يبدو أن "الإهمال الطبي" بات وسيلة كل طاغية وديكتاتور وقاتل مجرم في مشارق الأرض ومغاربها، وسواء كان المنفذ سلطات الانقلاب التي يقودها السفيه عبد الفتاح السيسي، أو سلطات الاحتلال الصينية في تركستان الشرقية، فإن الهدف واحد وهو تصفية قيادات المعارضة المحتجزة في السجون، ولا يختلف ما جرى للشيخ الشهيد عبد الأحد مخدوم، أوما يجري بحق جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم في سجون العسكر. وتوفي الشيخ عبد الأحد مخدوم، أحد علماء تركستان الشرقية، في أحد السجون الصينية، في مدينة خوتان ب"تركستان الشرقية" المحتلة، وذكر موقع " إلك خبر" التركية، بأنه تم إبلاغ عائلة الشيخ عن وفاته، التي قالت بأنه قد توفي منذ أشهر عدة، وتم إبلاغهم حديثا. ويعد الشيخ مخدوم، أحد الشخصيات البارزة في تركستان الشرقية ، يبلغ من العمر 86 عامًا، وتعرض للتعذيب في السجون الصينية، ونقلت الموقع عن رئيس رابطة المعارف في تركستان الشرقية، "هداية أوغوزهان"، بتغريدة له على حساب "تويتر"، أكد فيها " وفاة كبير أساتذة وعلماء تركستان الشرقية الشيخ عبد الأحد مخدوم، في السجون الصينية". أما في مصر فلا يختلف الأمر عن الصين، ويتعرض 75 ألف معارض سياسي بسجون الانقلاب للقتل البطيء بالإهمال الطبي، حيث ينتشر بين المعتقلين 45 مرضًا في سجون الانقلاب، منها أمراض السرطان والقلب والسكر وأمراض الصدر وأمراض الكبد، ووثقت المنظمات الحقوقية أكثر من 500 حالة قتل عمد داخل سجون الانقلاب جراء الإهمال الطبي ومنع العلاج، كما وثقت إصابة 790 حالة بالسرطان. أضف إلى ذلك النقص الحاد في جميع الأدوية المهمة اللازمة لإنقاذ حياة المعتقلين، كما تمنع إدارة السجون دخول الأدوية في الزيارات، ولا توجد أسرَّة للمرضى في مستشفيات السجون، وتعد المستشفيات بيئة خصبة لانتقال الأمراض المعدية للمعتقلين، كما تتعمد إدارة السجون عرقلة إجراءات إثبات أسباب الوفاة أو تعرض السجين لأى انتهاك أثناء فترة الاعتقال. سيرة شهيد تركستان ولد الشيخ مخدوم، في مدينة "قارا قاش" عام 1930م، وهو إبن شقيقة الزعيم التركستاني، وصاحب كتاب " تاريخ تركستان الشرقية" الشهير الشيخ محمد أمين بغرا، الذي توفي في المنفى في أنقرة عام 1965م، وداهمت سلطات الاحتلال الصينية في مدينة خوتن بمنطقة تركستان الشرقية عام 20014، أحد البيوت الشعبية في المدينة، واعتقلت الشيخ عبد الأحد برات مخدوم وكان عمره 74عاما للمرة الرابعة. وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات وبعد أن أطلق سراجه كان يعيش في منزله إقامة جبرية منذ 11 عشر عاما، و اعتقل الشيخ مخدوم، للمرة الخامسة، من منزله عام 2017، بعد أن اعتقل جميع أفراد أسرته وكانت ظروفه الصحية سيئة، وكان مكان اعتقاله غير معروف منذ اعتقاله. وتقع "تركستان الشرقية" التي تحتلها الصين في وسط آسيا الوسطى، ويطلق المسلمون اسم تركستان "أرض الترك" على المناطق الواقعة في شمال ما وراء النهر ، وبالأخص على تركستان الشرقية، وتخضع "تركستان الشرقية" للاحتلال الصيني، وتُعرف باسم مقاطعة "سكيانج". ويشبه وفاة مخدوم بالإهمال الطبي جريمة قتل القيادي عصام دربالة، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في مصر، والذي تولى رئاسة مجلس شورى الجماعة، وسجن لسنوات طويلة أيام المخلوع مبارك، ثم اعتقل سنة 2015 لمناهضته الانقلاب العسكري، وتوفي في السجن بسبب "الإهمال الطبي". منع العلاج جريمة وأكد حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في وقت سابق أن :"منع العلاج عن المعتقلين السياسيين جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار"، وأشار إلى أن "أبسط أنواع الحقوق للمعتقلين تسلبها منهم إدارة السجون"، ومن أبرز قيادات الإخوان الذين توفوا داخل سجون العسكر منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو 2013، طارق الغندور، القيادي في حزب "الحرية والعدالة" وأستاذ الطب بجامعة عين شمس، وقد توفي في نوفمبر2014، بعدما تعرض في سجنه لنزيف حاد استمر 8 ساعات بلا مغيث، حسب ما أكد شقيقه أسعد الغندور في أحد اللقاءات الإعلامية. وقال "أسعد" إن شقيقه ظل ينزف ثماني ساعات وهو مكبل اليدين، وبعد النزيف الحاد زاره الطبيب المناوب بعد طلوع النهار، رغم أن هذا الطبيب موجود ليلا وطوال فترة النزيف، لكن لم يمر عليه إلا بعد أن تأكد أنه توفي إكلينيكيا وانخفض الهيموغلوبين من 11 إلى 3.5، أي إنه توفي تماما بحسب التقارير التي حصلت عليها العائلة. أما فريد إسماعيل الذي وافته المنية داخل مستشفى سجن العقرب في منطقة سجون طرة في 13 مايو 2015، فهو ثاني أشهر قيادات الإخوان الذين توفوا داخل السجون، بعدها بأيام في 25 مايو 2015، توفي النائب محمد الفلاحجي في سجن جمصة العمومي، نتيجة ما وصفته الأوساط الحقوقية ب"الإهمال الطبي في السجن". فيما أكد الرئيس المنتخب محمد مرسي أن حالته حرجة وتتدهور يوما بعد الآخر في سجنه، وأنه لا يستطيع الرؤية بعينه اليسرى خاصة في الشتاء، وقال أحمد، نجل الرئيس "مرسي" إن إجراءات التخلص من حياة والده وقتله بطريق غير مباشر قائمة وتتم على قدم وساق. وحمّل نجل "مرسي" مسؤولية محاولات قتله والده إلى وزير الدفاع السابق قائد الانقلاب السفيه السيسي ومساعديه، ووزير الداخلية ومساعديه لمصلحة السجون والأمن الوطني، كما حمّل تلك المسؤولية لكل "من يشارك في هذه الجريمة بحق الرئيس في تخاذل تام من المنظمات الحقوقية العالمية، وعلى رأسهم الأممالمتحدة".