المساحة المزروعة بالقطن بلغت هذا العام نحو 300 ألف فدان، وهناك مؤشرات تؤكد زيادة الإنتاج بما يسهم جزئيا فى سد النقص الذى تعانى منه شركات الغزل والنسيج التى توقف أغلبها لعدم وجود أقطان، الحكومة من جانبها اتخذت إجراءات لدعم المحصول وتشجيع الفلاح على زراعته، منها تحديد سعر ضمان بحيث لا يقع المزارع تحت رحمة التجار، فضلا عن توفير مبالغ مالية لتعزيز ميزانية صندوق دعم القطن. وتعمل وزارة الزراعة من خلال التوعية والإرشاد على النهوض بالإنتاجية ومساعدة الفلاح والاستعداد لاستقبال المحصول. الدكتور أحمد الجيزاوى -وزير الزراعة- أعاد تشكيل المجلس الأعلى للقطن، برئاسة الدكتور محمد عبد المجيد عبد العزيز، وضم ممثلين عن قطاعات الإرشاد الزراعى والخدمات الزراعية وإنتاج وفحص واعتماد التقاوى ومكافحة الآفات، والشركة القابضة للقطن والغزل، والجمعية العامة للإصلاح الزراعى، ورئيسى اتحادى منتجى القطن والكتان. ومهمة المجلس النهوض بالمحصول وتطوير البحوث ووضع حلول عملية لتسويقه وحل مشاكل تصنيع القطن للحد من تصديره كمادة خام، ويستهدف المجلس إحياء زراعة القطن وعودته ليتربع على عرش الأقطان فائقة الطول. وقال د. الجيزاوى: إنه سيتم العمل على إزالة المعوقات فى إنتاج القطن وتوفير مبلغ مليار جنيه لدعم صندوق القطن، يمكن من خلاله تسويق المحصول بدون أزمات، مع تفعيل دور الإرشاد الزراعى والحملات القومية للنهوض بالإنتاج من خلال الحقول النموذجية لتجربة الأصناف الجديدة وتفعيل الدورة الزراعية. وأضاف هناك دراسة لإنتاج أصناف جديدة من القطن لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، حيث إن الفدان يستهلك من 4000- 5000 متر مكعب مياها، مؤكدا أننا وصلنا بالتجارب الآن إلى استهلاك 1800 متر مكعب فقط عن طريق الرى بالتنقيط وتزرع فى المناطق الجديدة خارج الدلتا بالنوبارية، وتوشكى، وشرق العوينات لنقل القطن بعيدًا عن الدلتا، ومن خلال الزراعة فى تجمعات وتحقيق سعر ضمان للفلاح. منظومة المحصول وأوضح الدكتور محمد عبد المجيد عبد العزيز -رئيس مجلس القطن ومحاصيل الألياف والمحاصيل الزيتية- أن القطن ليس زراعة وإنتاجا فقط، وإنما منظومة متكاملة بدأت مشكلته عام 1994 عندما شرعت الدولة فى خصخصته وإلغاء بورصة تسويقه، ثم خصخصة شركات الغزل والنسيج. وأكد أن هناك حلولا لمشكلة القطن تتمثل فى تحديد سعر تعاقدى وتعزيز مهمة صندوق دعم القطن الذى يتولى سداد فروق الأسعار إذا زاد السعر العالمى عن السعر المحلى. ضعف الإنتاجية وقال الدكتور محمد عبد الحكيم القاضى -مدير المعهد القومى لبحوث القطن-: إن مصر كانت تزرع فى ثمانينات القرن الماضى 2، 5 ملايين فدان تناقصت فى التسعينات إلى مليون فقط ثم تراجعت عام 2012 إلى 240 ألف فدان وهذا العام زادت إلى 300 ألف. موضحا أن المحصول كان يتم تسويقه فى السنوات الأخيرة من خلال التسويق التعاونى حيث كانت الدولة هى المشترى الوحيد للمحصول من المزارعين من خلال التعاونيات – تحدد سعره مسبقًا – القنطار 450 جنيها وكان المزارع يورد القطن إلى الجمعية الزراعية مباشرة، ويحصل على مقدم سعر حسب الكمية، وبعد الفرز وتحديد الرتبة يحصل على باقى السعر، وهنا كانت الكارثة الحقيقية إذ أن الدولة كانت تحصل على القطن من الفلاح بمبلغ 450 جنيها وتعطيه لشركات الغزل بالسعر نفسه فى حين كان السعر العالمى فى هذا الوقت أعلى بكثير ويستفيد من فرق هذه الأسعار شركات الغزل والتجار على حساب الفلاح. وأضاف: عندما تم تحرير تجارة القطن منذ بداية 1995 بدأت المشكلة الحقيقية فى زراعة وإنتاج القطن لأن معنى هذا أن الدولة غير ملزمة بشراء المحصول من الفلاح بالإضافة إلى تحديد سعر القطن من خلال السوق العالمى –وهنا تكمن الخطورة– لأن أسعار السوق العالمية تميل إلى الثبات. وأشار" القاضى" إلى أن جميع أنواع القطن الذى يزرع فى مصر طويل التيلة، ولكن يقسم إلى 3 طبقات أصناف طويلة فى الوجه القبلى، والوجه البحرى وأصناف فائقة الطول والنعومة وهذه تزرع فى الدلتا مثل "جيزة 87 – وجيزة 88 وجيزة 92 وجيزة 93 ، أما الأصناف الطويلة فى الوجه القبلى فهى جيزة 80 – وجيزة 90 وفى الوجه البحرى فيزرع صنف جيزة 86 وذلك حسب طبيعة الجو والمناخ المناسب، وحسب مواصفات الصنف والنوع. الصحراء وأكد أن من أسباب عزوف الفلاح عن زراعة القطن الزيادة المطردة فى تكلفة إنتاجه وعدم تعويض فروق الأسعار وبسبب الزيادة السكانية أصبحت الأرض الزراعية فى تناقص ملحوظ وغير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى، وبالتالى كان لا بد من التخطيط للخروج إلى الصحراء لزراعة أرض جديدة. ويرى القاضى أنه حتى يعود القطن المصرى إلى سابق مجده لا بد أن تضاف مساحة 550 ألف فدان، مشيرا إلى أنه من الممكن زراعة القطن فى الصحراء على الرى بالتنقيط مع عودة العمل بنظام الدورة الزراعية. إستراتيجية متكاملة ويؤكد حسين إبراهيم -وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشورى- أن اللجنة تُولى محصول القطن رعاية خاصة لأهميته الاقتصادية من خلال وضع إستراتيجية متكاملة تهتم بإعلان أسعار ضمان للفلاح قبل الزراعة وتحديد الكميات المطلوبة للاستهلاك المحلى وكذلك التصدير والتى على أساسها يتحدد حجم مساحة الأرض المطلوب زراعتها، وذلك كله يتم بالتنسيق مع وزارة الزراعة. وقال: هناك اقتراح بعمل الدورة الزراعية، بحيث نبدأ بإلزام المساحات الكبيرة من الأراضى بزراعة جزء منها بمحصول القطن. غياب التنسيق ويرى الدكتور محمد ورد -وكيل نقابة المهن الزراعية- أن أزمة القطن ترجع إلى غياب التخطيط الإستراتيجى وعدم تحديد سعر ضمان للفلاح، بجانب غياب التنسيق بين وزارتى الصناعة والزراعة لتوفير احتياجات مصانع الغزل والنسيج من الإنتاج المحلى. وقال: إن هذه الأوضاع أدت إلى استيراد الأقطان قصيرة التيلة رخيصة الثمن وعدم وجود خطة واضحة لاستلام القطن من الفلاح، مما أدى إلى تراكم وتخزين كميات كبيرة من القطن.