استنكر عدد كبير من النشطاء ما ذكره الكاتب الصحفي "الكبير" مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام في كلمته أثناء مؤتمر لدعم السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالأمس، حيث أطلق لفظا خارجا على الهواء أثناء مهاجمته من سماهم ب(الداعين للمصالحة مع الإخوان). وعلى طريقة «من هز وسطه فهو آمن» بدأ مكرم محمد أحمد وصلته التطبيلية للسيسي بمهاجمة جماعة الإخوان قائلا: "المرشد وجماعة الإخوان غشونا 80 سنة وهم تجار عملة"، وجماعة الإخوان المسلمين أكبر جماعة إرهابية فى مصر، وأخرجت كافة جماعات الإرهاب وتعد أكبر جماعة تكفيرية".
يأتي ردح مكرم، بالتزامن مع النسخة الثانية لمسرحية العسكر التي تكشف في كواليسها قمع الحياة السياسية، بعد انتخابات 2012 التعددية التي أفرزت 13 مرشحًا مجازا، و4 مرشحين مستبعدين، واحتدامًا حقيقيًا ظل مشتعلا حتى اللحظات الأخيرة من إعلان نتائج جولة الإعادة، وتظل المشاركة الشعبية الحقيقية في تلك النسخة علامة فارقة في حياة الشعب المصري وتجربته السياسية والديمقراطية التي فاز فيها الرئيس محمد مرسي، اول رئيس مدني منتخب للبلاد. الصحفي البذيء وفي وسط كلمته تفاجأ الحضور بلفظ خارج خرج من الكاتب العجوز على الهواء، أراد به سب الداعين للمصالحة مع الإخوان، ليضحك جميع الحضور، وأثار خطاب مكرم محمد أحمد المتدني استياء النشطاء، الذي وصفوه بالرجل البذيء، متسائلين كيف يكون مثل هذا الشخص وجهة إعلامية لمصر ومسئول عن تنظيم الإعلام؟ واختتم رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وصلته التطبيلية للسفيه السيسي، قائلا: "خروج الصحفيين للمشاركة فى انتخابات الرئاسة رد على الصحافة الأجنبية التى تجاهلت حدث بضخامة 30 يونيو، مرسى ليس أول رئيس ديمقراطي حكم مصر بل أول رئيس إرهابي، جماعة الإرهاب خارجة عن الدين وتكفيرية، لازم نخرج علشان نغيظ الصحفي الأجنبي الكذاب المحرض دائما ضد مصر". ويعد مكرم محمد أحمد أحد أعمدة انقلاب السفيه السيسي الإعلامية، وتم تأسيس هيئة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام التي يرأسها، خصيصا لإخضاع جميع وسائل الإعلام للانقلاب والإطاحة بأي مخالف. ما لا يعلمه مكرم في النسخة الأولى من مسرحية العسكر عام 2014، لم يكن السفيه السيسي مهتمًا على ما يبدو بإبراز مشاركة شعبية واسعة، كان من السهل أن ترصد في البرامج الساخرة المعروضة على شاشات الدولة تهكما على ضعف المشاركة أو قلة الإقبال، كان في الأمر بعض السعة، فشرعية الجنرال الداخلية كانت قائمة على محاربة الإرهاب لا غير، ونتائج مباحثات البرادعي الخارجية لا تزال مثمرة رغم اعتزاله المشهد، باختصار كانت شرعية السيسي نابعة من بندقيته، وثقة مؤيديه العمياء، وتفويض بالقتل والمجازر لا يزال ساري المفعول. لكن الوضع الآن اختلف كثيرًا، فالسفيه اليوم يؤسس لميلاده الجديد، فترة حكمه الحقيقية، بعدما استهلك في فترة صراع طويل امتدت قرابة 8 سنوات هي عمر الثورة، من أجل بسط نفوذه والتخلص من خصومه السياسيين والعسكريين على السواء، لم تكن أولويات السفيه السيسي في تلك الفترة هي البناء أو كسب ثقة الجمهور، وإنما فقط، حسم المعارك وإنهاء التهديدات. الآن، بات الطريق ممهدًا أمام السفيه السيسي ليلتفت بعض الشيء إلى صناعة تاريخه، على طريقة محمد علي حين بدأ مسيرته بمذبحة نكراء طالت المعارضين جميعًا تحت راية محاربة المماليك، وشهدت اقتحامات للمنازل وقتل للمصريين المعارضين في الشوارع والطرقات، كما حكى عنها المؤرخ المصري المعاصر لها عبد الرحمن الجبرتي. لذلك بات مهمًا الآن بالنسبة للسفيه السيسي أن يصنع بعض الشعبية المفتعلة لحين توطيد شعبية حقيقية عبر استعادة ثقة الجماهير مجددا ببعض التحديثات التي تمس حياة المواطنين، صناعة الشعبية خطوة مهمة ودافع جيد للمؤيدين للصبر على مرحلة الانتقال العصيبة، لكن السيسي صنع المشهد على طريقة حسني مبارك. تأييد بأوامر عسكرية يقول الناشط عمر الهادي: "الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام يستخدم لفظ "معرصين" في ندوة مذاعة على الهواء فيه برامج اتوقفت وكتاب اتحبسوا ونشطاء اتعملهم قضايا وتمت استباحتهم عشان ألفاظ وتعبيرات أقل من دي ما عجبتش السلطة، لكن الأستاذ مكرم يعمل كدة ويكمل وعظ ورقابة وأحكام أخلاقية ع البشر عادي". لافتات تأييد السفيه السيسي ومبايعته في كل مكان، ضد من؟ لا أحد يعرف، فالسفيه يخوض الانتخابات وحده تمامًا، حتى خصمه المفتعل سرعان ما أعلن أنه -كمواطن- يؤيد ويبايع سيادة السفيه، ألم يلفت انتباه المراقبين كيف أن لافتات تأييد السفيه السيسي لا تخل أبدا من أسماء -وأحيانا صور- أصحابها؟ والسؤال ما الذي يدفع هؤلاء لإبراز هوياتهم في صدر المبايعة كأنها إعلان براءة، وإنجاز لمهمة مفتعلة على طريقة مبارك حين كانت لافتات تأييده تحجب أشعة الشمس عن الطرقات عدة أيام؟، هذا تأييد بأوامر عسكرية يكون مصير المتردد فيها التغييب والاعتقال. ويرى مراقبون أن السفيه السيسي سيدخل قصره مجددا، لكن الإعلام الموالي للجنرال سيزيد من إسفاف ادعاء الشعبية الكاسحة والتأييد المهيب، بسخافة مفضوحة على نحو صرخات مدحت شلبي الداعية لتأييد السفيه مع كل هدف يحرزه صلاح.. سيحصل هذا كله، بينما سيظل المصريون رافضي الانقلاب رغم أنف البذئ مكرم محمد احمد، يفتخرون بتجربتهم الديمقراطية الوحيدة الملهمة بعد ثورة 25 يناير.