السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية، أود أن أدعو الله بأن يجزيكم خير الجزاء، وبعد.. أنا شاب متدين والحمد لله، ولم أخاطب فى حياتى فتاة غريبة عنى إلا فى أضيق الحدود، إيمانا منى بأن ذلك فرض علىّ، ولكن هناك فتاة هى جارتنا، وهى متبرجة، وأنا كنت أشعر نحوها بشعور الإعجاب، ولكنى لم أخاطبها أبدا فى حياتى، وكنا نحضر معا دروسا فى الثانوية العامة، ومع مرور الوقت تغير هذا الشعور بالإعجاب إلى حب جارف وخوف عليها، فى البداية قلت لنفسى: إن هذا ليس حبا، وإنما هو فقط تأثير فترة المراهقة، وحاولت أن أمنع نفسى عن التفكير فيها تماما، ولكن كنت كلما أراها فى الشارع أو حتى ألمحها فى السيارة يأتى إلىّ شعور غريب، ويبدأ قلبى بالخفقان بشدة. أعلم أن هذا يبدو غريبا، ولكنى الآن وبعد حوالى 4 سنوات من الصبر، لا أطيق أن أراها متبرجة هكذا، فأنا أحبها وأخاف عليها من نار جهنم والعياذ بالله، ومن أعين الناس، وفى الوقت نفسه أنا لا أستطيع أن أكلمها فى هذا الموضوع؛ لأنى شاب متدين كما ذكرت، ومن الناحية الأخرى، فأنا أشعر بالذنب لأنى أفكر فى فتاة لا أعرفها. أنا أنوى التقدم لخطبة الفتاة، ولكنى لا أستطيع فعل ذلك الآن؛ لأنى لا أقبل أبدا أن تكون زوجتى متبرجة، وفى الوقت نفسه أنا لا أتخيل حياتى دونها. ولقد حاولت الابتعاد فترة عن البلد على أمل نسيانها، وفعلا سافرت وحيدا لمدة 10 أيام، وحاولت إقناع نفسى بالبعد عنها، ولكن عندما عدت ورأيتها فى العمارة، عاد إلىّ الشعور القديم مرة أخرى. والآن أنا قررت أن أعمل جاهدا على هداية الفتاة، وأنا أدعو لها فى كل صلاة وكل سجدة، ولكنى لا أعلم كيف أستطيع أن أقنعها بالحجاب وأنا لا أحادثها. أفيدونى أرجوكم. وجزاكم الله كل خير.. وأكرمكم الله. يجيب عن هذه الاستشارة: فتحى عبد الستار، رئيس قسم الصفحات المتخصصة بالجريدة، فيقول: أخى الكريم.. أقدر بالطبع مشاعرك وعواطفك تجاه تلك الفتاة، والحقيقة –فى رأيى– أن ما ينبغى أن تفكر فيه –ما دمت تحبها– ليس كونها ترتدى الحجاب الآن أم لا، وإنما ما يجب أن تفكر فيه وتبحثه هو استعدادها المستقبلى للامتثال لأوامر الله عز وجل عامة، التى يمثل ارتداء الحجاب واحدا منها. واعلم أن الحجاب ليس غطاء يوضع على الرأس، أو رداء يغطى الجسم فقط، بل هو أسلوب حياة كامل، يعد ارتداء الملابس الساترة أحد مظاهره. فلا ينبغى أن يكون مجرد عدم حجابها مانعا للارتباط بها من أول وهلة، فربما لم تجد هذه الفتاة فى الوسط الذى تعيش فيه مَن ينصحها ويرشدها ويبين لها تعاليم دينها، ومنها أهمية الحجاب ووجوبه بالنسبة للمرأة المسلمة، وربما كانت تؤدى شعائر الإسلام الأخرى، وتتميز بالأخلاق الفاضلة الحسنة، وينقصها زوج ذو دين يأخذ بيدها ويسير بها فى الطريق الصحيح، لذا فإن تركك للارتباط بها دون أن تتعرف على خلفيات حياتها، يعد ظلما لها إن رضيت بك زوجا. ومما يفيد فتاتك ويساعدك على دعوتها –بجانب النصيحة والكتيب والدروس– أن تحيطها بصحبة طيبة من فتيات ملتزمات فى مثل سنها، فهن أقدر على دعوتها، بشرط أن يكن واعيات، يفقهن سبل الدعوة ويجدْن استخدام وسائلها. وفى هذا الصدد –أخى الكريم– أنصحك وأحذرك من أن تمتثل هذه الفتاة، وترتدى الحجاب لمجرد إرضائك والحفاظ عليك، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل. أما إن تمت الخطبة، واستنفدت وسعك معها فى بيان تعاليم دينها، واتبعت معها الأساليب والوسائل الصحيحة والمناسبة لدعوتها، ورغم ذلك لم تلق منها استجابة، وأصرت على موقفها الرافض لاتباع أوامر الله عز وجل، فثقْ –أخى الكريم– بأن المرأة التى لا تعظم شعائر الله وشرائعه، لن تعظم رغبات زوجها، ولن تكون مؤتمنة على بيت وأسرة وأبناء، فخير لك فى هذه الحالة أن تنفصل عنها دون تردد أو جزع، ولك فى غيرها إن شاء الله العوض، وما عند الله خير وأبقى، ومع الوقت سيخبو حبك لها حتى ينطفئ. واعلم يا أخى أن دوافع خطبة المرأة فى الإسلام ليس الجمال فقط، وإنما هو آخر الدوافع اعتبارا لمن أراد أن يبنى بيتا مسلما بحق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفرْ بذات الدين تربتْ يداك" رواه البخارى. والجمال يذهب ويزول، وينمحى جذبه وتأثيره سريعا، أما الاعتبارات الأخرى فهى الباقية، وهى الحاكمة فى علاقة الزوجين مدى الحياة. ولا تنس –أخى الحبيب– أن تستخير الله عز وجل، وتستشير من تثق بدينهم وعقلهم، وأسأل الله عز وجل أن يكتب لك الخير حيث كان، ويرضيك به.