يجلس في سيارته الخاصة متجها من مصر الجديدة إلي التجمع الخامس.. كان المناخ قارس البرودة والضباب كثيف وسط زحام مروري خانق زاده حادث اصطدام سيارتين. استهل المهندس عبد الرحمن وهبة ابن ال29 ربيعا حديثه معنا, قائلا: زحام الطرق والساعات المهدرة يوميا في المواصلات ذهابا وإيابا, جعلتني أفكر في وسيلة نحول بها هذه النقطة السلبية إلي ناحية ايجابية, إذ إننا نفقد علي أقل تقدير نحو730 ساعة سنويا دون استفادة, وهو رقم مرتفع جدا يفوق عدد ساعات العام الدراسي سنويا. تابع وهبة: ولأني اعتدت القراءة منذ الصغر, وحال انتظامي في عملي بإحدي الشركات الخاصة دون تمكني من الاستمرار المنتظم في هوايتي, فقد سعدت حين سمعت عن موقع إلكتروني تابع لدار نشر أجنبية يقدم خدمة كتب مقروءة بالإنجليزية, وتذكرت حسبة الساعات الضائعة في المواصلات. بعد لحظات صمت, قال: لاحت لي في أفق الخيال صورة كبيرة ل مارك زوكربيرج( رجل أعمال أمريكي حقق ثروته من تأسيسه لموقع فيسبوك), ورحلة صعوده من مجرد فكرة نفذها.. وكانت الصورة مصحوبة بأصوات المسئولين المصريين, وهم يرددون في تصريحاتهم التلفزيونية: كل صاحب فكرة محترمة سنساعده علي النهوض بها.. فقط كل ما هو علي الشباب أن يجتهدوا ويقدموا الأفكار. يضحك مقهقها, يقول: كان ذلك عام2010 م, حيث نبتت لدي فكرة تقديم خدمة الكتب العربية المقروءة لكن علي الهاتف المحمول, ولأن ليس بمقدوري تنفيذها بمفردي فقد اتصلت بصديقي رامي جمال وعبد الله كمال وهما يعملان في مجال الهندسة.. صارحتهما بما يدور في خيالي, لقتل الملل والاستفادة من الوقت الضائع في أثناء رحلة المواصلات اليومية, وكذلك كسر حاجز الأمية الذي يمنع كثيرين من القراءة, وأيضا التربح من وراء الفكرة. بدأنا التفكير في التحديات التي قد تواجهنا, وكان منها تغطية التكاليف المادية من إيجار مكان وموقع تطبيقي علي المحمول وتصميم الموقع وضمان رواتب لمهندسين متخصصين وقارئين للكتب لمدة6 أشهر علي أقل تقدير, وشراء أجهزة, والحصول علي تصاريح وموافقات تمكننا من استغلال كتب الغير, وكيفية إقناع المستمع بالاستماع لكتاب في مدة زمنية لن تقل عن16 ساعة مع ضمان عدم تداول ما نقدمه دون تحقيق عائد مادي, في ظل أن المجتمع لم يعتد علي ذلك. يضيف: برغم سهولة الفكرة من حيث الشكل إلا أن التنفيذ لم يكن سهلا, إذ صدمنا من العوائق التي تحول بيننا وبينها, وأولها احتياجنا إلي مبالغ طائلة لا نملكهاس. التنفيذ, قال: لا أستطيع الإجابة عن تساؤلكم في الوقت الراهن لأسباب تتعلق بطبيعة سوق الأعمال, ويمكن القول إنها مرتفعة أكثر مما تتخيل, وفي أثناء المناقشة ألمح بأن استمرارها يحتاج في البداية لعشرات الألوف من الجنيهات. يضيف: في مارس2011 م, أصبح اهتمامنا الرئيسي هو الخروج بالفكرة إلي النور, بعد تقليص متطلباتنا إلي حد كبير, وأطلقنا عليها اسم أقرأ لي لخلق نوع من الحميمية بيننا وبين المستمع, وكانت البداية تصميم موقع علي الإنترنت مهيأ للتشغيل علي الموبايل بشكل سلس, مع السعي للحصول علي إذن من الصحف علي نشر المقالات صوتيا احتراما لحقوق الملكية, وضم5 متطوعين إلي جانبنا يقومون بتسجيل المقالات ويمتازون في قواعد اللغة ويملكون صوتا وأداء جيدا, والعمل علي تسويق الفكرة في مواقع التواصل الاجتماعي, ومحاولة الوصول لممولين لتطويرها. يأخذ نفسا عميقا, ويستطرد: وصلنا إلي يونيو2012 م, وبدأت ملامح الحياة تتغير, فقد وجدنا مستثمر في مجال التكنولوجيا والاتصالات يقبل بنسبة المخاطرة في مشروعنا, ويقتنع بالفكرة, ويتوافق مع متطلباتنا في تحقيق استقلالية وحيادية في اختيار المحتوي الذي نقدمه, ويكون شريكا بنسبة غير حاكمة. تابع, وهبة: كان دخول المستثمر دفعة للمشروع إذ شرعنا في تنفيذ الفكرة بشكل أكثر فاعلية, معتمدين علي ما حققناه طوال الفترة التي سبقتها من شراكة مع الصحف المختلفة قومية وحزبية ومستقلة, وتوسعنا في فريق العمل من المهندسين والمذيعين, وقمنا بتصميم تطبيق جديد علي الموبايل, والقيام بخطط بديلة في التسويق مع استهداف شريحة عمرية ما بين20 إلي45 سنة, والسعي لحصول علي مساندة مشاهير في دعمها, وعمل فيديو كارتون وبطاقات توزع علي كبريات المكتبات للتعريف بالمشروع. بحماسة, يقول: بعضنا ترك وظيفته الثابتة للتفرغ, وظللنا6 أشهر من العمل الشاق المتواصل حتي يناير2013 م, ليكون أول ظهور لنا في النور بالشكل الذي حلمنا به, بل أكثر منه, ومازال في الخطط الكثير, فاليوم أصبحنا نقدم مقالات كاملة مقروءة, بجانب ملخص لأهم المقالات, وعروض لملخصات كتب حديثة, ونشرات إخبارية, ومرورية, ومقولات مأثورة, وفي المستقبل القريب سنتوسع فيما نقدمه بشكل أقرب للمجلة المتنوعة وسيتوافر لدينا نشرة تكنولوجية, ورياضية, وأمور تتعلق بالمرأة, بجوار السعي لتوسيع مستوي الشراكات مع الصحف من المحلية إلي المستوي العربي. وعن عدد المتابعين والمشتركين ل أقرأ لي ونوعيات متابعاتهم, يقول عبد الرحمن وهبة: وصلنا لنسبة استماع نحو70 ألف مواطن ونعمل علي زيادتهم لنصف مليون, أما الأعلي والأقل في مقالات الكتاب من حيث الاستماع ليست ثابتة ويصعب تحديدها, ويمكننا القول في قائمة الأعلي بلال فضل وعمر طاهر وفهمي هويدي ومعتز عبد الفتاح, والأقل سعيد الشحات وأحمد الصاوي وإبراهيم منصور. حول المشروع وأهدافه أوضح الدكتور صفوت العالم الخبير الإعلامي أنه فكرة مضافة يحتاجها المجتمع وعشرات من أمثالها, يقول: لا يوجد شك أن هناك نسبة من الجمهور اليوم في ازدياد مع التعامل التكنولوجي والإلكتروني, وعلي الشباب القائمين علي أقرأ لي توظيف ذلك بالعمل علي التوسع في إعلام الجمهور بمضمون الفكرة ومحتواها, ولو بنوع من استطلاع الرأي بخاصة أن قائدي السيارات قد يرتبك أداءهم في القيادة وهم يستمعون للمقالات والموضوعات المقدمة التي تحتاج لإنصات. وبالنسبة لمدي تأثير مشروع أقرأ لي علي الصحف الورقية, يقول: نحن نتدرج في تكثيف العامل الإلكتروني, والفكرة أداة داعمة, فالوضع اختلف ولم تعد القضية قضية صحف ورقية, بدليل قيام الصحف ذاتها بعمل البوابات الإلكترونية للتواجد بين القراء, وجمهور الورقي سيظل علي حاله خاصة أبناء جيل الستينيات وما قبلهم لوجود علاقة ثبات وتعود.