سعر الذهب فى مصر.. الجنيه الذهب فوق 36 ألف بسبب زياددة الأسعار العالمية    محافظ الدقهلية يتفقد سوق اليوم الواحد لمتابعة الإلتزام بالأسعار المخفضة    صعود 9 قطاعات بالبورصة خلال جلسات الأسبوع على رأسها الخدمات التعليمية    إليك الأوراق المطلوبة وخطوات التقديم على شقق الإسكان الجديدة لمستأجري الإيجار القديم    ترامب قبل قمته مع بوتين: "الرهانات كبيرة"    وزير الخارجية: نتطلع لضغط أوروبى لوقف إطلاق النار فى غزة    غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة "دور ثانى" ووزارة التعليم تعلن عدد الطلاب    غارات مستمرة وتفجير منازل.. مجازر الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة لا تتوقف    بالأرقام.. «المركزي للإحصاء» يكشف أسباب انخفاض معدل البطالة    منال عوض: 30 يوما لحسم الموافقات البيئية على المشروعات دعما للاستثمار    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة بمسجد "التعمير" في قرية الخربة ببئر العبد في شمال سيناء (صور)    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    بسبب تداعيات الأمطار الموسمية| تحطم مروحية إنقاذ ومصرع جميع أفرادها في باكستان    يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي يستعد لمناورة جديدة في غزة الشهر المقبل    فيبا بعد تأهل منتخب مصر: يمتلكون كل المقومات في بطولة الأفروباسكت    الكوكي: طوينا صفحة الطلائع.. ونحذر من الاسترخاء بعد الانتصارات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    طاقم حكام مصري لمباراة كينيا وجامبيا بتصفيات كأس العالم    شريف العريان: نسير بخطوات ثابتة نحو قمة العالم استعدادًا لأولمبياد 2028    محافظ سوهاج: إزالة 579 حالة تعدٍ على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    مباحث رعاية الأحداث تضبط 15 شخص لقيامهم بإستغلال الأطفال فى أعمال التسول    غدا.. انكسار الموجة على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة    إصابة 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق مصر - الفيوم الصحراوي    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    «الزراعة» تطلق حملة لتحصين الماشية ضد «العترة سات 1»    «سلامة قلبك».. نانسي عجرم تساند أنغام في أزمتها الصحية    تفاصيل افتتاح مهرجان القلعة 33    حوار| محمد نور: لا مانع من تجربة المهرجانات.. وهذا سبب انفصال نادر حمدي عن "واما"    متحف الإسماعيلية يحتفي بوفاء النيل بعرض تمثال حابي إله الخير والخصوبة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 47 مليونا خدمة طبية مجانية خلال 30 يوما    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ماريسكا: جاهزون للموسم الجديد.. وتشيلسي أقوى من العام الماضى    أقوى رسائل السيسي عن آخر تطورات أزمة سد النهضة وحرب غزة    فابريزيو رومانو: مانشستر يونايتد يمنح الضوء الأخضر لروما للتعاقد مع سانشو    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما ب4 أفلام دفعة واحدة    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    الداخلية تضبط عصابة تستغل أطفالاً في التسول وبيع السلع بالقاهرة    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    حزب الله: قرار نزع سلاح المقاومة يجرد لبنان من السلاح الدفاعى    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أ.د. توفيق الواعي يكتب: هل بحث الأمة عن هويتها ورجوعها إلى أصالتها حقيقة؟ (22)

بحث المسلمين اليوم عن هويتهم شىء يدعو إلى التفاؤل والسرور، ويبشر بالخير والتقدم، لأن كل أمة لا تسود إلا بهوية، ولا تعلو إلا بثقافة وتميز، ولكن هل هذا شىء سهل المنال، وأمر قريب القطاف، أم أنه أمل يحتاج إلى عمل، ومشروع يتطلب أفعالًا وجهودًا، وبخاصة إذا كان هذا التوجه محاربًا فى الداخل والخارج، ومُعادَى عند السلطات القومية والقوى العالمية، والحقيقة أن هذه التوجهات المعادية مهما بلغت من قوة وأوتيت من شراسة لن تستطيع أن تمنع رغبات الشعوب، أو انطلاقات أصحاب المبادئ.
فهل هناك استعداد فعلى وإصرار نفسى عند المسلمين على ذلك، سواء كان المسلم فى الشرق أو فى الغرب؟ وهل أحس المسلم بحجم الضياع وعظم المهانة التى يتعرض لها فى العالم لضياع تلك الهوية؟ وهل شعر بذهول السلطات فى بلاده عن رعايته داخليا وخارجيا؟ وهل عرف فضل الإسلام الذى رفع العرب من ضِعة، وهداهم من ضلالة، وحضَّرهم من بداوة، وجعلهم سادة الأمم وقادة الشعوب؟ وهل أيقن يقينًا لا يخالطه شك أو يداخله ريب، أن الإسلام هو الذى بث الحضارة فى أنحاء المعمورة، وأخذ بيد تلك الأمم الأوروبية وقادها إلى نور العلم والمعرفة، ورادها إلى الطريق القويم فى تلك الصناعات والاختراعات التى تفخر بها وتدل، وتتيه بها وتشمخ، وأن تلك الحضارة الغربية اليوم قد خسرت كثيرًا بانحدار المسلمين، الذين كانوا سيخلصونها من أمراضها الروحية والنفسية القاتلة، وعللها الاجتماعية والأسرية والأخلاقية المدمرة، التى ترزح تحتها اليوم، وأن خسارتها بغياب الإسلام عن الساحة العالمية لا تعدلها خسارة مهما عظمت؟
وما أصدق قول الندوى فى ذلك حيث قال: (لم يكن انحطاط المسلمين أولًا، وفشلهم وانعزالهم عن قيادة الأمم بعد، وانسحابهم من ميدان الحياة والعمل أخيرًا، حادثًا من نوع ما وقع وتكرر فى التاريخ من انحطاط الشعوب والأمم، وانقراض الحكومات والدول، وانكسار الملوك، والفاتحين، وانهزام الغزاة والمنتصرين، وتقلص ظل المدنيات، والجزر السياسى بعد المد، فما أكثر ما وقع مثل هذا فى تاريخ كل أمة، وما أكثر أمثاله فى تاريخ الإنسان العام! ولكن هذا الحادث كان غريبًا لا مثيل له فى التاريخ، مع أن فى التاريخ أمثلة لكل حادث غريب).
لم يكن هذا الحادث يخص العرب وحدهم، ولا يخص الشعوب والأمم التى دانت بالإسلام، فضلًا عن الأسر والبيوتات التى خسرت دولتها وبلادها، بل هى مأساة إنسانية عامة لم يشهد التاريخ أتعس منها، ولا أعم، فلو عرف العالم حقيقة هذه الكارثة، ومقدار خسارته، وانكشف عنه غطاء العصبية لاتخذ هذا اليوم النحس -الذى وقعت فيه- يوم عزاء ورثاء، ونياحة وبكاء، ولتبادلت شعوب العالم وأممه التعازى، ولبست الدنيا ثوب الحداد، ولكن ذلك لم يتم فى يوم، وإنما وقع تدريجيا فى عقود من السنين، والعالم لم يحسب إلى الآن الحساب الصحيح لهذا الحادث، ولم يقدره قدره، وليس عنده المقياس الصحيح لشقائه وحرمانه، إن العالم، والإنسانية لا تشقى بتحول الحكم والسلطان والرفاه والنعيم من فرد إلى آخر من جنسه، أو من جماعة إلى جماعة أخرى مثلها فى الجور والاستبداد وحكم الإنسان للإنسان، وإن هذا الكون لا يتفجع، ولا يتألم بانحطاط أمة أدركها الهرم وسرى فيها الوهن، وسقوط دولة تآكلت جذورها وتفككت أوصالها، بل بالعكس تقتضى ذلك سنة الكون.
وإن دموع الإنسان أعز من أن تفيض كل يوم على ملك راحل، وسلطان زائل، وإن السماء والأرض لا تأسفان على هذه الحوادث التى تقع ويترك فيها هؤلاء سلطانهم: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ* وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ* كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ* فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} (الدخان: 25 29).
بل إن كثيرًا من هؤلاء الحكام والسلاطين والأمم كانوا حملًا وكلا على ظهر الأرض، وويلًا للنوع الإنسانى، وعذابًا للأمم الصغيرة والضعيفة، فقطع الزمان دابرهم فاستوجب ذلك الحمد والمنة: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 45)، ولكن لم يكن انحطاط المسلمين وزوال دولتهم وركود ريحهم -وهم حملة رسالة الأنبياء، وهم للعالم البشرى كالعافية للجسم الإنسانى- انحطاط شعب، أو عصر، أو قوم، فما أهون خطبه، وما أخف وقعه، ولكنه انحطاط رسالة هى للمجتمع البشرى كالروح، وانهيار دعامة قام عليها نظام الدين والدنيا، فهل كان انحطاط المسلمين واعتزالهم فى الواقع مما يأسف له الإنسان فى شرق الأرض وغربها، وبعد قرون مضت على الحادث؟ إنها لخسارة حقا أن يمنع وحى السماء عن عباد الله، وأن تسود الأهواء والعنصريات، ويعم الاستعباد والقهر من جديد، وترزح البشرية تحت نير النخاسة، وتساق كل يوم كالرقيق لتباع شرفًا وعِرضًا، وتقتل نفسًا وجسدًا، وتسحق إنسانيتها تحت الأقدام، وتعيش لبطنها وشهوتها، بدون أخلاق أو قيم، وقد شقيت كثيرًا بما استحدثته من صفات النفعية وأساليب النهب والعنف والتوحش فى السلوك والأفعال.
يجب أن يشعر المسلم فى الشرق أو فى الغرب أنه صاحب رسالة، وحامل دعوة، وأن مصيره ومستقبله وقيمته الحقيقية فى رسالته ودعوته ومنهجه، وأنه لا بد من أن يرتفع إلى مستوى تلك الرسالة، وأن يشعر بمسئوليته نحوها، وأنه لن يبلغ ذلك إلا بجد واجتهاد، وصبر وتضحيات، وارتفاع إلى مستوى العصر والوقت فى الأساليب والوسائل، يجب أن يأخذ مكانه فى الصف، وموقعه فى القيادة، وريادته فى المثل؛ حتى نُرى الدنيا الأفعال لا الأقوال، والأعمال الباهرة، والإبداعات القاهرة، والعقول الزاهرة، يجب أن ترجع إلى المسلم زعامته الخلقية، والإنسانية، والروحية، والعلمية، وأن يصحو من غفوته، وينهض من كبوته، ويملك زمام الحياة، ويتخطى كل المنافسات، ويجتاز كل العقبات، ويتمكن من الفوز، إذا أردنا أن ننقذ أمتنا ونسترد كرامتنا، ونرد الإنسانية إلى الجادة ونحفظها من مصير رهيب.
وقد يقول قائل: وكيف يكون ذلك؟ نقول: إذا آمنت بربك ثم برسالتك وعشت فى سرك وعلنك مع الله، وسموت على الزمان والمكان والأحداث، كنت فى مختلف الظروف أقوى وأكبر من كل الظروف، وسمعت قول الله: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران: 139)، {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج : 40).
نسأل الله ذلك.. آمين.. آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.