خمس سنوات كاملة من خطابات قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، في مناسبات عديدة، أبرزها وطنية تمثل حرب أكتوبر وعيد تحرير سيناء، وبعضها بمناسبة الظروف السياسية سواء كانت الخارجية لشرعنة انقلابه بالخارج، أو داخليا للحديث عن انهيار الاقتصاد ومطالبة المصريين بالتحمل، ومع كل خطاب في مناسبة وطنية، يسلك السيسي مسلكا واحد هو تحويل المناسبة الوطنية من الانتصار على العدو الصهيوني واسترداد الأرض، إلى معركة داخلية مع الإرهاب الذي خلقه السيسي لشرعنة وجوده وتبرير الحرب على المصريين، وخاصة أهالي سيناء التي تمر الذكرى ال36 لاسترداد أرضهم في هذا اليوم الموافق 25 من أبريل من كل عام. تخوين هنا وتهنئة هناك يستدعي عبد الفتاح السيسي عداوة كل المصريين بزعم الحرب على الإرهاب في كل مناسبة وطنية أو دينية، لكنه لا يستدعي عداوة الكيان الصهيوني أبدا. يقول السيسي في أعياد المسلمين مثل ليلة لقدر ومولد النبي، إن المليار و300 مليون مسلم الذين يتهمهم بالإرهاب لا ينبغي أن يحاربوا السبعة مليارات الأخرى من سكان الأرض، ويطالب بتغيير التراث والانقلاب على الثوابت الدينية، لكنه يرى في كل الديانات الأخرى من مسيحية ويهودية وبوذية رمزا للسلام والخير. كما يتهم السيسي أهل سيناء في عيدهم اليوم بتحرير سيناء، بأنهم رعاة الإرهاب، وأنه لن يترك ثأره معهم، ويقوم بتهجيرهم، لكنه في هذا اليوم الذي استردت فيه مصر ببطولة أبنائها أغلى قطعة من مصر وهي سيناء من الكيان الصهيوني، لا يذكر الصهاينة بسوء بل يذكرهم بالسلام، وأنه رمز للأمن والأمان والسلام الذي تنعم به إسرائيل في ظل قيادته. يقول السيسي اليوم الأربعاء في كلمته بمناسبة ذكرى تحرير سيناء : «اليوم وبعد مرور 36 عامًا من تحرير سيناء، ننظر أين نحن الآن؟ وماذا حققنا؟ وكيف نمضي الطريق نحو المستقبل؟ لا يخفى عليكم أن الأطماع في سيناء لم تنته، وأن التهديدات لو تغيرت طبيعتها فخطورتها لن تقل، فنحن نواجه هجمات شرسة من تنظيمات إرهابية مدعومة وممولة من دول وجهات منظمة». ويدعي وجود شبكة كبيرة من التنظيمات الإرهابية، التي استطاعت استغلال حالة الفوضى السياسية، التي ضربت المنطقة خلال السنوات الماضية، لتحتل أراضي بدول شقيقة، مضيفًا: «زين لهذه التنظيمات الوهم بأنها قادرة على فعل ذلك في أرضنا الغالية». وتابع: «المساهمة في الحرب على الإرهاب ليست بالسلاح فقط بل بالتنمية والبناء». ولم يذكر السيسي كلمة واحدة عن العدو الصهيوني تصريحا أو تلميحا، في الوقت الذي استردت مصر سيناء من إسرائيل التي يصف السيسي رئيس حكومتها بأنه أفضل وأحسن مسئول في العالم، ويصوره بالمعجزة. السيسي الذي يعشق إسرائيل باتت العلاقات بين إسرائيل ونظام السيسي جريئة للغاية؛ مما جعل البرلماني المعزول والمحسوب على نظام السيسي «توفيق عكاشة» يجري مقابلة مع سفير إسرائيل في منزله من دون خوف، طالما أن الأمور بين النظامين «المصري والصهيوني» على ما يرام، حتى أنه في فبراير 2016، تساءل عن سر الغضب شعبي عقب لقائه السفير الإسرائيلي: وقال «السيسي قابله.. اشمعنى أنا يعني؟». لحظة أن حكم السيسي مصر فعليًا في أغسطس 2013، أبدت الصحافة الإسرائيلية تخوفًا من مصير أمنها المجهول، وفي 19 أغسطس 2013 ذكر موقع «ديبكا» الإسرائيلي والمقرب من الدوائر الاستخباراتية في تقرير له أن هناك تخوفًا لدى الأوساط الصهيونية من عودة التقارب بين القاهرة وموسكو لسابق عهدها خاصة فيما يتعلق بالمجال العسكري، وأن هذه المخاوف تتلخص في عودة تدفق السلاح الروسي للجيش المصري مرة أخرى؛ وخاصة بعد قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية بمنع تسليم الجيش المصري طائرات إف 16. هدايا السيسي الكبرى لم تكن الأوساط الصهيونية قد أدركت بعد أن وصول السيسي إلى سدة الحكم هو الهدية الأكبر لأمن إسرائيل، وربما أدركت هذا في صمت. تبدو الهدية متضخمة جدًا إذا ذكرنا أنه في مايو 2015، اعتبرت مصر رسميًا حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» جماعة إرهابية، وهو ما يعطي انطباعًا للعالم أن إسرائيل تحارب الإرهاب، ولا تحارب وتطرد شعبًا فلسطينيًا من أرضه. بعد أن أصدرت محمكة عابدين هذا الحكم، تغيرت العلاقات تمامًا بين النظامين، وبدأت الصحافة العبرية الاحتفاء بنظام السيسي وتشجيعه على إجراءاته التي يتخذها في صالح أمن إسرائيل. وفي ظل حكم السيسي تم إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل وتحويلها لمنطقة عازلة بعد تهجير السكان بناءً على طلب إسرائيل، وهذا حلم صهيوني عظيم كانت إسرائيل قد فقدت الأمل في تحقيقه سابقًا عندما تقدمت للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بطلب إخلاء الشريط الحدودي، لكنه رفض المشروع تمامًا، واستجاب السيسي لإرادتهم، وزاد عليه التهجير القسري لمسيحيي سيناء الذي يحدث منذ أسابيع وحتى كتابة هذه الكلمات. نشرت صحيفة The marker الصهيونية الاقتصادية تقريرًا أفادت فيه أن نفقات ميزانية الحرب الإسرائيلية عام 2010 كانت تبلغ 64.4 مليار شيكل، ارتفعت في أعوام 2011 و2012 إلى 66.8 مليار شيكل. وفي عام 2013 في عهد الرئيس محمد مرسي نشرت إسرائيل خططًا لبناء وتجهيز 4 ألوية جديدة على حدود الدولة الصهيونية مع مصر في سيناء؛ مما جعل الموازنة ترتفع إلى 70 مليار شيكل. أما في عام 2013، وبعد ظهور السيسي في المشهد السياسي المصري تخلت تل أبيب عن خططها العسكرية وتقلصت الميزانية إلى 62 مليارًا فقط. رد الجميل بعد استجابة السيسي لكل المطالب الإسرائيلية من دون تردد، حاولت إسرائيل رد الجميل وشن اللوبي الصهيوني حملة للضغط على الإدارة الأمريكية لاستمرار تدفق المعونة الأمريكية لمصر، كون النظام الحالي حليفًا قويًّا له، ينفذ طلباته كافة، بشهادة رئيس أركان الجيش الأمريكي مارتن ديمبسي، الذي أكد خلال أكثر من مناسبة جهود اللوبي في الولاياتالمتحدة لإقناع الإدارة ببقاء المعونة لضمان أمن إسرائيل؛ حسب تصريح للدكتور محمد سيف الدولة. احتفاءً بجهود السيسي وتعجبًا مما يحدث، قال المراسل السياسي للقناة الثانية الإسرائيلية «أودي سيجال» في تصريح له: إن مصر حوّلت إسرائيل إلى عشيقة لها في الشرق الأوسط تستغلها قدر الإمكان دون تقديم مقابل سياسي. أما موقع «إسرائيل ديفينس» فقال «رغم أن عدد الجنود المصريين بسيناء يتراوح بين 20 إلى 25 ألف جندي وهذا ليس ضمن بنود معاهدة السلام، إلا أن مصر لا تشكل تهديدًا على تل أبيب، فهي «حليف»، تحارب الإرهاب الذي يمكن أن يتسلل إلى إسرائيل». هل ما زالت إسرائيل عدوًا؟ عنوان اختارته صحيفة جيروزاليم بوست في تحليل للكاتب بن لينفيلد بمناسبة الذكرى 43 لحرب 6 أكتوبر 1973. وقالت الصحيفة إن وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 8200 تساعد القوات المصرية في جمع وفك شفرات المعلومات حول أنشطة الإرهابيين في بسيناء. في نفس الجريدة في مايو 2016، عبّر مسؤولون إسرائيليون عن رضاهم من تقديم المدارس المصرية لتلاميذ الشهادة الإعدادية، كتابًا يلزم الطلاب بحفظ بنود معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، ويحدد مزايا السلام لمصر والدول العربية. تيران وصنافير للسعودية من أجل إسرائيل تنازلت مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، ولعل هذا التنازل أو البيع يعتبر كنزا إستراتيجيا حصل عليه الكيان الصهيوني بدون مقابل، فملكية السعودية لتيران وصنافير يجعل من خليج تيران ممرًا بحريًا دوليًا، يحق لسفن إسرائيل المرور منه دون أي عوائق. ولا يخفى على أحد أن الحكومة المصرية تجاهد جديًا من أجل التنازل عن الجزيرتين بدلًا من الدفاع عنهما بأي ثمن، حتى أنها استخدمت كل الأساليب القانونية كي تنجح في بيع الجزيرتين، ولكن باءت محاولتها بالفشل حتى الآن. وفي ظل أجواء تدعو للشك في نية النظام المصري بسبب ما يحدث خفاء وعلانية بين نظامي مصر وإسرائيل، تفجرت قنبلة التسريبات التي بثتها قناة «مكملين»، واحتوت التسريبات على مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية المصري سامح شكري والمحامي الشخصي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويكشف محتوى التسريب تنسيقا بين الطرفين بشأن جزيرتي تيران وصنافير، راجع شكري في مكالمته مع المحامي الإسرائيلي إسحق مولخو اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي كان من أبرز بنودها أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان. اقترح السيسي على الكيان الصيهوني إقامة دولة فلسطينية في غزةوسيناء، وكتب أيوب قرّا، الوزير بالحكومة الإسرائيلية، الذي كان يشغل منصب وزير التعاون الإقليمي بالحكومة الإسرائيلية عن حزب الليكود تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر في 15 فبراير ، أفاد فيها تبني الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «خطة» السيسي بإقامة دولة فلسطينية في غزةوسيناء بدلًا من الضفة الغربية. وبعدها بيوم واحد قال ترامب في مؤتمر صحفي مع نتنياهو: «هناك عملية سلام كبيرة تضمن قطعة أكبر من الأرض، وتتضمن إشراك حلفاء عرب فيها»؛ مما أثار شكوكًا بين أوساط مصرية عديدة أن تصريحات أيوب قرّا قد تبدو صحيحة، لا سيما وأن هناك تهجيرًا قسريًا جماعيًا يحدث لمسيحيي سيناء بدعوى الخوف من جماعة داعش الإرهابية. اجتماعات سرية مع الصهاينة في فبراير 2016 فجرت صحيفة هارتس الصهيونية قنبلة صحفية أخرى، شبيهة لتسريبات وزير الخارجية سامح شكري، وقالت الصحيفة إن نتنياهو التقى بعبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزير الخارجية الأميركي وقتها جون كيري، في منتجع العقبة الأردني، على البحر الأحمر. وتجاهلت أغلب الصحف المصرية المحسوبة على نظام السيسي الخبر، وارتبكت بعض وسائل الإعلام والصحف الخاصة، فتجاهل البعض هذا الخبر المسرب، وأنكر البعض الآخر من دون انتظار لأي تصريحات رسمية، وكانت هناك محاولات لنشر الخبر على استحياء بصياغة توحي بأن أمرًا «عاديًا» قد حدث، وأنه من الطبيعي أن يجتمع السيسي بقيادات صهيونية سرًا، وتساءل بعض مؤيدي الرئيس محمد مرسي «ماذا لو اجتمع مرسي مع قيادات صهيونية سرًا؟». بالمناسبة بعد هذا الاجتماع الذي لم يحضره الجانب الفلسطيني بأقل من شهر، قال السيسي تصريحه الشهير في مارس 2016 عن «السلام الدافئ» مع إسرائيل، في أثناء افتتاح بعض المشروعات فى أسيوط. القناة العاشرة الإسرائيلية قد قالت في 28 فبراير 2016؛ «إن السيسي يتحدث بشكل دوري مرة كل أسبوعين مع نتنياهو، وأن الأول التقى السفير الإسرائيلي بالقاهرة حاييم كورين عدة مرات، وأن التعاون الأمني بين الجانبين يزداد قوة وكثافة». في سبتمبر 2016 ذكرت صحيفة «هآرتس» بنسختها العبرية، أن عبد الفتاح السيسي ضمن الرؤساء المشاركين في جنازة الرئيس الإسرائيلي الراحل، شيمون بيريز، لكن السيسي لم يحضر ويبدو أن غضبًا شعبيًا قد جعله يتراجع عن الحضور؛ مما جعل وزير الخارجية سامح شكري يحضر مراسم تشييع الجنازة بديلاً للسيسي ويظهر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مشهد قد وصفه البعض بالخيانة العظمى، فبدا عباس باكيًا وشكري حزينًا كما لم يحزن من قبل. صحافة الاحتلال: مصر «الصديق وقت الضيق» قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية في 23 نوفمبر 2016، إن كلاً من مصر والأردن عرضتا على إسرائيل المساعدة في إطفاء الحرائق، واصفة إياهما ب «الجارتين الطيبتين». وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن كلاً من مصر والأردن قدمتا عروضًا بالمساعدة في عملية مكافحة النيران التي توغلت في معظم أنحاء إسرائيل خلال الأيام الأربعة الماضية. مصر تصوت للاحتلال ثلاث مرات في أكتوبر 2015، صوتت القاهرة لانضمام إسرائيل لعضوية «لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي»، في سابقة كانت هي الأولى من نوعها بالأممالمتحدة واعترفت الخارجية المصرية بتصويتها لإسرائيل وقالت «أنها اعتقدت أن التصويت كان على زيادة أعضاء اللجنة، لا لصالح إسرائيل تحديدا». وصوّتت مصر في سبتمبر 2015، لصالح الإسرائيلي «دورون سمحي»، لاختياره نائبا لرئيس اتحاد دول البحر المتوسط لكرة اليد، إضافة إلى دولة عربية أخرى؛ منها تونس. في يونيو 2016 صوتت مصر سفير إسرائيل في الأممالمتحدة، داني دانون، رئيسًا للجنة القانونية في المنظمة الدولية، بجانب دول عربية أخرى. يرجح أن من بينها «الأردن والمغرب» بالإضافة إلى مصر، حسب صحيفة «القدس العربي» نقلاً عن مصادر دبلوماسية. ووصف السفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة، انتخابه رئيسًا للجنة القانونية في الأممالمتحدة، بأنه "إنجاز لإسرائيل على الحلبة الدولية بعد 67 عامًا من عدم تعيين أي ممثل عنها في رئاسة أي لجنة دائمة للأمم المتحدة". خوف من إطاحة نظام السيسي في أكتوبر 2016 ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت»، بنسختيها الإنجليزية والعبرية، أن إسرائيل تسعى للاستثمار والتطبيع الاقتصادي داخل الأراضي المصرية، لدعم الاقتصاد المصري وانتزاعه من أجواء الكساد، حسب الصحيفة. وكشف المحلل العسكري، أليكس فيشمان، ل«يديعوت»، عن قلق واسع من المخاطر التي يتعرض لها النظام الاقتصادي والسياسي المصري، وقال «فيشمان» إنه من المرتقب أن تنفذ إسرائيل مشاريع استثمارية في الأراضي المصرية، خاصة في تحسين البنية التحتية والمنظومة الزراعية المصرية، إضافة إلى مشروع لتحلية مياه البحر في ظل التهديدات المحيطة بنهر النيل ومنسوب المياه المصري.