تحركت الكاميرا نحوه وهو يتحدث إلى ولى عهده الأمين، وبدا وكأنه ينفذ تعليمات مخرج اللقاء على الهواء، هنا يبتسم وهنا يحرك يديه وهنا يومئ برأسه، ثم تبتعد الكاميرا فى حركة مفاجئة لتعطينا صورة واسعة للمشهد خلف القضبان موحية إلينا بأن المخلوع لا يعانى من أى شىء وأنه واثق من براءته. هذه هى الصورة التى رسمها إعلام الدولة الناقل الرسمى للمحاكمة! من المسئول؟!. فى المساء يظهر "الديب" على شاشة المحور مبشرا بقرب الإفراج عن المخلوع، وهو يرتدى أفخم الملابس ويجيد لغة الجسد وحركاته التى كانت كلها توحى بالثقة بالقضاء المصرى الشامخ والعادل، دون أن يُسمح لأحد بالتشويش على عبقرى المحاكمات الخاصة فريد الديب! يوم الأربعاء يخرج جمال سلطان، رئيس تحرير جريدة المصريون، معلنا براءة شباب القضاة مما يحدث فى مصر، وكتب مادحا فى بيان شباب القضاة الذين حمّلوا المسئولية عما حدث فى محاكمة المخلوع لمجلس الشعب الذى تم حله لأنه لم يقم بتعديل قانون العقوبات. ينقل "سلطان" عن شباب القضاة الذين ظهروا فجأة ولم نعرف عنهم سوى أنهم أبناء شيوخ القضاء ممن حصلوا على مقبول ضعيف فى الجامعة "الحقيقة أيها الشعب الكريم أننا منذ أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير ونحن نؤكد أن المحاكمات العادلة هى تلك التى تتم وفقا للقانون الوضعى المعمول به فى البلاد، وأن القانون الوضعى المصرى (العقوبات والإجراءات الجنائية) به أوجه عوار كثيرة تفيد الجانى وتضر بالمجنى عليه، ومن ثم كان من المتعين تعديله إن أردنا تحقيق العدالة، وهذا ما لم يحدث، بل إن ممن يملئون الدنيا صراخًا اليوم مَن كان يملك إجراء هذا التعديل أسفل قبة البرلمان المنحل طوال فترة قضيناها فى مشاهدة مشادات ومشاحنات وإجراءات غريبة على النظم البرلمانية العالمية ولم نشهد تعديل تشريع واحد يأتى بحقوق الشهداء على مدار ثلاثة أشهر حتى تم حله". يقول سلطان عن البيان "بيان القضاة الذى قلب الطاولة على رءوس الجميع كشف عن أبعاد من الأزمة حاول البعض إخفاءها عمدًا وسط غبار مصطنع للتشهير بالقضاء". إذن "سلطان" يلقى بالتبعة والتهمة على من حاولوا إخفاء أبعاد الأزمة أى البرلمان، ونسى أن شباب القضاة هم أبناء شيوخ القضاة وهم ليسوا مبرئين من الخطيئة لأنهم يقاومون الثورة والتغيير من خلال مهرجانات البراءة، وإلا فليقل لى أحدهم: لماذا يحاكم عبد الرحمن عز وطلبة "أحرار" بينما يفرج عن البلطجية، هل البرلمان هو من أفرج عنهم يا سادة؟!