الذى يتابع ما يكتبه بعض شباب "الإنقاذ" وغيرهم من نشطاء الفلول على مواقع التواصل الاجتماعى أو يقولونه فى حواراتهم وتصريحاتهم الصحفية والتليفزيونية يتخيل أن القيامة ستقوم يوم 30 يونيو، وان ثورة أضخم من ثورة 25 يناير ستحدث تقتلع اليابس والأخضر، وتنهى حكم "مرسى"، بل وتضعه ومساعديه وأنصاره فى غياهب السجون!!! إنهم يعلنون من الآن خططا لحرق القاهرة والمحافظات، ومع ذلك فهم فى مأمن من المساءلة، إنهم يتحدثون علنا عن إحراق منشآت خاصة وعامة رسموا خرائطها وطرق الوصول إليها، وإختطاف شخصيات سياسية من قيادات الإخوان و"الحرية والعدالة"، وتعطيل مرافق عامة مثل المترو وخطوط السكك الحديدية، والطرق البرية، والكبارى، وهم يتباهون بذلك سلفا، ويعدونه عملا ثوريا عظيما، مستشهدين بما حدث فى الأيام الأولى لثورة 25 يناير، متناسين أن ثورة يناير كانت ثورة حقيقية قامت بها كل طوائف الشعب المصرى وقواه السياسية الحية ضد نظام قاهر متسلط لم يصل إلى الحكم بطريقة مشروعة عبر صناديق انتخابات حقيقية على خلاف حكم الرئيس مرسى الذى وصل عبر إرادة شعبية حقيقية جسدتها صناديق شفافة تحت رقابة قضائية كاملة ومتابعة محلية ودولية يقظة، ومتناسين أيضا أن المحتقنين الآن من نظام الرئيس مرسى هم جزء من الشعب وليس كل الشعب، حتى لو جمعوا 15 مليونا من أوراق "تمرد"، فهناك ضعف هذا العدد يقف على الجانب الآخر، وهى النسب نفسها التى ظهرت فى استفتاء الدستور، وهو آخر استحقاق ديمقراطى كشف ملامح الخارطة السياسية فى البلاد. هناك إذن خطط حقيقية للقتل والحرق والتدمير، وهى معلنة عبر كل الوسائل، وحتى لو لم تعلن بهذه الطرق فإنها معلومة بالضرورة، فما من تجمع لهؤلاء النشطاء والفلول على مدار العامين الماضيين إلا كان العنف هو العنوان الأبرز له، وحتى الذين لا يشاركون فى العنف بأيديهم يوفرون له الغطاء السياسى الكامل، ورغم محاولات بعضهم التنصل من هذا الغطاء إعلاميا إلا أنهم سارعوا إلى مساندة المخربين ودعمهم قضائيا فى أثناء محاكمة بعض المنتمين إلى كتائب بلاك بلوك. لا يعنى التذكير بهذه المخططات الإجرامية إشاعة لروح الخوف واليأس، وقد يكون أصحاب هذه المخططات قصدوا ذلك، وقد يكون قصدهم دفع الجيش للنزول لمواجهة الفوضى المصطنعة، لكننى أقصد هنا التأكيد أن هذه المخططات ليست جديدة، ولكنها فشلت فى كل مرة، وستفشل هذه المرة كما المرات السابقة، وستحرق هذه النار الأصابع التى أشعلتها بالتأكيد. مسلسل الفشل لقوى الثورة المضادة يتواصل تباعا، سواء تم عبر عمليات عنف وقتل وتخريب وغلق منشآت، أو ما سمى بعصيان مدنى، أو عبر حملات لجمع توقيعات بعضها حقيقى وبعضها وهمى، بدأت بجمع توكيلات للفريق السيسى لإدارة شئون البلاد، ثم توكيلات للبرادعى، وأخيرا توقيعات تمرد التى تستهدف جمع 15 مليونا لسحب الثقة من الرئيس، وهى طريقة لم يرد لها نص فى دستور أو قانون، حتى وإن تكفلت الناشطة السياسية تهانى الجبالى بتوفير غطاء قانونى لها، والحقيقة أن من يجمعون هذه التوقيعات إنما يستهدفون توفير غطاء شعبى لجرائمهم التى يعتزمون ارتكابها يوم 30 يونيو، ولا أظن أن أحدا وقع على تلك الورقة (إلا قليلا) أراد منحهم هذا الغطاء لتخريب مصر ونشر الفوضى بها. وإذا كان أنصار الرئيس قد تمكنوا سابقا من إفشال مؤامرة اقتحام قصر الاتحادية وقدموا ثمانية شهداء دفاعا عن الشرعية حين تقاعست الأجهزة الأمنية، فإن واجب هذه الأجهزة أن تقوم بدورها الآن دفاعا عن الشرعية فى مواجهة عمليات التخريب الممنهج، حتى تجنب مصر والمصريين ويلات الاقتتال، وبحور الدماء.