حذرت صحيفة "جارديان" البريطانية من أن الانقلاب العسكري والمجازر الدموية التي يرتكبها الجيش والشرطة في مصر ضد أنصار الرئيس محمد مرسي، تشكل نقطة تحول هامة في التاريخ السياسي للشرق الأوسط، مشيرة الى ان ذلك سيمتد إلى كافة دول المنطقة، وطالبت القوى الساسية بمنع "الدولة العميقة" من العودة مرة أخرى، وإلا فأن الجميع سيواجه عواقب وخيمة مؤكدة ان الانقلاب العسكري والهجمات الدموية التي يرتكبها الجيش والشرطة ضد أنصار الشرعية الدستورية تشكل نقطة تحول في التاريخ السياسي للشرق الأوسط، سيمتد تاثيرها لدول المنطقة، ويضع البلاد على مفترق طرق بين الاستمرار مع الخيار الصعب بالانتقال نحو الديمقراطية، أو اعتماد نهج العنف والفوضى الذى سينتقل عبر الحدود. وقالت الصحيفة انه منذ الاستقلال عن الاستعمار الغربي بين (1950و 1960) عانى العرب من عقود من الدكتاتورية القاسية، وبررت الانظمة العربية جرائمها حتى ذهب بعض القوميين للقول إنها لمواجهة إسرائيل مع دعوات لتحرير فلسطين، والبعض الآخر بررها بأنها من ضروريات الحفاظ على الوحدة الوطنية. واضافت إن المناخ الدولي ساعد هذه الأنظمة على مواصلة سياساتها الاستبدادية التي كان معظمها من خلفية عسكرية، وتستخدم القمع والتعذيب والإقصاء، وشكلت تحالفات مع المصالح التجارية التي استفادت من غياب الشفافية والمساءلة، وهو ما أدى إلى ولادة الدولة العميقة التي دمرت المرافق العامة والنشاط السياسي والاجتماعي. وأوضحت الصحيفة إن من دوافع الربيع العربي الذي بدأ عام 2010 من قبل الشباب المتعلم الذين كانوا على اتصال مع العالم الخارجي، أن لديهم رؤى سياسية مستمدة من الشبكات الاجتماعية، استخدموا وسائل مبتكرة لنشر الوعي، وانهارت النظم الهرمة في تونس ومصر بسرعة، وبدأت عملية التحول نحو المؤسسات الديمقراطية، وأجريت الانتخابات البرلمانية، ونتيجة لذلك بدأت تتصارع على السلطة في هذه البلدان القوى التي منعت من المشاركة السياسية لعقود، وأصبح لديها الآن تصريح للدخول في حوار من أجل التوصل لعقد اجتماعي وسياسي من شأنه أن يرسي الأسس لمستقبل الحرية والكرامة والتعايش السياسي السلمي. وأشارت إلى أن ، الدولة العميقة في مصر - ممثلة في الجيش والأمن والقضاء - المتحالفة مع الشركات التجارية الكبرى، بدأت في التعافي، لافتة الى ان الربيع العربي لم يكن متطرف مثل الثورات الفرنسية أو الإيرانية، ولم يزيل الجذور الراسخة لهذه الدولة وبدلا من ذلك، انتخب الجزء العلوي من الدولة، وبعد فترة من الاضطرابات كانت الدولة العميقة قادرة على التنفس مرة أخرى، وصورت الانتقال إلى الديمقراطية باعتباره فشل ذريع، وغضب المواطنين العاديين من تردي الخدمات والأزمات السياسية التي يغذيها بجرعات من التضليل، وكانت النتيجة الانقلاب العسكري الذي كان بغطاء سياسي ودعم من قطاعات من الشعب. وشددت الصحيفة على أن الإسلام السياسي كان المستفيد الأكبر من الربيع العربي وحقق مكاسب كبيرة على مدى السنوات الثلاث الماضية، مشيرة الى ان الربيع العربي أكد أن التغيير السلمي ممكن، لكن اليوم ترى الجماهير العربية العنف الدموي من الجيش ضد المتظاهرين السلميين في مصر، الدولة العربية الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية، وفي الوقت نفسه، تتساءل الإدارة الأمريكية بصوت عال ما إذا كان ما حدث في مصر انقلاب أم لا، فهي تصريحات تساوي بين الضحية والجلاد. وتابعت كثير من الناس في العالم العربي يشعرون الآن أنهم خدعوا، وهذا أمر خطير، لم يعد من الممكن للشعب العربي أن يطمئن له ، أما بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالعنف المسلح فأن المنطقة تستعد لتلبية احتياجاتهم، الكفاح المسلح في سوريا، والاشتباكات الطائفية في العراق، والتوترات الأمنية في لبنان، والأزمات الأمنية في السودان والصومال، وانتشار الأسلحة في ليبيا ومصر ما يوفر فرصة مثالية لإقامة منطقة واسعة من الفوضى والعنف عبر الحدود. وقالت الصحيفة الان نواجه خيارين، الأول تسليم الأجيال المقبلة صراعات دموية من شأنها أن القاتل لا يعرف لماذا قتل، وإن هذه الفوضى تؤثر على جميع البلدان في المنطقة وقد تصل إلى أوروبا وتؤثر على مصالح الولاياتالمتحدة. الثاني : أننا بجرأة وحسم نستعيد عملية التغيير الديمقراطي في مصر، وكبح جماح الدولة العميقة ومحاولاتها المتكررة للعودة للماضي، وهذا يتطلب المشاركة السياسية الكاملة من القوى المختلفة، ويجب على الجميع تأييد الخيار الثاني قبل فوات الأوان.