أبى الإنقلابيون لتجربة مصر المدنية الديموقراطية الوليدة أن تكتمل، فإنقلبوا على الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي وعزلوه وحبسوه، وإنتصروا بقوة الدبابات والمدرعات والحشد المصطنع المأجور من رعاة الإنقلاب فى الداخل والخارج. إنتصروا للدولة الفاسدة كي تعود إلى الحياة من جديد ليعم الفساد ثانية ربوع البلاد وعموم العباد، فسرعان ما تم إلغاء منظومة الخبز الجديدة ليعود أصحاب المخابز إلى سابق فسادهم، وإلغاء مشروع قناة السويس الذي كان سيدر على مصر 100 مليار سنويا، مقابل وعد بثلاثة مليارت مشبوهة من دبي إحدى ممولى الإنقلاب إلى جانب إلغاء مشروع تصنيع الآى باد، والسيارة كاملة الصنع بأيدي وصناعة مصرية. أبى الانقلابيون أن تنعم مصر بحرية الإعلام فعادوا بنا إلى عصور الظلام بغلق القنوات وتكميم الأفواه الحرة وإطلاق العنان فقط للمأجورين في الإعلام المصري -الذي أشرف بمقاطعتي الكاملة له مطبوعا ومسموعا ومرئيا منذ الإنقلاب المشؤوم- كي يواصلون ليل نهار حجب الحقيقة عن الشعب، حقيقة الملايين من أحرار الشعب المصري في ميادين كل المحافظات تنادي بعودة الرئيس الشرعي إلى الحكم ، كما يهللون دون حياء ولا استحياء للإنقلاب العسكري على الشرعية، وبموت كامل للضمير الإنساني يحجبون الحقيقة ويلفقون بالصور والكلمات بما يقلب الحقائق في مذبحة الحرس الجمهوري للمعتصمين السلميين في أثناء صلاة الفجر. أبى الانقلابيون أن ينعم الشعب المصري بكامل حريته وتحجيم دور الأجهزة الأمنية لدولة المخلوع، فبدأوا بالتزامن مع الإنقلاب حملة إعتقالات واسعة لقادة التيارات المؤيدة للشرعية، وفي مقدمتها قادة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وتستمر الحملة حتى وقتنا هذا، مع تلفيق التهم والقضايا للمعتقلين دون سند من حق أو من قانون. أبى الانقلابيون أن يستمر الإسلاميون في حكم مصر، فانتصروا لأصوات الكنيسة والعلمانيين والشيوعيين والناصريين وأذناب دولة المخلوع، وقاموا باغتصاب السلطة من الرئيس الشرعي، وإهدائها إلى هؤلاء دون وجه من حق أو قانون أو دستور. وحتى يتخلصوا من حكم الإسلاميين لفترة طويلة، تم القبض على الشاطر وحازم ابو اسماعيل والكتاتني وغيرهم من القيادات الإسلامية، على أنهم متهمين في قضايا وليسوا معتقلين سياسيين، في إطار الخطة الكاملة في مرحلة ما بعد العزل للرئيس الشرعي، بحيث يتم منع هؤلاء بالقانون من الترشح للرئاسة مرة ثانية، وبذلك يخلو مشهد الانتخابات الرئاسية فيما بعد الإنقلاب من كل التيارات الإسلامية ويقتصر التنافس فيها للوجوه العلمانية والفلول والعسكر. وأود أن أتوجه بأربع كلمات إلى الإنقلابيين وشيخ الأزهر والرئيس الشرعي محمد مرسي ومؤيديه: - أولها إلى الإنقلابيين: لن تستطيعوا إغتيال الديموقراطية الوليدة في مصر، ولو عاونكم الكيان الصهيوني وأمريكا وتماثيل العجوة في الخليج، الشعب الآن يمتلك إرادته. - ثانيها إلى شيخ الأهر: أذكرك بمواقف ثلاث وأترك لضميرك وعلمك القرآني وللقارىء الحكم في النهاية، في أثناء ثورة 25 يناير على المخلوع الذي شهد كل المصريين بفساده وظلمه، خرجت بفتواك بعدم جواز الخروج على الحاكم، وقبل الثورة المخابراتية المصنعة في 30 يونية على رئيس آتى بالصندوق ولم يشهد أحد بفساد له حتى أعداؤه، خرجت بفتواك بجواز الخروج على الحاكم، ثم بعد حدوث مجزرة الحرس الجمهوري للمصليين قررت الاعتكاف، لكن سرعان ماخرجت ببيان تنادي فيه المصريين المؤيدين للرئيس الشرعي المعزول بالعودة للبيوت، وكأن هؤلاء المتظاهرين ليس من حقهم المطالبة بحقهم المغتصب، أو قل ليس من حقهم حتى الخروج على الحاكم الجديد الذي جاء على متن دبابات وزير الدفاع. - ثالثها إلى المصريين الأحرار في كل ميادين مصر أقول: عندما يختطف الوطن ونتأكد من ذلك، فلابد من البقاء في الميادين حتى يعود، فلا حياة بلا وطن.! - أما الكلمة الأخيرة فهي إلى الرئيس الشرعي لمصر والذي لن أعترف من اليوم بغيره رئيسا، إلى الدكتور محمد مرسي في محبسه أقول: كنت رئيسا لمصر، فعزلوك العسكر والزبانية، فأصبحت زعيما ليس في مصر وحدها بل في كل دول العالم الإسلامي. كنت رمزا للإخوان المسلمين فعزلوك، فأصبحت رمزا للإسلام وكل المسلمين . نعتوك العسكر والزبانية بالسمع والطاعة فعزلوك، فأصبحت للمسلمين إماما عندما تتحدث تسمع وتطاع. حاصروك العسكر والزبانية في قصرك وحدك، وهددوك بالحبس والسجن وربما بما هو أكثر كي تتنحى أو تستقيل. فصمدت بشرف دينك وخلقك وإخلاصك وأبيت أن تخون أمانة الله لشعبك الذي ولاك. فخامة الرئيس لست وحدك، فكل المخلصين الشرفاء من شعب مصر من خلفك إلا أعداء الدين والجهلاء. من خلفك صامدين في كل الميادين، لن يتركوها حتى تعود مرفوعا على الأعناق ولاعزاء آنذاك للفسدة وأعداء الدين والجهلاء.