على الهيئة الموقرة بعض الحقائق لترى ما إذا كان من الممكن والقابل للتصور عقلاً إسناد تلك التهم لشخصي أو لا. الدليل الأول: يؤكد البر أنه على أعتاب السادسة والخمسين من العمر ولم يسبق له على الإطلاق دخول قسم شرطة أو الوقوف أمام نيابة عامة شاكيًا ولا مشكوا ولا شاهدًا في أي قضية أو خصومة، بل كان همه الإصلاح بين الناس وإقرار دعائم السلم الاجتماعي، حتى شارك في إنهاء مئات النزاعات بين العائلات والأفراد وبين الأزواج، دون أن يدخل في خصومة مع أحد. ويتساءل البر: «أفبعد أن شاب قرناي وأبيض عارضاي ومالت شمس عمري للغروب ينتهي بي العلم وحكمة الشيخوخة إلى المشاركة في قطع الطرق يا أولي الألباب؟!» وهو استفهام استنكاري ليكون أكثر وقعًا على العقل وأقوى حجة لمن يملك ضميرًا مستقيمًا من القضاة أو غيرهم. الدليل الثاني: يستعرض البر سيرة تخرجه في كلية أصول الدين حاصلاً على الترتيب الأول على الدفعة بامتياز مع مرتبة الشرف ثم تعيينه معيدًا في الكلية عام 1985، ثم تدرجه في الوظائف الجامعية حتى درجة أستاذ عام 2003 ثم تولى رئاسة قسم السنة وعلوم الحديث، ثم عمادة الكلية عام 2011،؛ يقول البر: «خلال هذه السنوات التي قاربت الثلاثين لم أتعرض لتوقيع أي جزاء إداري ولا مجرد لفت نظر على الإطلاق، أفيصح في العقول أن ينتهي بي هذا الانضباط العملي والأخلاقي إلى الاشتراك في قطع الطرق وتعطيل المواصلات والمؤسسات؟!». الدليل الثالث: يسرد العالم الأزهري كيف انتخبه السادة زملاؤه في الكلية في عام 2011 عميدًا بأغلبية قاربت الإجماع، فأنجز بفضل الله ثم بمعونة الزملاء في عام ونصف الكثير، سواء في البرامج العلمية والتعليمية أو التحديث التقني أو الإصلاح الهيكلي والإداري أو الخدمات الطلابية أو خدمة المجتمع أو النهوض العمراني والجمالي للمبنى ومحيطه، وكذلك إعداد رؤية بعد المدارسة مع الزملاء لتطوير الكلية بحيث تكون الأولى في مجالها إقليميًا وعالميًا وتصبح نموذجًا لغيرها من الكليات، وهنا يتساءل البر: «فهل يمكن أن يكون كل ذلك مقدمة للاشتراك في تشكيل عصابي لقطع الطرق وارتكاب الجرائم وتعطيل المؤسسات؟!». الدليل الرابع: يقول البر: «في عام 2012/ 2013 م دعاني السيد اللواء سامي الروبي مساعد وزير الداخلية لمصلحة التدريب لإلقاء المحاضرات التوجيهية على المتدربين من ضباط وأفراد الشرطة، فألقيت الكثير منها حتى حزيران/ يونيو 2013، ومنها ما ألقيته في هذا المعهد الذي تتم فيه المحاكمة، وقد رفضت تقاضي أية مكافآت أو الانتقال بغير سيارتي الخاصة، وكان السيد المساعد حريصًا على استقبالي عقب كل محاضرة لتقديم شكره وشكر الوزير وإعلان اغتباطهم بالمضامين التي أوجه بها المتدربين، فهل كانت وزارة الداخلية تستعين بزعيم في تشكيل عصابي وعضو في جماعة عنيفة وإرهابية لتوجيه ضباطها؟ على النحو الوارد في الاتهامات المرسلة في هذه القضية؟ الدليل الخامس: يضيف البر «شاركت – كما سبقت الإشارة- في إعداد الدستور المصري بعد انتخابي عضوا بالجمعية التأسيسية، فما هو المنطق الذي يقبل اتهام المشرع الدستوري بعضوية جماعة مؤسسة على خلاف الدستور أو تسعى لتعطيله؟ إن هذا لشيء عجاب. الدليل السادس: يتابع البر: «ألفت خمسة وثلاثين كتابا في مختلف فروع الثقافة الإسلامية، وكتبت مئات المقالات في الصحف والمجلات على اختلاف توجهاتها، وقدمت عشرات البرامج وشاركت في مئات الحوارات والحلقات التلفزيونية في التلفزيون الرسمي وفي الفضائيات المختلفة، وألقيت آلاف المحاضرات والدروس والخطب والكلمات في الجامعات والمدارس والمساجد والنقابات والأندية وقاعات الاحتفالات، وأكثرها مرفوع على شبكة الإنترنت على صفحتي الشخصية وغيرها من الصفحات المهتمة، وكلها تشهد بجهودي في الإصلاح وتدعيم السلم الاجتماعي والبناء الأخلاقي في المجتمع والأمة، ولم يجد كاتب التحريات ولا ممثل الادعاء في شيء من هذا الإنتاج الضخم عبارة مرئية أو مسموعة أو مكتوبة يستندون إليها في الاتهامات المرسلة التي أطلقوها في هذه القضية وغيرها، ولم يجدوا إلا كل ما ينقض ويبطل تلك الاتهامات، فآثروا أن يغضوا الطرف عن نقل شيء منها إلى أوراق الدعوى». الدليل السابع: يؤكد البر أنه كمفكر ومثقف وكاتب وعالم في الشريعة فإن موقفه واضح من العنف وكرره كثيرًا جدًا قولاً وكتابة، يقول عضو مكتب الإرشاد: « فأنا أنفر من العنف طبعا وخلقا، وأستنكره دينا وشرعا، وأرفضه عقلا ومنطقا ووطنية، وأرى أنه إذا انبعث في المجتمع كانت أولى ضحاياه جهودي في الإصلاح التي بذلت فيها زهرة عمري، ولن تخلف غير الخراب والدمار والفتنة والأحقاد. وقد ألفت قبل خمسة عشر عامًا كتابي في "في شرح أحاديث تحريم الدم"، ودرّسته لطلابي على مدى أكثر من عشر سنوات متصلة لأقر في نفوسهم رفض هذا المسلك، وليقوموا بنشر ذلك الفهم الصحيح في المجتمع، وقد فعلوا، فهل يبقى للعقل السليم مجال لإمكان تصور اتهامي ممارسة العنف أو التحريض عليه أو الاشتراك في جماعة تتخذ منه وسيلة لبلوغ أهدافها؟!». الدليل الثامن: ويعد الدليل الأهم والأخطر ؛حيث يؤكد البر «لم أسمع أحدا ممن أدلوا بشهادتهم في هذه القاعة ذكر اسمي في أية واقعة أو ذكر أنه رآني أفعل شيئا أو سمعني أقول قولاً أو أقر لي بعبارة، مما يعد مؤثمًا قانونًا، بل ولا ذكر أحدهم اسمي على الإطلاق، وهم الذين اكتفت المحكمة بشهادتهم في تصور القضية والأحداث والاتهامات، كما أنه على حد علمي خلت أوراق القضية من ذكر اسمي على لسان أحد ممن تم التحقيق معهم يقول إني حرضته أو شاركت معه أو مع غيره في فعل مؤثم قانونًا، كما أن ما عرضته المحكمة من أقراص مدمجة جاء يخلو تمامًا من أي إشارة إلى شخصي أو من أي نقل مسموع أو مكتوب عني، ولذا فقد تم حشر اسمي حشرًا في القضية ضمن قوائم المتهمين دون أي دليل أو إشارة من دليل على سبب للاتهام فضلاً عن الإدانة، ويبدو واضحًا أن النيابة أدركت أنه ليس لديها ما تحقق معي بشأنه أو تواجهني به، فآثرت إحالتي للمحاكمة دون تحقيق، فما السر في ذلك؟ !".