قضى المهندس الشاب عبد الرحمن وهبة، أكثر من ساعتين للوصول لمقر عمله، ولأنه كان يقود سيارته فقد كان مجبرا للاستماع للإذاعة بما فيها من تقليدية، ففكر فى إيجاد بديل؛ فكانت فكرة "الكتب المسموعة"- أى تحويل الكتب المقروءة لمادة صوتية مسموعة- ووُفق بالفعل فى قراءة عدد من الكتب الإنجليزية، لكنه لم يكتف بذلك، وبحث عن بديل لمحتوى عربى مسموع، وهو ما دفعه لتنفيذ مشروعه "اقرأ لى". يقول م.عبد الرحمن وهبة - 29 سنة، مهندس كمبيوتر وأحد مؤسسى "اقرأ لى"-: "يقضى المواطن المصرى ما يزيد عن 100 ساعة سنويًا فى المواصلات، وهو ما يعادل سنة دراسية جامعية، وليس أمامه سوى اختيارين: إما أن يكون سائقا لسيارته أو مجرد راكب، وفى الأولى يستحيل أن يقرأ مادة مطبوعة، وفى الثانية قد يجد البعض صعوبة فى القراءة نظرا لحركة السيارة واهتزازها على الطريق، ففكرت فى توفير مادة صوتية تقرأ عددا من الصحف والأخبار والمقالات يُستمع إليها من الهاتف المحمول أثناء التنقل بالمواصلات". جرائد وكتب مجانا عرض "وهبه" الفكرة على صديقيه "رامى جمال، عبد الله إيهاب"، فرحبا بالفكرة وبدءوا فى التفكير فى وسيلة يصلون بها للمستمعين شريطة أن تكون مجانية، قصيرة، سهلة التداول والانتشار. وبما أن الكتب المسموعة قد تستغرق ما يزيد عن 8 ساعات فمن الصعب توفيرها للمواطن المصرى، خاصة أن ثقافة الكتاب المسموع جديدة على مجتمعنا وتحتاج إلى وقت للتكيف والتعود عليها، وبما أن خدمة الإنترنت أصبحت متوفرة على الهواتف المحمولة فقد قرر الشركاء الثلاثة أن يبدءوا مشروعهم بتحويل مقالات الرأى فى الصحف المصرية إلى مادة صوتية تُسمع من خلال موقع على الإنترنت. بدأ الفريق بتدشين الموقع بعنوان "اقرأ لى" www.iqraaly.com فى مارس 2011، واعتمدوا فيه على متطوعين يقومون بتسجيل مقالات الرأى بأصواتهم، على أن يتم اختيار من له صوت إذاعى ومخارج الحروف واضحة وسليمة، ولديه القدرة على القراءة باللغة العربية بشكل تفاعلى، وأخيرا أن يكون على دراية بالحاسب الآلى. يقول وهبة: ومع الوقت قررنا أن نتقدم خطوة إلى الأمام، ففكرنا بإعداد تطبيق يتم تحميله من الإنترنت على الهواتف الذكية الحديثة بحيث يكون فى متناول اليد وبنفس تكلفة استخدام الإنترنت فلن تكلف المستمع شيئا، واحتجنا أيضا لتوسيع نطاق تغطيتنا للصحف لتضم صحفا قومية وخاصة وحزبية كذلك، لكننا تعثرنا بعقبة التمويل حتى وفقنا الله بمستثمر مؤمن بفكرتنا وداعم لها وهو د. خالد إسماعيل. حدوتة مسلية فى منتصف عام 2012 تمكن فريق العمل من الاتفاق مع عدد من الصحف المصرية بتنوعها وتحول فريق المتطوعين لموظفين بشكل رسمى لضمان الاستمرارية وسرعة الإنجاز؛ يقول وهبة: "نسعى بقدر الإمكان أن نوفر حيادية للمستمع، فلا نميل إلى توجه دون آخر، وما تم توفيره من مقالات مسموعة هى من صحف تم الاتفاق معها بالفعل، وما زلنا نسعى لضم صحف أخرى لموقعنا. وتظل ردود أفعال القراء على صفحات التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" إيجابية للغاية، تقول مى مجدى -إحدى المشتركين على صفحة "اقرأ لى" على فيس بوك-: "الممتع فى المشروع أنه يجعل صوتك مليئا بالحياة ليشعر من يسمعك أنك تخاطبه هو ولا أحد غيره، فأداؤك الصوتى هو مفتاح المستمع لمقال الكاتب". ويقول عمر: "أنا مقاطع كل وسائل الإعلام لانحيازها، لكن أن تأتى لى مقالات الرأى دون أن أتصفح الصحف الإلكترونية بما تخلفه من إرهاق بصرى فهو إنجاز جدير بالتقدير والاحترام"، ويضيف محمد حسنى:" أحب أن أستمع للإذاعة، ومع (اقرأ لى) فإنى أختار ما أحب سماعه من المقالات وكتاب الرأى". بينما ترى سلمى نصر الله أن "المميز فى (اقرأ لى) أنه مع أصوات القارئين وأدائهم المميز تشعر أنك تستمع إلى حدوتة مسلية، حتى لو كانت الأخبار والمقالات غير ممتعة". اختر كاتبك تقدم خدمة "اقرأ لى" تنوعًا فى شكل المادة المسموعة، فتقدم جولات صباحية لعناوين الصحف، وكذلك جولات تلخيصية لعدد من المقالات، نشرة مرور، حكم ومقولات، ملخصات لكتب، مع إمكانية ترتيب المقالات وفقا لرغبات المستمع. ويشير عبد الرحمن وهبة: "بفضل الله تمكنا من عقد شراكة مع عدد من مكتبات دور النشر الكبرى المصرية، ونعمل على تدشين تطبيق الهواتف التى تعمل على نظام Windows 8، ويستمع لبثنا ما يزيد على 80 ألف مستمع، وبلغ عدد المشتركين على صفحة فيس بوك ما يزيد على 20 ألف مشترك، ومع ذلك فأحلامنا لم تنته؛ فما زلنا نحلم أن نفتح مجالًا رحبًا يسمح للناس بتوصيل أفكارهم بحرية عبر الأثير المسموع دون أن تعوقهم تكاليف باهظة أو مجهود شاق".