يبدو لى من ممارسات المسئولين عن العدالة فى بلادى أنهم غير راغبين فى إرسال رسائل طمأنة لعموم الشعب بأنهم جادون فى المضى قدما على طريق الإصلاح. فى كل مرة يمنحهم الشعب الفرصة لكى يطهروا ثوبهم بأيديهم، يأبوا إلا أن يماطلوا ويسوّفوا فى انتظار مقايضة أو صفقة سياسية ينجو بموجبها كبار القوم من المساءلة، رغم وضوح الأدلة وثبوت الجريمة وأدلتها فى آن معا. لا أعرف كيف يتجرأ بعض قضاة مصر على سلطتها التشريعية الراهنة، وهى وإن كانت مؤقتة إلا أنها شرعية ومنتخبة، بينما غيرها معين ومشكوك فى شرعية بعض أركانه ورموزه. هناك خلط كبير هذه الأيام ومحاولة لاختطاف القرار السياسى وجعل المحاكم التى أنشئت للتقاضى مكانا لإصدار قرارات سياسية وليست أحكاما قضائية يمكن الطعن عليها أمام دائرة أو دوائر أخرى. البعض يعتقد أن من حقه إسقاط قرارات الرئيس والسلطات المنتخبة، وهو ليس جهة اختصاص فى ذلك، وهذا البعض الذى يقول إنه سلطة مستقلة لا يجب التغول عليها يقوم هو بالتغول على سلطة التشريع فى بلادى دون وجه حق، ولكن بسلطان الإعلام المثير والمهيج والمدفوع بالرغبة فى الانتقام ليس إلا. البعض يعتقد أنه بمقدوره وقف آلة التشريع؛ لأنه لا يريد ذلك ولا يرغب فى أن يشرع المشرعون المنتخبون تشريعات تعيد إلى القضاء هيبته واستقلاليته ونزاهته، لكى يبقى وحده المهيمن على القضاء ويورثه مَن يشاء وقتما شاء. هذه الجرأة على الرئاسة تارة وعلى المؤسسة التشريعية تارة وعلى عموم الشعب التطاول على طبقة الشعب العاملة من خلال تصريح "الزند" الذى جاء فيه "كيف نقبل ابن غفير فى النيابة.. وكيف سيصدر أوامره إلى الضابط الذى هو أعلى رتبة من والده؟!". هل هذا كلام مسئول أو لائق اجتماعيا يمكن أن يصدر من رئيس النادى الاجتماعى للقضاة؟ هذا القاضى الذى يتكلم بلا وعى ويتحدث بلا مسئولية هو نفسه مَن استغاث برئيس أمريكا "أوباما"، واليوم يحقر من الشعب ومن المناضلين الذين بذلوا الرخيص والنفيس من أجل إكمال تعليم أبنائهم، بينما حين يفشل أبناؤه فى الدراسة الجامعية يكون فى القضاء مستقرهم الآمن ووظيفتهم المضمونة؟ ثم مَن هو حتى يقول مثل هذا الكلام الفارغ والمهين للمواطنين البسطاء؟! وكيف يثقون فيه وهو على المنصة يحتقر الناس ويميز بينهم على أساس طبقى مرفوض؟ لو كنت مكان مجلس الشورى لمضيت قُدما فى التحرك لمناقشة القانون، ولاستدعيت مئات الآلاف من القضاة الشرفاء، ولأهملت مَن يتخلف وتركته يعضّ أنامل الندم بعد أن يفوته قطار المشاركة فى أخطر تشريعات تعيد للثورة وجهها الجميل.. العدالة. د. حمزة زوبع [email protected]