مع بداية نسمات شهر رمضان الفضيل، أهنئكم بمقدمه، وأسأل الله عز وجل أن يتقبل منكم ومنى صالح العمل فيه. ورمضان هذا العام يأتينا بمشاعر مختلفة، حيث تطل علينا مع هلاله أرواح الشهداء الأبرار الذين ارتقوا خلال هذا الأسبوع دفاعًا عن الشرعية، وتُعطِّر أجواءه روائحُ دمائهم الزكية، وكلنا ثقة بالله أن هذه الأرواح وتلك الدماء لن تذهب هدرا، وستكون لعنة على من أزهقوها وسفكوها، والذين التفوا على خيار الشعب، وقاموا بمصادرة إرادته، والسطو على حكم البلاد بالقوة الجبرية، ضاربين بكرامتنا عرض الحائط، متآمرين على الرئيس الشرعى المنتخب، ومنحازين إلى من لفظهم الشعب فى ثورته الأصيلة، مستخدمين حشدا زائفا مدنسا، عملوا على إعداده طوال شهور عبر جمع أشتات فلول النظام السابق، والفاشلين فى السباقات الديمقراطية، مع الحشد الطائفى الواضح، بالإضافة لمن وقعوا فريسة لإعلامهم المضلل والفاجر عبر السنة الماضية، ومن غاب عنهم الوعى بصانعى الأزمات وتنغيص عيش المواطنين. إننا لم نخرج للميادين ولم نتظاهر ولم نعتصم إلا حفاظا على حرية وكرامة هذا الشعب، وصونا لاختياره الذى عبر عنه من خلال انتخابات لا يستطيع أحد الطعن فى نتائجها إلا بما يُنقص من الأصوات التى ذهبت للمرشح الخاسر، ويزيد فى رصيد الرئيس الشرعى، الدكتور محمد مرسى. وإننا -بإذن الله ومشيئته ومعيته- مصرون على التصدى بسلمية لهذا العدوان على الديمقراطية، حتى وإن استمرت الأجهزة المستبدة فى مواجهتها لنا بكل صنوف العنف والإرهاب كالتى شاهدتموها وسمعتم عنها عند الحرس الجمهورى، ومن قبلها فى ماسبيرو، وعند جامعة القاهرة، وفى غيرها من الأماكن فى جميع المحافظات. وشعارنا فى هذا قول الحق تبارك وتعالى على لسان ابن آدم: (لَئِن بَسَطتَ إلَى يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ العَالَمِينَ). ونحن إذ نعلن تقديرنا لضباط وجنود جيش مصر وشرطتها التى خالفت قياداتها وبعض أفرادها عقيدتها وأعرافها الراسخة، نثق فى قدرة الشرفاء داخل هاتين المؤسستين على تصحيح مسارها، وتطهير صفوفها، وندعو جموع الشعب بكل أطيافه وتياراته للاصطفاف معنا فى صف الحق والشرعية، واسترداد مكاسب ثورة 25 يناير التى يحاولون الآن القضاء عليها، واغتصابها؛ للعودة بهذا الشعب إلى عهود الظلم والذل والدولة البوليسية، وهو ما لن يكون بإذن الله تعالى. إن منتهى أمانيهم أن نستجيب لاستفزازاتهم ونتخلى عن السلمية، وأن ننجر إلى العنف، ولا أستبعد أن يدسوا وسطنا من يحثنا على العنف، بل من يمارسه، فلنحذر من هذا، ولنثبت على مبادئنا وأخلاقنا. وعهدنا برمضان أنه شهر ينصر الله الحق فيه، فأبشروا وجددوا النيات وصفوا القلوب، واعلموا أن الذى يعانى الآن حقيقة هم الظالمون الانقلابيون، أما نحن فنجد راحتنا الحقيقية فى التعب والجهد الذى نبذله فى هذا السبيل، فلا نكل من المسيرات، ولا نمل من التظاهرات، ولا نأنف النوم على الأرصفة، ولا تزعجنا الشمس الحارقة، ولا نخشى السجن، ولا نهاب الموت، بل نسعد بتقديم أرواحنا ودمائنا فداء للحق، فالشهادة فى سبيل الله أسمى أمانينا. ونحن على كل الأحوال فائزون بفضل الله، ما دمنا أصلحنا النيات وأخلصنا العمل وأخذنا بأسباب النجاح. (واتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ)، (واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).