رويترز: كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية.. ما التفاصيل؟    نجل بولسونارو يعلن ترشّحه لرئاسة البرازيل بدعم مباشر من والده    قوات الاحتلال تعتقل عددا من الشبان الفلطسينيين خلال اقتحام بلدة بدو    أبو ريدة: فخور بوجود مصر في كأس العالم.. ومجموعتنا متوازنة    المنتخب الوطني المشارك في كأس العرب يختتم استعداداته لمواجهة الإمارات    وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    النائب محمد مصطفى: التسهيلات الضريبية الجديدة دفعة قوية للصناعة المصرية    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    احفظها عندك.. مجموعات كأس العالم 2026 كاملة (إنفوجراف)    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    يورتشيتش يكشف عن قائمة بيراميدز لمواجهة بتروجت في قمة مؤجلة بالدوري الممتاز    تايكوندو - معتز عاصم يتوج بذهبية بطولة العالم تحت 21 عاما    رئيس لبنان: نعتمد خيار المفاوضات مع إسرائيل لوقف الأعمال العدائية    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    الخارجية الفلسطينية تُرحب بقرار الأمم المتحدة بتمديد ولاية وكالة الأونروا    محامي ضحايا مدرسة "سيذر" يكشف تفاصيل إحالة القضية إلى النيابة العسكرية    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    لارا أبوسريع تحصد الميدالية الذهبية في كأس مصر للجمباز    قارئ قرآن فجر نصر أكتوبر: «دولة التلاوة» يحتفي بالشيخ شبيب    المدير التنفيذي لمعرض الكتاب يوضح سبب اختيار شعار «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» للدورة المقبلة    لأول مرة.. زوجة مصطفى قمر تظهر معه في كليب "مش هاشوفك" ويطرح قريبا    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    حيلة سائق للتهرب من 22 مخالفة بسيارة الشركة تنتهي به خلف القضبان    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    بالأسعار، الإسكان تطرح أراضي استثمارية بالمدن الجديدة والصعيد    مكاتب البريد تتيح إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    14ألف دولة تلاوة    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مواعيد مباريات الجمعة 6 ديسمبر 2025.. قرعة كأس العالم 2026 وبطولة العرب وقمة اليد    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ/ محمد عبد الله الخطيب يكتب: الإسلام هو المنقذ الوحيد لهذه البشرية

نحمدُ الله تبارك وتعالى، ونُصلِّى ونُسَلِّم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدِّين.. أيها الإخوة الأحباب.. أحييكم بتحية الإسلام تحية من عند الله مباركة طيبة، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
فى الحقيقة إن الإنسان ليعجب من موقف الناس أمام كتاب الله تعالى.. القرآن الكريم، وكما قلت للإخوان من قبل.. إن موقف الناس من كتاب الله فى هذه الأيام.. مثلهم كمثل جماعة أحاط بهم الظلام من كل مكان، فهم يتخبطون فيه، ويسيرون فيه على غير هدى، فتارة يقعون فى هاوية، وأخرى يصطدمون بحجر، وثالثة يصطدم بعضهم ببعض، ولا يزالون هكذا يخبطون خبطًا عشوائيًّا، ويسيرون فى ظلام دامس، مع أن بين أيديهم زرًّا كهربائيًّا لو وصلت إليه أصابعهم فإن حركة يسيرة يمكن أن توقد مصباحًا مشرقًا منيرًا، فهذا أيها الإخوان هو مثل الناس الآن، ومثل كتاب الله وموقفهم من كتاب الله تعالى.
العالم بأسره يتخبَّط فى دياجير الظلام.. العالم كله يسير فى مسالكه على غير هدى.. أفلست النظم وتحطَّم المجتمع، وتدهورت القوميات، وكلما وضع الناس لأنفسهم نظامًا انقلب رأسًا على عقب، والناس لا يجدون الآن سبيلا إلا الدعاء والحزن والبكاء، ومن الغريب أن بين أيديهم القرآن الكريم.. كتاب الله تبارك وتعالى..
كَالعِيسِ فِى البَيْدَاءِ يَقْتُلُهَا الظَّمَا *** والمَاءُ فَوْقَ ظُهُورِهَا مَحْمُولُ
لا يستطيعون سبيلا إلى الهداية، وبين أيديهم النور الكامل "ولَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشاءُ مِنْ عِبَادِنَا وإنَّكَ لَتَهْدِى إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (الشورى: 52)، "فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وعَزَّرُوهُ ونَصَرُوهُ واتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" (الأعراف: 157)، "قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ويُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإذْنِهِ ويَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (المائدة: 15، 16)، "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ" (إبراهيم: 1)، "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (التغابن: 8).
ثم نعود أيها الإخوان فنقول: لعلَّه من المفهوم أن الكافرين الذين لم يفتح الله بصائرهم لهذا النور يسيرون فى حياتهم على غير هدى.. هذا معقول ومقبول؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: "ومَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" (النور: 40)، ولكن ما بال المؤمنين الذين آمنوا به وصدَّقُوه واعتقدوه وأحبُّوه واحترموه وعظَّمُوه، ولا يخلو بيت من بيوتهم، ولا يخلو جيب من جيوبهم من نسخة من كتاب الله تعالى.. القرآن الكريم.
شأنهم أيها الإخوان أن أهل الكفر قد خدعوهم عن نورهم، وأبعدوهم عن هديهم، وضلَّلوهم عن طريقهم، وأبعدوا أيديهم عن هذا المصدر الكريم عن زرِّ الكهرباء.. تارةً بالسياسة وتارة بالعلم الدنيوى "يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ" (الروم: 7)، وطورًا بالمال، وأخرى بالشَّهَوات، وخامسة بالخداع، وتارةً بالقوة والقهر والجبروت.
كل هذه الوسائل أيها الإخوة استخدمها أهل الكفر، وأبعدوا الناس.. أبعدوا المسلمين عن هديهم، وسايرهم المسلمون حينًا من الدَّهْر، وجروا وراء ضلالهم.. فكانت النتيجة أن نسى المسلمون مصدر هذا الهدى، واتبعوا الكافرين.. مع أن الله تبارك وتعالى قد حذَّرهم من ذلك: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ" (آل عمران: 149، 150).
أيها الإخوان.. ولما قد سبق فى علم الله تعالى أن أهل الكفر قد يُهَدِّدون أهل الإيمان بما فى أيديهم من قوة وبأس.. فأراد سبحانه وتعالى أن يستأصل من قلوب المسلمين هذه الشبهة، فقال: "سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ومَأْوَاهُمُ النَّارُ وبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ" (آل عمران: 151)، ثم يأتى الله سبحانه بحادثة تطبيقية؛ لتكون مقرونة بالدليل القاطع "ولَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وعْدَهُ إذْ تَحُسُّونَهُم بِإذْنِهِ حَتَّى إذَا فَشِلْتُمْ وتَنَازَعْتُمْ فِى الأَمْرِ وعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا ومِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ولَقَدْ عَفَا عَنكُمْ واللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ" (آل عمران: 152).
هكذا أيها الإخوان يحذِّر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالقرآن، من أن ينهجوا نهج أهل الكفر، أو أن ينخدعوا بحيلهم وبخداعهم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إيمَانِكُمْ كَافِرِينَ" (آل عمران: 100)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلا وأَنتُم مُّسْلِمُونَ * واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا" (آل عمران: 102، 103)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ" (آل عمران: 149)، فأهل الكفر مطبوعون على الخداع، وعلى الكيد لأهل الإيمان "ودَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم" (البقرة: 109)، "ودُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً" (النساء: 89)، "إن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً ويَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ" (الممتحنة: 2)، وبكل الوضوح أيها الإخوة فإنه لن تبرأ هذه الصدور من هذه المَوَدَّة.. مودة أن يعود المؤمنون كفارًا، "ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا" (البقرة: 217)، فهذا تصوير صادق لعاطفة أهل الكفر نحو أهل الإيمان، ونسوا هذا التحذير "هَا أَنتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ ولا يُحِبُّونَكُمْ وتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وإذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وإذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وإن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وإن تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" (آل عمران: 119، 120)، ورغم هذا التحذير، وعلى الرغم من أن كتاب الله تعالى قد كشف عن أنفسهم هذا الكشف.. بعد كل هذا نهوى بأنفسنا إلى الهاوية، ونسير فى أذناب أهل الكفر، ونعمل كما يعمل أهل الكفر، وهم يخدعوننا عن هذا بكل وسيلة وبكل أسلوب، فإن كان هذا النور ليس له وجود عند الكافرين، فقد أفلحوا بالفعل فى أن يبعدونا عن هذا النور.
فما الموقف الآن أيها الإخوان؟ الموقف الآن هو أن أهل الكفر لا يؤمنون بهذا النور، وأهل الإيمان لا يعلمون به، وهذا موقف مؤلم.. موقف كله عقوق للإنسانية، ومن هنا يجب على الذين اهتدوا بهدى القرآن أن يعملوا على أن ينقذوا أنفسهم، وأن ينقذوا الناس..
فما واجبنا نحن الذين آمنا بالقرآن؟ واجبنا أيها الإخوان نحو القرآن الكريم أربعة أمور:
** أن نؤمن إيمانًا جازمًا لازمًا قويًّا لا ضعف فيه، ولا وهن معه بأنه لا ينقذنا إلا منهاج اجتماعى مستمد من كتاب الله تبارك وتعالى، منهاج مأخوذ من كتاب الله تعالى وصادر عنه، وأن كل نظام اجتماعى حيوى لا يعتمد على القرآن الكريم ولا يستمد من القرآن الكريم فى كل ناحية من نواحى الحياة، منهاج فاشل..
فمثلا، هم يعالجون الحالة الاقتصادية بترقيعات لا تُسْمِن ولا تُغْنِى من جوع، على حين أن القرآن الكريم وضَّح:
وبهذا تُحَلّ مشكلة الفقر، وبغير هذا لا يمكن أن يكون، وغير هذا لا يتعدَّى أن يكون مُسَكِّنات وقتية..
ومثلا فى مشكلة الصحة.. كنا نجدهم أيها الإخوان، مَثَلُهم كمثل من يفتح حنفية قطرها ثلاثة ملليمترات، وتحتها بالوعة قطرها ثلاثة أمتار، فيعملون مستشفيات متنقلة، ووحدات صحية، ولكن أصل الداء لم يُسْتَأصل، مستوى المعيشة منحط، بينما الإسلام يأمر برفع هذا المستوى.. المنكرات تُحطِّم وتَهْدِم، كما يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ظَهَرَت الفاحشة فى قومٍ إلا كَثُرَت فيهم الأوجاع التى لم تَكُن فى أَسْلافِهِم)).
وهناك أيها الإخوة مثلٌ آخر وهو حالة محاربة الجريمة:
هل نضع السارق فى السجن ليتخصَّص على أساتذة الإجرام؟ وكلما طالت مدة إقامته فى السجن زاد تخصصه فى الإجرام، وإذا كان الأخذ بهذا النص القرآنى: "أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ" (المائدة: 33) قد أفادت البلاد منه كثيرًا، فما بالك يا أخى لو طُبِّقَ النظام جميعه.
الإسلام وحدة واحدة أيها الإخوان، لا يقبل الشركة، فيجب أن نؤمن بأن الإسلام هو الصالح لإنقاذ هذه الأمة من كل ناحية من نواحى حياتها.
** وعلينا بعد ذلك -نحن المسلمين- نحو كتاب الله تبارك وتعالى، أن نتخذ منه أنيسًا وسميرًا ومعلمًا، نتلوه ونقرأه، وألا يمرّ بنا يوم من الأيام حتى تكون لنا صلة بالله تبارك وتعالى، فهكذا كان أسلافنا رضى الله عنهم.. ما كانوا يشبعون من القرآن الكريم، وما كانوا يهجرونه.. بل كانوا يتفانون فى ذلك حتى تدخَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا، ونهاهم عن الغلوِّ فيه، فلا أقلَّ يا أخى من أن يكون لك وردٌ من القرآن، مهما كان هينًا، ومهما كان يسيرًا، والسُّنَّة ألا تزيد على شهر للختمة، ولا تقل عن ثلاثة أيام، وقد كان سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله إذا شُغِل بمصلحة من مصالح المسلمين جاء بالمصحف وقرأ ولو آيتين أو ثلاثة، ويقول: "حتى لا أكون ممن اتخذوا هذا القرآن مهجورًا"، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آيةً من كتاب الله فله بكل حرف عشر حسنات، ومن يستمع لها كانت له نورًا يوم القيامة))، أما من حفظ القرآن ثم نسيه، فقد ارتكب إثمًا عظيمًا، فيجب أيها الإخوة أن تُكْثِروا من تلاوة القرآن الكريم، وأن تجعلوا لأنفسكم وردًا من كتاب الله تبارك وتعالى، وأن تواظبوا عليه اقتداء بسلف الأمة، واقتداء بأمر الله تبارك وتعالى، وانتفاعًا بما فى كتابه سبحانه.
** وعلينا بعد ذلك أن نلاحظ -حين نقرأ القرآن- آداب التلاوة، وحين نسمع كتاب الله، آداب الاستماع، وأن نحاول ما استطعنا أن نتدبر وأن نتأثر، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإن قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا))، ومعنى هذا يا أخى.. أنه إذا لم يكن قلبك حاضرًا بالدرجة التى تتأثر بها فحاول أن تتأثر، ولا يصرفنَّك الشيطان عن جمال التدبُّر فلا تتأثر، وواظب، حتى إذا لم يكن فى القراءة إلا تحريك اللسان فاقرأ.. وليكن لك وقتٌ للحفظ، ووقت للذِّكْر، وحاول أن تتأثر بالقرآن تأثرًا حقيقيًّا.. ذكروا أن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ذهب فى ليلة يعس، فسمع قارئًا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم "وَالطُّورِ * وكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِى رَقٍّ مَّنْشُورٍ * والْبَيْتِ المَعْمُورِ * والسَّقْفِ المَرْفُوعِ * والْبَحْرِ المَسْجُورِ * إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ" (الطور: 1-8)، فحين سمع هذا قال: "قسم حق ورب الكعبة، وخرَّ مغشيًّا عليه، فاحتمله صحابى يدعى أسلم، وذهب به إلى بيته، وبقى هناك مريضًا ثلاثين يومًا يعوده الناس".
وكذلك يا أخى كان عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه.. جاء بعد العشاء فتوضَّأ، ووقف يُصَلِّى، وكان يقرأ: "احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأَزْوَاجَهُمْ ومَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الجَحِيمِ * وقِفُوهُمْ إنَّهُم مَّسْئُولُونَ" (الصافات: 22-24)، وما زال يُكَرِّر قوله تعالى: "وقِفُوهُمْ إنَّهُم مَّسْئُولُونَ"، حتى جاء المؤذن يؤذن لصلاة الصبح.
هكذا أيها الإخوان كان تأثرهم بكتاب الله تبارك وتعالى، وكانوا على أيام الإمام الشافعى إذا أرادوا فى مكة أن يتأثروا بكتاب الله عز وجل، أرسلوا إليه فيقرأ، ولا يرى إلا باكيًا فى مثل هذا اليوم، ونحن أيضًا علينا أن نقرأ القرآن قراءة مثمرة..
وإذا كان القرآن يصل إلى قلوب الكافرين وهم أبعد خلق الله عن التأثر بكتاب الله تعالى.. فما بالنا؟ هذا مثلاً الوليد بن المغيرة -وهو منهم- يقول حين سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هو من كلام البشر"، وما كان من النجاشى وقومه حين سمعوا لجعفر رضى الله عنه وهو يتلو، ففاضت أعينهم من الدَّمْع، فكيف يكون شأن المؤمن؟ إن شأن المؤمن فى تلاوة كتاب الله تبارك وتعالى يكون كما قال سبحانه: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِى تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وقُلُوبُهُمْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاءُ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" (الزمر: 23).
** وبعد أن نؤمن يا أخى بأن كتاب الله تعالى هو المنقذ الوحيد، بعد هذا يجب علينا أن نصل إلى العمل بأحكامه.
والله أكبر ولله الحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.